صفحات الناس

مدارس المخيمات السورية: ملاذ للطلاب من التطرف/ عمر العبد الله

 

 

يعيش السوريون في مخيمات النزوح داخل الأراضي السورية حياة مزرية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تشبه في بعض جوانبها حياة البشر في القرن السابع عشر او الثامن عشر، حياة تخلو من غالبية مقومات الحياة الأساسية لا كهرباء ولا تعليم ولا صحة؛ فقر مدقع وحاجة لكل شيء ابتداءاً من ماء الشرب الى اللباس الى التعليم وصولاً إلى العلاج.

لا يختلف مخيم باب السلامة على الحدود السورية التركية كثيرا عن باقي المخيمات على الرغم من الدعم الكبير الذي تلقاه من الكثير من الجمعيات الخيرية، لكن واقع التعليم في المخيم يتطابق في كثير من جوانبه مع بقية المخيمات لناحية افتقار هذه المخيمات الى البنية التحتية المناسبة لتنفيذ عملية تعليمية تساهم في انقاذ جيل من السوريين من الضياع.

ابراهيم (8 أعوام)، طالب ابتدائية في مدرسة مخيم باب السلامة في الصف الثالث، يعيش في المخيم مع عائلته منذ ما يقارب سنة ونصف السنة بعد نزوحهم من حي مساكن هنانو في مدينة حلب، يذهب صباح كل يوم الى المدرسة واضعاً دفاتره الممزقة وكتبه التي شربت من مياه الأمطار في حقيبة بلاستيكية.

يقول ابراهيم أنه يتمنى أن يمتلك حقيبة مدرسية جديدة تشبه حقيبته التي تركها في منزلهم عندما نزحوا، وينكر سعادته في الدراسة فهو لا يحب المدرسة لأنه لا يوجد فيها ساحة للعب مع الأطفال، كما أنه لا يرغب في الذهاب الى المدرسة لأنه لا يحب المعلمة التي تشرف على صفه.

“المدن” زارت المدرسة، وقابلت مديرها، عبد القادر، الذي قال إن المدارس في المخيمات تعاني من الكثير من المشاكل أبرزها قلة الكادر التدريسي، إضافة الى أن “العاملين في المدارس داخل المخيمات هم متطوعون بغاليبتهم لا يتقاضون أجراً ولا نستطيع إلزامهم بالعمل دائماً”. ويشتكي الأستاذ عبد القادر من عدم القدرة على تأمين احتياجات المدرسة الرئيسية كالتدفئة والكتب والقرطاسية، لكنه في الوقت ذاته لا يحمل إدارة المخيم مسؤولية ذلك بسبب الاحتياجات الكبيرة للمخيم، ويقول إن الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني وأصدقاء سوريا هم من يتحملون هذه المسؤولية، لأن “هناك جيلاً كاملاً يضيع الآن والعالم يتفرج عليه”. وأضاف “نحتاج إلى وقف إطلاق النار ووقف استهداف المدارس في الشمال، يجب على العالم مساعدة الأطفال ووقف اعتقالهم وقتلهم وتشريدهم، جزء من هؤلاء الأطفال يتجه الى الجماعات المسلحة بحثا عن المال والحماية، جزء منهم قد يتحول الى متطرفين ومسؤولية حماية هؤلاء الأطفال تقع على عاتق من يدعون أنهم أصدقاؤنا”.

والدة ابراهيم تقول إنها غير راضية عن المدرسة، لكنها الخيار الوحيد أمام ابنها لكي يتعلم، فهي لا تريد لابنها أن يكون أميّاً كما كان والده الذي قتل في قصف بالبراميل استهدف حي مساكن هنانو. وتؤكد لـ”المدن”: “أريد لابني أن يكون إنساناً ناجحاً، لا نستطيع النزوح إلى تركيا وحتى لو نزحنا ماذا سنفعل هناك وكيف سنعيش او سنأكل؟”.

هذه المعاناة تنطبق على عشرات أو مئات الأطفال في مخيم باب السلامة، أما في مخيم قرية الشهداء، أو ما يعرف باسم المخيم القطري في قرية شمارين، قامت منظمة بناء بالتنسيق مع منظمة “اي اتش اتش” التركية ببناء مدرسة وتجهيزها بكامل احتياجاتها.

في هذا السياق، قال مشرف المخيم، معاذ (طلب عدم ذكر اسمه الكامل) إن المدرسة كانت ضرورة للمخيم، خاصة أنه مخيم للعائلات وغالبية هذه العائلات لديها أطفال بحاجة الى التعليم، وأضاف أن هناك داعمين آخرين ساعدوا بتأمين الكتب والقرطاسية للمدرسة.

في إدلب الوضع يشبه مخيم باب السلامة، فلا يوجد فرق كبير بين مدارس المخيمات في ادلب ومدارس المخيمات في شمال حلب. تقول أم علي، وهي أم لـ3 أطفال في مدرسة مخيم عابدين في ريف خان شيخون جنوب ادلب، إنها تفضل أن يذهب اولادها الى المدرسة على الرغم من وضع المدرسة السيء، ولا تريد لهم أن يذهبوا الى المراكز والمعاهد الشرعية التي أنشأتها الفصائل الاسلامية في المنطقة.

وتضيف لـ”المدن”: “لا أريد أن يكون أولادي دواعش في المستقبل، لا أريدهم أن يكونوا متطرفين، مهما كان الوضع سيئاً في المدرسة لن أسمح لهم بالذهاب الى المعاهد الشرعية”. وتشرح وضع المدرسة التي يذهب أولادها إليها في المخيم قائلة إنها كانت مدجنة استخدمت كمدرسة من دون تدفئة أو نوافذ أو أبسط مقومات المدرسة، وتشير إلى أنهم زاروا “المجلس المحلي في خان شيخون وأكدوا لنا أن متبرعين من سكان البلدة تبرعوا للمجلس بمبالغ مالية من أجل شراء مدافئ وتركيب نوافذ للصفوف في المدرسة، وأن عملية الشراء قد تمت فعلاً وسيقوم المجلس بتركيب المدافئ والنوافذ في العطلة الأسبوعية”.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى