صفحات المستقبل

بشار الأسد رئيساً للعالم/ محمود اللبابيدي

 

 

لا تمر إطلالة إعلامية لبشار الأسد من دون أن يُقرّع رؤساء العالم وسياساتهم، منطلقاً من عدم أهليتهم في رسم السياسات الخارجية وتبنيهم لمغالطات في مقاربة الملف السوري ودعمهم للقوى الإرهابية، الأمر الذي سرعان ما ينقلب ضدهم.

ولكن، ما الذي يمنع العالم من الإطاحة ببشار الأسد ونظامه، بعدما أوغل في إجرامه ضد الشعب السوري، وتمادى في تنفيذ تهديداته بتفجير المنطقة؟ الإجابة قد تكون شديدة البساطة: بشار الأسد هو رئيس العالم المشتهى، هو النسخة الأكثر اكتمالاً للنظام العالمي الراهن، هو امكانية العنف القصوى لليمين الفاشي، وحلم اليسار الممانع. قليل على بشار أن يحكم سوريا، كما هتف له عضو مجلس الشعب السوري في العام 2011، فبشار يجب أن يحكم العالم.

قبل بشار حكم والده حافظ الأسد سوريا مستنداً إلى التوازن بين روسيا وأميركا في عالم ثنائي القطب، أما بشار فقد استعان بتناقضات عالم متعدد الأقطاب كي يستمر. استعان بروسيا لمواجهة الغرب، واستعان بإيران لموازنة التدخل الروسي. لاعب حبال ماهر، لا يكاد يسقط حتى يخرج بحيلة جديدة.

نظام الأسد هو النسخة الأصلية لتنظيم “الدولة الاسلامية”، المنتح الحصري لها، صاحب العلامة الفارقة. فالتنظيم هو مقلوب النظام، شكله في المرآة، نسخته الكربونية. عدمية التنظيم هي الظل لانعكاس عدمية النظام، النسخة الإسلامية المتطرفة لعلمانية النظام العلوي. معادله الجبري، كالروح من الجسد.

والنظام العالمي، هو الصورة لإمكانية نظام الأسد، ﻷحد أشكال احتماله. الجزء يعكس صورة الكل، والكل يتمثل الجزء.

بهذا، يتوسط نظام الأسد هرمية النظام العالمي، بين “الدولة الاسلامية” والعالم. فيصبح الوسيط والشريك بينهما. وسيلة التواصل ورغبة فض الاشتباك. تناقض شكلي، وتعاون مكروه لكنه واقع. وكما أن نفي النفي أثبات، فإثبات الاثبات نفي، لذا يصبح النظام العالمي، انعكاس “الدولة الاسلامية”، بالمرور حصراً في محرق نظام الأسد.

وكمحصلة لما سبق، نجح نظام الأسد في انتاج حالتي توازن، شبكتي معارف متواشجة، تأخذان قوة الصديق لتستعين به على الخصم، والعكس صحيح. بهذا يصبح نظام الأسد مركز توازن العالم، لحظته الصفرية، حقيقته المجردة.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى