صفحات الحوار

بشار العيسى: ليس أمام النظام سوى تسليم السلطة للشعب سلمياً


وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

شدد المعارض السوري بشار العيسى على أن التظاهرات التي تشهدها سورية منذ أربعة أشهر ليست حركة أناس ونشطاء ومتعاطفين في الشارع وحسب، وإنما “استنفار شعبي سياسي وفكري وتعبوي” في مواجهة النظام، وأعرب عن قناعته بأن المنظومة السلطوية في سورية ستنهار مستتبعة انهيار المنظومة الأمنية قريباً، مشيراً إلى أن الشعب السوري “يسيطر على الشارع بقوة منظمة ووعي سياسي ونضوج فكري”، ووصف النظام السوري القائم بأنه “تحالف عضوي بين الاستبداد بالقوة والفساد بالسطوة، وطالب النظام بتسليم السلطة للشعب سلمياً

وحول قدرة التظاهرات وحدها على تغيير النظام مع دخول الأزمة في سورية شهرها الخامس، وسقوط نحو ألفي قتيل وفق بعض المراصد الحقوقية السورية واستمرار النظام السوري بحله الأمني، قال المعارض السوري بشار العيسى لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “التظاهرات ليست حركة أناس نشطاء ومتعاطفين بين نقطتين في الشارع وحسب، بل هي استنفار شعبي سياسي وفكري وتعبوي تحشد قوى المجتمع البشرية والذهنية وترتقي بها إلى مواجهة سلطة نظام دموي، لكسر فارق الخلل في القوة بينهما لصالح الشعب، وهي بذلك تنتقل كل يوم من حالة إلى حالة، وهذا ما يميّز الثورة السورية عن تلك اليمنية أو المصرية، ثورة تتحول إلى حوار وطني في الشارع بأسئلة نهضوية تؤكد على سلمية الاعتراض وتبدع في آلياته وشعاراته، بدأت بمرة في الأسبوع إلى يومية بشعارات موحدة في كل سورية وبأسماء جُمَعٍ بطريقة ديمقراطية تلاقي الرؤى السياسية والمجتمعية لمكونات وثقافات المجتمع السوري” وفق قوله

وتابع العيسى “بصبر وأناة تقود التنسيقيات الميدانية جماهيراً للثورة وتحتضن شرائح وفئات جديدة تنضم كل يوم إلى الثورة، وأي حركة إذا تحولت إلى مراوحة في المكان لن يُكتب لها إنجاز فعل نوعي في الميدان، لكن هذا ليس حال الحراك السوري متعدد الأشكال برؤية سياسية واضحة بالقطع مع الاستبداد سلطة ووجوهاً، فالثورة اليومية التي تحاصر السلطة وليس العكس، الثورة تقود أشكال من الاعتراض والعصيان والمواجهة مدنياً بوسائل وطرائق تربك السلطة وتخلخل خطابها وتحالفاتها وتدفعها إلى مزيد من التصرفات الحمقاء والهوجاء، وسيأتي اليوم الذي ستنهار فيه منظومتها السلطوية مستتبعة انهيار المنظومة الأمنية، وقتها سنرى كيف يتركون السلطة والبلاد هرباً إلى مصالحهم المالية والمالية فقط” حسب رؤيته

وعن إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وقبلها وزير الخارجية الفرنسي لا شرعية النظام السوري وطريقة ارتدادها على أرض الواقع، قال الناشط السياسي المقيم في باريس “أربعة أشهر غيّرت كل شيء في سورية بفعل حماقات النظام، غيرت علاقة الشعب بسلطة تغوّلت على مدى أربعين سنة، كما أنها فككت منظومة العلاقات الدولية التي نسجتها في صيغة خدمات وابتزاز إقليمي شديد التماسك، ولن تذهب التصريحات التي بدأنا نسمعها من أقرب حلفاء النظام أدراج التسويات القديمة، فالشعب يسيطر على الشارع بقوة منظمة ووعي سياسي ونضوج فكري يثير إعجاب العالم، والعالم مثلنا، يرى عبر دبلوماسييه وإعلامه واستخباراته على الأرض، وللغرب عموماً حساسية ثقافية عريقة في مجال حقوق الإنسان وحق الشعوب لا تستطيع أن تستوعب أو تغفر جرائم الأنظمة الاستبدادية في القتل والاعتقال والتهجير بلغت في مجملها في سورية جرائم بحق الإنسانية، وهي على النقيض من التسويات الفجة التي تلجأ إليها الحكومات أحياناً في غفلة عن شعوبها، فالجرائم التي ترتكبها السلطة السورية بفضل اليوتيوب والفيسبوك تحتل شاشات التلفزة العالمية وإعلامها السمعي البصري ولا يمكن تغطيتها” حسب تعبيره

وتابع “إن السلوك والخطاب الذي تقارب بهما السلطة السورية العلاقات الدولية، والتصرفات المتناقضة التي ترتكبها، تثير سخرية العالم بالمقاربة العمياء التي تعمل بغريزة السيطرة والتسلط والرشوة، هي التي تدفع الحكومات الغربية إلى مأزق الاختيار بين مصالحها الاستراتيجية مع المستقبل وشهوة سلطة تتحكم بقراراتها قطاع طرق وشبيحة تنقاد إلى أسرة فاسدة، وتحفظ للعلاقات الدبلوماسية الحد الأدنى من مسلكية مهنية، هذه السلوكيات الرعاعية تلزم الرأي العام الدولي التصرف بحزم ووضوح في ظل مراقبة إعلام بلدانهم وأحزابهم المعارضة، بالنطق بالحق ولو على مضض، فالحاكم الغربي أسير صناديق الاقتراع ورقابة إعلامه وثقافة مجتمعه مهما كانت رغباته وميوله وأهواؤه، لذا فإنني أرى أن الضغوط الدولية لجهة سحب الشرعية من السلطة السورية جادة لا يجوز الاستخفاف بها، وأكبر دليل ما حدث في حماة لجهة استقبال الدبلوماسيين الغربيين وما استتبع من ارتباك لسلطة الأسد والتصرف المشين تجاه سفارات دول كانت أقرب أصدقائهم، هي كلها عناصر فاعلة تخلخل بنية المنظومة الشرعية السلطوية للنظام” على حد تعبيره

وحول اتهام السلطة السورية لبعض أطراف المعارضة بالارتباط بالخارج واحتمال شن حملات اعتقال بينهم قال “أولاً لم تتوقف اعتقالات هذه السلطة لنشطاء وفاعليات ميدانية يوماً واحداً، ثانياً، قناعتي أن السلطة لم تذهب إلى مهزلة (للقاء التشاوري) بغير تفاهمات مع بعض المحسوبين على المعارضة الكلاسيكية، فاللقاء الذي ترافق والإعلان عن مشاريع مؤتمرات وإطلاق تشكيلات لقوى معارضة وشرائح متناثرة لما سمي بناشطي لجان إحياء المجتمع المدني، لشخصيات ثقافية وسياسية برزت لحظة وصل بشار الأسد للسلطة 2000 كبدائل مرشحة لتحسين صورة السلطة التي تكلست في عهد أبيه ترافق الابن في تلميع عهده ونظامه المتهالك، لم يعد يخفى على أحد أن بعضاً من هؤلاء أوحوا للسلطة أنهم يسيرون معها في خط مواز لقطع الطريق على جذرية الثورة بمفهومة الإصلاح، فاتهم أن النظام غير قادر على إجراء أي إصلاح في منظومة سلطة تكلست بقوة التحالف العضوي بين الاستبداد بالقوة والفساد بالسطوة، هؤلاء قد ينصبّ عليهم في فترة لاحقة غضب السلطة التي سترى فيهم خونة التفاهمات التي تراجعوا عنها تحت ضغط الشارع الذي أطلق شعار (لا للحوار) ساحباً البساط من تحت أقدام الجميع وقطع الطريق على كل التفاهمات التي تمت تحت الطاولة، وعليهم الآن أن يقرروا وبوضوح أين يقفون؟ مع الثورة أم السلطة” حسب قوله

وحول التيارات السياسية المعارضة التي تشترط جملة من المطالب قبل أي حوار محتمل مع السلطة، قال “قناعتي أن الحوار بالشكل المطروح مع هذه السلطة سيطيل بعمرها ويخلق صعوبات للثورة لأنها ستمد السلطة وإعلامها وشرائح مترددة تدور في فلك مصالحها بجرعات التفافية تطيل من آلام الشعب وتزيد في خسائره بسقوط المزيد من الضحايا، لأن السلطة المدعمة ولو بشرعية مخادعة عن إصلاح كاذب ستطلق أيدي كائناته الضالة للقتال بشراسة أكبر ضد قوى الثورة لتحجيمها كما أنها ستستخدم هكذا حوار مخاتل لتضليل الرأي العام الدولي بجدية نيتها السير في طريق الإصلاح، إن السلطة أدرى الناس بأنها غير قادرة على إصلاح ماكينة متهالكة وما إن تُجري تغييراً حتى تتفكك بكاملها، ويعرف هذا كل أولئك الذين يوهمون بالإصلاح عبر مفخخة الحوار، لقد ولّى زمن إصلاح النظام السوري المشبع بالدم والقتل والإجرام والذي لا يستطيع القبول بأي نوع من الشراكة بالقانون والدستور والحق، وبهذا المفهوم فإن الحوار سقوط إلى مائدة سلطة تهوى للقاع، سلطة قاتلة لشعبها المسالم المصمم على استرداد حريته ووطنه، إن أي حوار لا يقوم على مسلّمة تسليم السلطة إلى الشعب سلمياً كما قاربتها الرؤية السياسية للجان المحلية للتنسيقيات هو حوار ميت وخدمة مجانية تقدم للسلطة لأجل المزيد من القتل والدمار” حسب تعبيره

وحول الثمن الذي سيدفعه السوريون في ظل رفض الحوار قال العيسى “طالما أنه لن يكون هناك حوار حقيقي يضع نهاية سلمية لسلطة الأسد فلا جدوى من التيه في مهزلة القول بالحوار المخادع، لا تستطيع هذه السلطة الاعتراف بالشعب ولا بثورته ولا بقيادة ثورته بل تريد الإيحاء بوجود ممثلين للشعب هم مجرد خردة سياسية عتيقة تعينهم على حوار لن يؤدي إلى آلية تغيير حقيقي يفضي إلى بناء مداميك لدولة ديمقراطية تعددية تداولية.. إن أي إطالة لعمر هذه السلطة تحت أي ذريعة هي مضرّة للشعب والوطن والثورة، وتدفع السلطة إلى مزيد من التمادي في الغيّ والقتل، لم يعد يجوز ارتكاب الأخطاء التي يقول عنها (تاليران) إنها أشد ضرراً من الجريمة” على حد قوله

وختم العيسى “هناك طريق واحد للدولة الديمقراطية التعددية هو أن تقتنع السلطة برضىً أو مرغمة أنه حان وقت تسليم السلطة للدولة والدولة إلى الشعب والأفضل أن يتم الأمر سلمياً وبالتفاهم، فهذا يوفّر على الوطن خسائر كبيرة جداً حتى لا ننتظر انهيار السلطة بالعقلية التي تقود جرائمها وقتلها وتجييشها الفئوي الذي أرى أنه لن يكتب له أي نجاح.. وأرى أن على كل وطني شريف بدل مداعبة السلطة بسذاجة المتوهم، توجيه رسالة واضحة وقوية بأنه ليس أمامها غير الاستسلام” حسب تقديره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى