صفحات العالم

النظام السوري يلفظ أنفاسه الأخيرة

 


فؤاد التوني

“لعن الله ساس ويسوس وسائس وكل مشتقات السياسة ” جملة قالها الإمام محمد عبده منذ عدة عقود، نسمعها ونراها تتحقق على الأرض دائما، فالذين يشتغلون بالسياسة يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة، وما يحدث في سوريا من قتل وتدمير طال كل شيء حتى الأطفال سقطوا ضحايا الطغيان والتمسك بسلطة زائفة ستنتهي مهما طال الزمن، ها هو الطفل حمزة الخطيب الذي لم يتجاوز الثلاثة عشر ربيعا،‏ يقع في أيدي من لا يعرفون رحمة ولا شفقة من جيش جبان يستقوي على بني وطنه ولا يجرأ أن يوجه رصاصة للعدو الحقيقي الغاصب لأرضه، كل ذنب هذا الطفل انه حاول اختراق الحصار ليأتي بالطعام لأهله المحاصرين في درعا، قبضوا عليه، عذبوه لم يرحموا ضعفه، لم يستجيبوا لتوسلاته، حولوا جسده النحيل إلى بؤر مشوهة بالكدمات، لم يتركوه سوى جثة هامدة مشوهة.

هذه الفعل الوحشي أشعل الغضب في نفوس السوريين الأحرار، وأشاع استشهاد “حمزة الخطيب” نورا في كل سوريا، يضيء للسوريين الطريق نحو الحرية، فقد سقط “بشار الأسد” ونظامه، ولن تبرد دماء ألاف الشهداء حتى يتخلص الشعب من هذا النظام الجاثم على أنفاسه، والقصة شبيهة بقصة “خالد سعيد” الذي تعرض للتعذيب والقتل على أيدي الشرطة المصرية، فأشعل شرارة الثورة.

ما أشبه اليوم بالبارحة، فقبل نحو سبعة عقود اهدي أمير الشعراء “أحمد شوقي” قصيدة لشهداء دمشق بعد جلاء الاستعمار الفرنسي عن سوريا في ربيع عام 1946 ومما جاء فيها:

سلام من صبا بردي ارق..ودمع لا يكفكف يا دمشق

بلاد مات فتيتها لتحيا..وزالوا دون قومهم ليبقوا

وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق

جزاكم ذو الجلال بني دمشق..وعز الشرق أوله دمشق.

لو كان شاعرنا احمد شوقي يعيش بيننا اليوم، ماذا بوسعه أن يقول، وهو يرى الدماء تسيل على أيدي جبابرة النظام، تحدث شوقي عن ضحايا سقطوا شهداء وهم يقاومون بطش الاحتلال الفرنسي، لتفتح دمائهم الذكية باب الحرية والاستقلال، اليوم لأي هدف يقتل الجندي السوري أخوته من بني وطنه المطالبين بأبسط حقوقهم في العيش بكرامة وحرية وعدالة، وللأسف لا يريد أن يفهم النظام السوري أن حصار المدن وقصفها واقتحامها وقتل أهلها وتعذيب الأطفال والنساء وكبار السن والشباب سيزيد السوريين إصرارا على تحقيق مطالبهم، وأولها إسقاط نظام الأسد بعد أن كشر عن أنيابه وازاق الشعب ألوان العذاب.

فشل الجيش السوري بعد ثلاثة أشهر من الانتفاضة في وأد الثورة في مهدها في درعا، كان يتخيل أن درعا ستكون عبرة لبقية المدن السورية، لكن شرارة الثورة امتدت لتشمل جميع محافظات وبلدات وقرى سوريا، ففقد النظام عقله وراح زبانيته يعيثون فسادا في الأرض بعد أن جرى حديث عن أنه يتلقى الدعم من إيران، يحكي عسكري سوري يدعى “ثروت فيضو” بعد انشقاقه وهروبه من الجيش السوري لموفدة أخبار الآن إلى الحدود التركية السورية “أن إيرانيين يقاتلون مع الجيش السوري، وان الجيش يدفن القتلى والجرحى معا في مقابر جماعية” غير أن الطغاة لا يتعلمون أبدا أن الليل مهما طال لابد من بزوغ الفجر، وان السيف المسلط على رقاب شعوبهم سيرتد إلى نحورهم عندما تأتي ساعة الحساب وفي مبارك ورموز نظامه عبرة.

أين المدافعون عن نظام مبارك الآن، اختفوا، لن تجدي نفعا الأكاذيب التي يطلقها المستفيدون من نظام بشار الأسد، لا يصدقهم احد حين يصفون المحتجين بأنهم مجموعة من العصابات والمندسين، وان سوريا تتعرض لمؤامرة كونية، ولا ندري هل العصابات الإرهابية منتشرة في كل أنحاء سوريا؟ وأين كانت هذه العصابات المزعومة في بلد تحكمه منذ عشرات السنين أجهزة مخابراتية تحصي علي الناس أنفاسهم؟، لن يصدق احد أن هذه العصابات هي تقتل نحو ألفي سوري، وتسببت في تهجير أكثر من عشرة ألاف إلى الحدود مع تركيا، إن ما قاله شوقي عن المستعمر في قصيدته الدمشقية قبل عقود يصدق علي طغيان الحاكم، لقد سقطت كل الأكاذيب وسيحاسب الشعب السوري البطل كل من شاركوا في اختلاقها والترويج لها والسكوت عليها، وسيحدث هذا قريبا، فقد أوشك النظام السوري على أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

إعلامي مصري

ايلاف

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى