صفحات سوريةعماد عزوز

الوجه الإعلامي للنظام بين رداءة المستوى وغياب المصداقية

 


عماد عزوز

كحال أي بلد يتم تسليط الضوء عليه بسبب مايمر به من أحداث متسارعة حيث المظاهرات اليومية تنتشر في كل المدن وحيث القتل والإعتقال هو المشهد اليومي,يكون الإعلام هو الممثل الرسمي للنظام خارجيا وداخليا.فهل مانراه من إعلام يمثل النظام السوري هو المرآة العاكسة للصورة على أرض الواقع أم أن النظام وبسبب تسارع الأحداث لم يستعد بعد لهكذا تجربة كانت شبه مفقودة في أجندته.

يصعب مشاهدة القناة السورية المتعلقة بالأخبار التي تحولت إلى قناة درامية أيضا تأثرا بقناة الدراما, والتي ورغم محاولات التحسينات التقنية فيها لاتزال قناة لايستطيع أي مواطن حتى لو كان مع النظام أن يتابعها لفترة طويلة لأنها لاتزال تعيش في عقلية التركيز وتأليه الرئيس تماما كما كانت عليه على مدار الأربعين عاما كأن شيئا لم يحدث في الشارع السوري, ولأنها لاتظهر ولاتعطي المجال للرأي الآخر وذلك مهما كانت صورته ودرجة الخلاف معه, بمعنى أنهم يبتعدون عن المهمة المهنية لرصد الشارع بكل تلاوينه .

المصدر الثاني للإعلام هو وزارة الإعلام نفسها والتي غابت بشكل كامل وكأن وزير الإعلام في إجازة طويلة رغم أنه من إختيار النظام نفسه.

في هكذا أحوال نجد أنفسنا مضطرين للبحث عن تلك الوجوه الإعلامية التي يوافق عليها النظام لتمثيله إعلاميا في هذه المرحلة الدقيقة كما يصفها.من أهم وأول الوجوه التي ظهت بعد المظاهرات كانت بثينة شعبان مستشارة الرئيس وفي كلتا المرتين التي ظهرت فيها قبل خطاب الرئيس حاولت تهدئة الشارع عبر الوعود بإصلاحات وعبر التركيز على ماسيقوله الرئيس في خطابه وماسيعلن فيه من تغييرات جذرية. وبما أن التغييرات لم تأتي والوعود طال انتظارها بدا كلام شعبان كله لاقيمة له في الشارع لدرجة بدا كلامها مناقضا للواقع وربما هذا مايفسر غيابها إعلاميا ولأسباب نجهلها حتى الآن.

الشخص الإعلامي الذي برز ايضا كانت سميرة المسالمة التي كانت أكثر عقلانية رغم أنها حاولت التأكيد طوال فترة ظهورها الإعلامي على أنها بنت النظام وموالية للعظم له, لكنها غابت عن الساحة بعد قرار فصلها من رئاسة تحرير جريدة تشرين لأسباب يعرفها الجميع وذلك بعد تحميل النظام بعض المسؤولية عما يحدث.

وجه آخر بدا ضعيف المستوى ومقززا في استعمال المصطلحات هو فايز الصايغ والذي بدأ بسب قناة ال bbc

حيث وفي مقابلة مع القناة نفسها توجه للمذيع وبصراخ فاقع بالقول عليك سماعي وليس فرض رأيك علي فأنتم من اتصلتم بي وليس أنا وهو يقول ذلك بعد أن انزعج من انتقاد القناة له.

الوجه المهم الذي برز بشدة إعلاميا هو أحمد الحاج علي والذي يتغنى بأنه أحد منتقدي النظام وأنه مع حق الناس في التعبير والتظاهر لكن أن تمس التظاهرات شخص الرئيس والنظام فإنناسنقول – والكلام له- لا وألف لا وهو هنا يبرر ويشرعن للحملة الشرسة التي قام بها النظام على بانياس وقبلها درعا ودوما لأنهم نادوا بإسقاط النظام, وبهذا يبدو الحاج علي أقرب على تمثيل النظام وشروطه لأي تصور مستقبلي في حال استمرار التظاهرات.

ينطلق النظام من تصور يبنى على جملة من التنازلات شبه الوهمية والتي قد يحضر لها في الفترة القادمة ان كبر حجم التظاهرات شريطة أن لاتطال وجوده ككل والذي يرتكز على أبدية الرئيس الذي بويع بالدم وإلى الأبد وعلى سيطرة حزب البعث على الدولة حيث للحزب 51% من الأصوات ومهما كانت الظروف, وعلى عدم المساس بالأشخاص القلائل والذين يملكون الدولة ككل والذين أشتهروا بالفساد الفاقع.

إن أي صوت سيدخل حرمة المحرمات الثلاث هذه سنجد صوت أحمد الحاج على وصراخه يعلو في القنوات الفضائية بينما تمضي قوى الأمن على الأرض بحصار وقتل وترهيب لامثيل له وليعلم أهل درعا الذين حطموا تمثال الرئيس وطالبوا بمحاكمة ماهر الأسد ورامي مخلوف أنهم مسوا هذه الحرمات وليعلم أيضا أهل بانياس ذلك.وليعلم كل من تخول نفسه التفكير بذلك أن تهما مضادة وسريعة المفعول جاهزة للإستعمال ليس أقلها تهمة التآمر أو الخيانة.

هذه رسالة موجهة للجميع متظاهرين كانوا أم موالين للنظام, فهل يجرؤ أحد على إعلاء صوته وعلى المساس بهذه الأسس أو قول كلمة حق دون أن يفصل من عمله او يعتقل؟ هل يستطيع أحد الإعلاميين القول أن سوريا هي الوحيدة في العالم حيث فيها رئيس إلى الأبد وأن من حق اي شخص أن يطالب بتغيير الرئيس وهذا ماهو بديهي في كل أنحاء العالم؟ هل يجرؤ الإعلاميون على المطالبة بمحاسبة الفساد؟

جملة من الأسئلة لاأعتقد أننا سنجد الأجوبة عليها عند إعلامي النظام لأنهم وببساطة لن يجرؤوا على ذلك.

عماد عزوز

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى