صفحات الحوار

برهان غليون: خطابات الأسد ليست موجهة للشعب.. وروسيا تريد ثمنا لتأييد الغرب ضد النظام

 


مدير مركز دراسات الشرق في باريس قال لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين متفقون على رفض التدخل الخارجي

محمد القشيري

رأى المعارض السوري البارز برهان غليون، والذي يشغل منصب مدير مركز دراسات الشرق المعاصر وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، أن روسيا ترفض تأييد قرار في مجلس الأمن يدين قمع النظام السوري للمظاهرات، لأنها تسعى للحصول على حوافز من قبل الغرب. وقال غليون إن روسيا «لديها ملفات كثيرة للتفاوض، حيث تعتبر سوريا أهم مركز لها في الشرق الأوسط، ولديها قاعدة عسكرية مقامة على شواطئها، إضافة إلى التسليح المستمر». وأضاف المعارض السوري في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «النظام السوري ما زال يظن أن القمع سيقود إلى تهدئة المتظاهرين»، وأن «استخدام العف سيزيد من إصرار الشباب الذين يواجهون المدافع تحديا بصدورهم العارية». ورأى غليون أن «نظام الأسد فريد من نوعه، وليس هناك نظام يجاريه من ناحية طريقة الحكم، والتنكيل بالمحتجين، وهو ما جعل ثورة سوريا تختلف عن ثورتي مصر وتونس، وفي ليبيا واليمن، بسبب طريقة تعامل النظام مع المحتجين». وقال إن «نظام الأسد الذي يحكمه حزب البعث المنفرد بالسلطة منذ 60 عاما في الظاهر، يحكمه في الحقيقة جهاز مخابرات، وهو ما يفسر تأخر دمشق في عملية التنمية».

وفي ما يلي نص الحوار..

* بداية، كيف تقرأ العقوبات التي فرضت على أركان النظام السوري وبتأييد كبير من الدول الأوروبية، بينما نجد صمتا وممانعة من قبل روسيا العضو في مجلس الأمن؟

– طبعا ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يكون له شبيه من قبل أي دولة من الدول العربية التي سبقتها في الثورات، فهناك تنكيل وقتل لا مثيل له، وكل ذلك فقط لأنهم نادوا بالحرية، والنظام يقوم بذلك ظنا منه أن القمع سيحل المشكلة، والعقوبات جيدة لردع النظام عن قتل المتظاهرين، لكنها ليست كافية، ويجب أن تصاحبها مساعدات للشعب السوري.

* تقصد مساعدات عسكرية خارجية؟

– السوريين متفقون بالكامل على عدم التدخل العسكري مهما كانت الظروف، التدخل العسكري مرفوض من جميع المعارضين بالداخل والخارج، وما نطالب به كسوريين هو تدخل المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية للتحقيق في الجرائم التي ترتكب يوميا، والتي لا نجد لها أي بيانات رسمية سواء من وزارة الداخلية أو الخارجية، حول ما يبث عبر الإعلام الجديد من مواقع الإنترنت من كاميرات الشباب المحتجين، طوال الأشهر الثلاثة، وهم يقتلون ويقمعون ويعتقلون.

* نعود إلى السؤال حول الممانعة من قبل روسيا طوال هذه الفترة من مواصلة الاحتجاجات، في الوقت الذي أجمعت فيه الدول الأوروبية على التنديد بأفعال النظام السوري في مواجع المحتجين!..

– الكل يستغرب هذا الصمت والذي ظهر وكأنهم يعادون الشعب السوري، لكنني أؤكد أن الأمر تحكمه مصالح، فروسيا تريد ثمنا لمواقفها إزاء ما يحصل للشعب. موسكو لديها ملفات كثيرة للتفاوض مستقبلا، حيث تعتبر سوريا أهم مركز لها في الشرق الأوسط، ولديها قاعدة عسكرية مقامة على شواطئ سوريا، ودمشق تتسلح بكثير من الأسلحة الروسية.

* وهل تتوقع أن يكون هناك تنازل من قبل الروس على هذا الأمر وسط إجماع دولي كبير؟

– لا اعتقد أن يستمر ذلك طويلا، وسترغم موسكو في نهاية الأمر بعد التصويت بأغلبية 11 صوتا من مجلس الأمن.

* يعتبر المراقبون أن المعارضة السورية غير مترابطة، وليس لديها تأثر بالداخل، رغم وجود أكثر من 150 سوريا منفيا من البلاد، وحاليا نجد بوادر لتجمعات في عدة عواصم كان آخرها في تركيا من خلال تكوين هيئة، كيف تجد هذا التحرك وهل تتوقع فعاليته بين ثوار الداخل؟

– أوافقك القول بضعف المعارضة، لكن ذلك ينسحب فقط على التنظيم، وهذا يرجع إلى التنكيل بالمعارضين من قبل النظام السوري لأكثر من خمسين سنة، وقد تأخرت إمكانية التنظيم كثيرا. لكن المعارضة قوية من ناحية الإجماع على مواقفها، الكل أصبح يعرف ماذا يريد السوري حاليا من النظام. وطبعا المعارضة البارزة حاليا ثورة الشباب الذين يشكلون الجسم الأكبر للثورة، وهم أيضا النسبة الأكبر من المجتمع، والتي لا يستطيع النظام إسكاتها أو قمعها مهما واصل عمليات القمع والقتل. وهناك تواصل بين الثوار الشباب والمعارضة في المهجر والمجتمعين من خلال ندوات نشطت خلال الشهرين الماضيين، في كل العواصم والمدن في العالم أجمع، من باب الانخراط في العمل الوطني العام، وتقديم الدعم للانتفاضة، وفي كل يوم تنشط حركتهم وفعاليتهم من أجل بناء دولة سورية ديمقراطية.

* ما تنادي به المعارضة والثوار هو إسقاط النظام، البعض يجد ذلك من الصعوبة خاصة أن النظام يحكمه حزب سياسي منفرد بزمام السلطة منذ 63 عاما.. والبديل هو التدرج بالإصلاحات السياسية، لعدم وجود قيادات بارزة، كيف ترد؟

– ليست هناك صعوبة مع شباب يواجهون الأسلحة الثقيلة بصدورهم العارية بهدف واحد وهو إسقاط النظام وفرض التعددية الحزبية. ودعني أرد على ما يقال من أن هناك حزبا سياسيا.. في سوريا لا يوجد حزب، ما يعرف في الداخل السوري أن الحزب هو واجهة سياسية فقط وليست هناك اجتماعات أو تباحث بين أعضائه، باستثناء اجتماع وحيد كان مقاما بهدف تعيين بشار الأسد خليفة لوالده في السلطة. الذي يحكم في سوريا هو المخابرات. فجميع المناصب في الدولة والأجهزة الحكومية، يعين بها رجال مخابرات، وهذا ما يفسر أن سوريا أفقر دولة في المنطقة، باستثناء اليمن والذي لا يقل سوء إدارة عن دمشق. فالتعليم والصحة وجميع الخدمات سيئة جدا لعدم وجود خبرات فعلية والتي تهمش وتطرد. المهم لدى القيادي المعين من المخابرات، أن يكون ولاؤه للرئيس بشار وهو أمر يشتركون فيه، أن يطيعوا بشار الأسد لدرجة عبادته. وفي حال تغيرت سلطة المخابرات يتغير نظام الدولة وإدارة الأجهزة الحكومية ومؤسساتها.

والأمر الآخر أن سوريا لا تفتقر لكفاءات لإيجاد البديل الأمثل لتولي قيادة سوريا. المهم أن تكون هناك أحزاب تمثل الشعب السوري. صحيح أن الشعب لم يمارس السياسة في السابق، نتيجة الاستبداد السياسي في سوريا، لكن يجب إيجاد هذه الأحزاب.

* هناك أصوات تنادي بفتح قنوات الحوار نظرا لما تشهده سوريا من وضع اقتصادي مترد أثر على جميع القطاعات خاصة السياحة؟.. من جانب آخر يشترط بعض الموالين للنظام عند بدء الحوار الذي نادى به الرئيس السوري بشار الأسد، مع المعارضة بالداخل والخارج، عدم التطرق لحزب البعث رغم أنه الحزب الوحيد في الحكم، معتبرين ذلك خطا أحمر. فما هو تعليقكم؟

– أولا هل منع نظام بشار الأسد من فتح حوار طوال 3 أشهر من قبل أي سوري؟ هل توجه بنقاش أو حوار للموجودين في الشوارع من المحتجين رغم أنهم يستحقون أن يتم حوارهم؟ ولكن هذا لم يحدث.

* هل تعتبر ما يصفه بعض المراقبين بصمت الرئيس الأسد تجاه الاحتجاجات الشبابية، رغم أنه خاطب الشعب 3 مرات طول فترات الاحتجاج، خاصة من خلال ما يثار من جدل حيال تعرض الأطفال لقتل واعتقال بالسجون؟ وهل تعتبر ذلك غير مؤثر لامتصاص غضب الشباب الإعلان عن إصلاحات مهمة باخل سوريا؟

– هذا له مغزى كبير، الصمت هنا بمعنى أن الخطابات لم تكن موجهة للشعب. فهو يتحدث دائما مع الموالين له فقط، وهذا تعبير لعدم اعترافه بوجود شعب له حقوقه فقط يعتبر الشعب لديه، بوجود أشخاص معهم مصالح من قيادات لعشائر بسيطة وبعض المخابرات التي يقودها ويرشيهم لضمان ولائهم. وهو ما يميز النظام السوري عن معظم الأنظمة، هو أن لا سياسة فيه، بل جهاز مخابرات، لا يحاور سوى بالقمع.

* ظهرت الانشقاقات العسكرية في بلد يحكمه العسكر بقوة، وفق حالة الطوارئ لأكثر فترة على مستوى العالم، تزيد على عن 60 عاما، كيف تقرأ هذا التحرك خاصة أن بعض القيادات والضباط يعلون عنها عبر الإنترنت؟

– هذا مؤشر لحالة الرفض بين صفوف الجيش للممارسات التي يرتكبها النظام تجاه الشعب والجيش جزء من الشعب وليس من مهامه قمع الاحتجاجات بالمدن والمناطق السورية، ومع الوقت سيستمر الانشقاقات وتتفاعل أكثر.

* ما هو الهدف الرئيسي من إقامة ممثلين عن معارضي المهجر بالخارج والداخل في الوقت الحالي؟

– الهدف توحيد جهود المعارضة بالدرجة الأولى والسعي للاعتراف العربي ثم الاعتراف الدولي من المنظمات ودول كبرى.

* الإصلاحات التي فرضها النظام عقب الاحتجاجات كانت قياسية وفي وقت قصير كإلغاء حالة الطوارئ، ومنح الجنسية لآلاف الأكراد؟

– هذه ليست إصلاحات، هذه جريمة. كيف يتم ترك 300 ألف مواطن من أصول كردية طوال ثلاثة وستين عاما يعملون بدون هويات، ولا يستطيعون التنقل بحرية ويتزوجون بدون سجلات مدنية وغيرها من الإجراءات التي لا تدخلهم دائرة المواطنة في بلدهم؟

* كيف هي الأوضاع الاقتصادية في سوريا وما هي سلبياتها في حال استمرار الاضطرابات السياسية؟وهل تحتاج سورية مساعدات اقتصادية؟

– الوضع سيئ لكن ليس بدرجة اليمن التي تحتاج من المساعدات الدولية والعربية العاجلة.

الشرق الأوسط

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نحن بصدد تشكيل جبهة اردنية شعبية لمساندة ثورة الشعب السوري العظيمة …… تحت عنوان ثورة الشعب السوري ابنت الشارع السوري ضد القتل والقهر والظلم والطغيان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى