صفحات الثقافةمحمد ديبو

الأحرارُ الأحرار

 


نص/ محمد ديبو

إلى الشهداء الذين سقطوا: نجما نجما

في عهد اليونان أطلقوا علينا اسم البرابرة

في عهد الرومان أطلقوا علينا اسم العبيد

وفي العهود الإسلامية الأولى: الخوارج والمرتدين

وفي عهد الأمويين: المعتزلة

وفي العهد العباسي: الموالي والبرامكة

وفي العهد الآيوبي: الحشاشين والقتلة

وفي العهود الحديثة: الإرهابيين والبلطجيين والسلفيين والملتحين والمندسين والمنشقين والهراطقة والزنادقة ومدمني البالتان والجرذان والموتورين والعملاء والخونة والجراثيم والخلايا النائمة والأجندة الخارجية…

***

نحن المهدور دمهم على مذابح السلطات، الملعونون حد الرجم، الممسوسون بفضاء الحرية وعبث الموت.

نحن المهووسون بميلاد قادم، المحكومون بالأمل دوما، الصانعو مجد الإنسانية.

نحن الممحونون بحرية الريح، الصابرون على موتنا، الحاملون نعوشنا ضوءا.

نحن المولودون أمس، المولودون الآن، المولودون غدا..من دم يضيء على الطرقات

نحن القابضون على جمرنا، الهالكون وهم يضحكون، الفائزون وإن خسروا!

***

رغم كل الأسماء والنعوت، يعلم زوار الفجر مدى قوتنا حين ننهض من نومنا الطويل، ويعلم البصاصون أن نومنا ليس إلا تحايلا، وتدرك الخفافيش التي أحصت أحلامنا أننا لا ننام إلا لننهض على أفولها.

***

عبر الدهور والآذال، شكّل الطغاة والبغاة والقُواد والسماسرة والتجار والأباطرة والملوك والقياصرة والرؤساء والعواهل والأمراء، الكثير من الأجهزة والمؤسسات والسدود للجمنا وإيقاف تدفقنا في نهر الحرية..

تغيّرت صيغهم وأسماءهم وألوانهم: البصاصون والأعين والمكتب الثاني والخامس والسادس والجستابو والكي جي بي والسي آي آي، والموساد والشين بيت، والمخابرات والأمن والسريون والسيكوريتاتيا والشاباك…

اخترعوا أبو غريب وغوانتامو والباستيل وتدمر وصيدنايا وأبو طرة وأبو زعبل….ولم يفهموا أن السجون لا تزيد الأحرار إلا حرية.

استوردوا الكرسي الألماني والدولاب والكرباج والشبح والسلم والكهرباء وقلع الأظافر وثقب الأذنين والاغتصاب، واخترعوا أساليب أخرى، ذات ماركة وطنية للتعذيب، ممهورة ببراءة الخوف ونكهة الحقد…ولم يدركوا أن “تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن”*

أقلقوا التاريخ بمجازرهم، والشوارع بدمنا، والسجون بعذاباتنا، والليل بصدى حناجرنا…

ونحن نحن

لم نتغير منذ ثورة العبيد حتى أطفال درعا

لنا اسمٌ واحدٌ لا يتغير،لا يتبدل

اسمٌ واحدٌ منذ الأزل وإلى الأبدْ

اسمٌ: قديمٌ، أبديٌّ، أزليٌّ، واحدٌ، فردٌ، صمدْ

اسمنا: الأحرارُ الأحرارْ

ولنا هدفٌ واحدٌ، فردٌ، صمدْ:

الحرية والحرية والحريةْ.

تمت/ دمشق/ 13/6

*من قصيدة للشاعر العراقي مظفر النواب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى