صفحات سورية

المعارضة وحماية المدنيين والوضع السوري


غسان المفلح

في خضم الحدث السوري، الذي فاق كل التوقعات من حيث أمرين أساسيين: الأول حجم الجرائم التي ارتكبت من قبل أجهزة النظام السياسي الأمني التشبيحي، بحق شعبنا وشبابنا، أعداد الشهداء والمعتقلين والمدن التي نهبت ونكل بأهلها، هذا فعلا فاق كل التوقعات خاصة للذين كانوا يراهنون على أن هذا النظام يمكن اصلاحه، أو كانوا يصرون على ان الطريقة الانسب للتعامل مع هذا النظام هي الحوار، وكانوا يكثرون من الدعوات لقيام مؤتمر وطني عام. هذا الأمر الأول. اما الأمر الثاني فهو مرتبط بالأول بشكل ملفت للانتباه، حيث كلما اوغل هذا النظام بجريمته كلما أعطي فرصا من قبل القوى الدولية والإقليمية، وبعضا من معارضة متنوعة، تحت مسميات مختلفة. إن اتضاح صورة كم هو هذا النظام مدلل عند الغرب والشرق والدليل أن إسرائيل وتركيا وإيران تدعمه معا، ولم يشاهد المرء صمتا وتواطأ عربيا مع هذا الاجرام كالذي حدث مع شعبنا…واتضح أيضا أنه مدلل عند إسرائيل أكثر من أي نظام عربي آخر، من الذين سقطوا أو من الذين لايزالون على قيد السقوط، والاطرف في حكايتنا السورية، أن هنالك من يدعي المعارضة يصب جام غضبه على المعارضة من أنها مسيرة من قبل إسرائيل!! التي سعت على مدار كل العقود الماضية ولاتزال، من أجل ألا يصل صوت المعارضة السورية إلى أي محفل دولي صغر أم كبر، ولا تصدقوا مطلقا أن معارضة الخارج أو الداخل هي من أوصلت صوت شعبنا في هذه الفترة، بل هو دماء شبابنا وضخامة الجريمة المرتكبة من هذا النظام. ونشكر القنوات الفضائية التي كانت هي التي مع شبابنا مراسليها من قلب الحدث تنقل ما يجري.

قال لي صديق يساري فلسطيني من عرب 48 أي عرب إسرائيل، إن بعض الإسرائيليين يضحكون عندما يسمعون أن النظام السوري يتهم معارضته بأنها صنيعة إسرائيل…

دماء شبابنا فتحت أفقا سياسيا جديدا في العالم وإمكانية تغيير المعادلات الدولية التي تعاملت مع هذا النظام على مدار العقود الاربعة الماضية رغم ما يرتكبه من جرائم بحق شعبنا وشعوب المنطقة. هذا الأفق قد عبر عنه شبابنا الثائر من أجل حريته وكرامته، بأنه يريد إسقاط النظام بشخوصه وعلاقاته، من أجل قيام سورية مدنية ديمقراطية تعددية. ولكن من جهة اخرى بعد مرور خمسة أشهر على الثورة ومايرتكبه النظام من جرائم، وجد قسم لا يستهان به من شعبنا أنه بات بحاجة لحماية دولية. ورفعت شعارات في التظاهرات تطالب بحماية دولية للمدنيين. لكن لاتزال معارضتنا الكريمة، تأنف أن تفكر بهذا الأمر، لكنها بالمقابل تتقاتل من أجل مجلس انتقالي تمثيلي!! إذا كان هذا المجلس لا يستطيع عمل أي شيئ من أجل حماية المدنيين، فلا فائدة منه ويتحول إلى وقت ضائع..بغض النظر عما يقال وعما يكتب، وعما يفتح من سوق مزايدات حول هذه النقطة، من أنها مطالبة بتدخل أجنبي!!

 نسألهم ما هو البديل وكيف يمكن حماية المتظاهرين السلميين، يقولون باستمرار التظاهر السلمي حتى سقوط النظام..ثم نسألهم كيف؟ لا جواب. لهذا نجد أن التجربة قد علمتنا أن هذا النظام، لا يتعامل إلا وفق منطق القوة..مع ذلك إننا نرفض التدخل العسكري الدولي سواء من الناتو أو من غيره، لكن يمكن لنا المطالبة بقرار من مجلس الأمن وفق البند السابع، يجبر هذا النظام على استقبال مراقبين دوليين ووسائل الإعلام العالمية، ومنظمات إنسانية من أجل حماية المدنيين ونقل صورة حقيقية عن الجريمة. هل يحتاج هذا الأمر لكل هذه المزايدات؟ التي نشاهدها يوميا من قبل معارضتنا الكريمة؟ هنالك فارق كبير جدا بين مراقبين دوليين حياديين وبين تدخل عسكري يطالب به بعض معارضتنا، وهم لايزالون أقلية في الواقع، رغم أن الأمور تسير باتجاه تحقيق مطلبهم بفعل تعنت القسم الآخر من المعارضة، وبفعل أن النظام مستمرا في جريمته حتى النهاية. أعطونا حلولا عملية!

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى