صفحات سورية

بماذا يمكن مقايضة الأسد؟

 


جمعة عكاش

أوروبا وأمريكا تراوح مكانها منذ 3 أشهر، لم يقطعوا حبل الود الرفيع مع الأسد، كما لم يرسلوا إليه طوق النجاة ، فهل يريدون مقايضة نظامه بشيئ ما؟

الأمريكيون لم يفكروا في خبز وحرية الشعوب العربية مطلقاً بل استخدمت “عيوب الحكومات” طيلة نصف قرن بشكل ناعم لإبتزازها “سياسةً ونفطاً”.

وحينما وجدت نفسها أمام شعوب ثائرة حقيقية كانت عليها أن تختار مع من ستقف، هذا الإختيار حتى اللحظات الأخيرة كان مع الأنظمة لكن عندما كانت الأنظمة على شفا الوقوع كانت الشهية الدولية تنفتح على المطالبة بزوالها لصالح الشعوب.

في سوريا وحتى اليوم لم تحدد أوروبا و أمريكا موقفاً حاسماً من الأسد ونظامه ولا من الشعب ومطالبه، إنها تختئ خلف قناع إصلاح النظام وهي الأكثر دراية وعلماً وقناعة أن ما أفسده الدهر لا يصلحه “بشار”.

يجب النظر بعناية إلى ما يريده الأوروبيون والغربيون من نظام الأسد ويجب أيضاً البحث في إمكانية تحقيق النظام للأوروبيون والغربيين من مصالح حتى يتم مقايضة بقائه بها.

الأمريكيون يريدون أن يكف النظام يده عن دعم الإرهابيين في العراق وحزب الله وحماس، وتحجيم العلاقات مع إيران، وفتح الأسواق السورية أمام الشركات التي يمتلك أسهمها حكام أوروبا وأمريكا رأسا برأسٍ كما يفعلون أمام شركات بوتين ومدفيدف و هو جينتاو، وبعض العرب هم أيضاً يريدون أن يكف النظام يده عن لبنان ويعود إلى إقامة علاقات طبيعة مع العرب.

هذه أمور ليست صعبة المنال إذا كان تطبيقها بضمن بقاء آل الأسد، فحماس السنية مثلاً تدرك أن عليها أن تختار السوريين دون العائلة الحاكمة بينما حزب الله الشعي فيعرف أن السوريين السنة لايريدونه مطلقا لذا ليس له سوى العائلة وباعتبار أن العوائل تتفق ودياً يمكن لأحد أفرادها أن تغادر البيت.

لكن المشكلة في لبنان لا في أحد أحزابها فهو يشكل في تراث آل الأسد “الشرف المطعون” بعد الخروج الإجباري عام 2006 فهي إن خرجت من لبنان مكسورة لا يمكن أن تتركها شرط بقائها في سوريا، لكن عند الشدة قد يضحي الأسد بخلفائه في لبنان أيضاً.

في موازاة ذلك يريد الأمريكيون “أسداً نظيفاً” بدون “ضباعه” و “ثعالبه” وحتى “قروده” يخرج من عقود ظلمة أبيه إلى صخرة تعليمه وقيمهة وحنسيته البريطانية مخاطباً السوريين أنا رئيس هذا البلد الديمقراطي لفترة وجيزة لكم تجديد عقد عملي أو إنهائه.

يقول السوريون بلهجتهم العامية “ألعب غيرها” أو “هات غيرها” أو “هادا كان أيام زمان” فعلاً قد تبدو أمريكا و أوروبا في حيرة وتردد لأن سوريا ليست تونس ومصر أو ليبيا إنها بلد وعرة جغرافياً وسياسيا و إثنيا وعرقياً، وهي في هذه الحالة تشبه قنبلة ذرية موقوته في أعقد مناطق العالم تشابكاً وحساسية لكن هذا لا يبررأن يقايض الامريكيون او أي كان على دماء السوريين كرامتهم وتوقعه للإنعتاق.

السوريون يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضى كيف تتعامل الدول معهم، وهم أيضاً يدركون على ماذا يمكن مقايضة النظام، وهم أوعى من اللعب معهم وهم قادرون أن يقلبوا نظاماً بصفقاته وعقوده الدولية، و أن يحولواهذه المنطقة الحساسة المتشابكة إلى واحة سلام وديمقراطية.

الغريب أن الامريكيون يستنكرون قدرات السوريين كما أنهم يغفلون مبادئ براغماتيتهم التي يقف على رأسها مبدء إذا كان بإمكاني الحصول على الكل لماذا أرضى بالجزء أي اذا كان ممكنا سوريا ديمقراطية حرة دائماً لماذا وعود سوريا ديمقراطية حرة.

مع كل شيئ سيبقى مهما التركيز على أنه إذا كان ممكناً مقايضة نظام بتنازلات ومواقف لا يمكن مقايضة شعب على حريته وكرامته.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى