صفحات سورية

برقية عاجلة إلى نشطاء الانتفاضة السورية


ماجد هديب

أعلم بأن عظم الموقف الذي أنتم فيه وشدة آلامكم بفعل وحشية النظام ودمويته أكبر بكثير من مجرد برقيه تضامنية من شعب لاقى كما أنتم من نفس النظام صنوف العذاب وأبشع أساليب القتل والملاحقة, وأعلم أيضا بأنكم كنتم وما زلتم أكثر شعوب الأرض صبرا واحتمالا على ظلم طالما اكتويتم به باسم شعارات الصمود والتصدي الزائفة, وأنكم انتم لا غيركم كنتم أكثر إدراكا بأن صمود هذا النظام ما هو إلا استمرارية أجهزته في القتل وكبت الحريات ووحول أزلامه في عمليات سلب الوطن ومقدراته ونهب المواطنين والتعدي على كرامتهم , وما تصديه إلا التصدي لكل فعل صادق ضد إسرائيل وكيف لا وهو الحامي لها والمانع لأي اعتداء على مستوطناتها حيث أن الأمن الذي ينعم به مستوطنو جولانكم المحتل إلا دليل على قوة امن اليهود السياحي بفعل أدعياء الصمود والمقاومة وزيف شعاراته, ولكن ما أود أن تعلموه وأن يكون لديكم الثقة الراسخة به بأن الشعب الفلسطيني بكل طبقاته وفئاته وشرائحه مع ثورتكم ليست لأنها الصادقة والنابعة من ظلم ومعاناة طالت لأكثر من أربعين عاما فقط ,بل لان ثورتكم دون غيرها هي من ستصحح مصير العمل العربي المشترك وستعيد أمجاد شعب طالما افتخرنا برجالاته على مر العصور وقبل أن يستطيع الأسد بانقلابه وأدواته المنفلتة والمسعورة إيقاف تلك الأمجاد لتصبح إما حبيسة خزائن الأمريكان , أو رهينة في أدراج مكاتب أجهزة امن إسرائيل ولذلك جاءت برقيتي العاجلة هذه إليكم.

قبل أكثر من عامين كنت قد كتبت رسالة منشورة “إلى أدعياء المقاومة والممانعة من أشباه الرجال وأنصافهم” ومما جاء فيها إلى عميد هؤلاء الأدعياء في حينه إما أن يعتق رقاب الشعب السوري الذي استعبده لأكثر من أربعة عقود على أن يعمل أيضا على تحرير الجولان ليرقى إلى مصاف الرجال لا أنصافهم أو أشباههم ,وإما أن يرحل بشعاراته الكاذبة والمخادعة ودكتاتوريته قبل فوات الأوان حيث كنت قد حذرته بأن لن يطول صمت الشعب السوري أكثر من ذلك, وما عليه الا استدراك ما فاته لان التاريخ لا يرحم ولذلك وما أن بدأت انتفاضتكم على امتداد الوطن السوري حتى وصلتكم رسالتي المنشورة الثانية” تحية من غزة الصمود والعزة إلى سورية التضحية والفداء “لان غزة أدركت دون غيرها عظمة انتفاضتكم لما ستقدمه من ضحايا على مذبح الحرية والانعتاق من الظلم في ظل جيش دون عقيدة وطنية لأن عقيدة هذا الجيش بعد أن استشرى فيه الفساد ماهي إلا قتل كل من أراد العيش بحرية ولذلك جاءت رسالتي الثالثة وهي أيضا منشورة “عندما يسقط الرجال بسلاح الأنذال” تصف حال الجيش السوري وهو يتلذذ في قتل الأبرياء مع براعة لا نظير لها في حماية إسرائيل والحفاظ على امن المحتلين.

قلوبنا معكم ودعواتنا إليكم بالنصر لإسقاط من استعبدكم حماية لإسرائيل وحفاظا على أمنها ,وإننا على ثقة بنصركم لأنكم أثبتم إن العين تقاوم المخرز بفعل ما نشاهده من مواقفكم الرائعة وما نسمع عنه من ملامح البطولة والفداء أمام وحشية جيش لم يتربى إلا على عقيدة حماية العروش بالسلب والنهب وقتل كل من يطالب بحرية أو كرامة فلا حياة حتما لهؤلاء الأنذال ولا مستقرا لهم أيضا على عروش مجبولة بدماء الشهداء ومعاناة الفقراء وأنات المظلومين , ولن تحميهم قصورهم المشيدة من غضب الجماهير وحناجرها الملتهبة طال الزمن أو قصر , فها هي تلك العروش قد زلزلت وأصبحت آيلة للسقوط لتعود سوريا بعد كل ذلك كما عهدناها في عهد الاتاسي والقوتلي ومن سبقوهم من أصحاب المواقف الوطنية ولذلك جاءت برقيتي العاجلة هذه لكم لتبدأوا بتصويب التاريخ ولتعلنوا بان سوريا العزة والعروبة لن تنسى فلسطين التي عانى أهلها من ظلم النظام بجانب معاناته من إسرائيل واحتلالها وليكن ذلك عبر تبنيكم يوما تدعمون به الشعب الفلسطيني وقراره بالتوجه للأمم المتحدة لنيل حريته واستقلاله وليكن هذا اليوم هو جمعة الدولة الفلسطينية .

هذه برقيتي أرجو أن تكون قد وصلت ليدرك أدعياء المقاومة والممانعة ومن يلتف حولهم ممن يتاجر بالقضية بفعل تلك الشعارات بان قضية فلسطين ستعود إلى ما كانت عليه بأحضان المخلصين والشرفاء والصادقين مع نفسهم وشعبهم وأمتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى