صفحات مميزةعزيز تبسي

بمثابة تحية لسلامة كيلة

  

عزيز تبسي

    لن تقول :تثبتي يالحظة مستحيلة،لأن ماتراه ليست هيلين الآسرة الخارجة للتو من بخار العطور ونسيمها،وأنت لست فاوست المقيد بعقد الدم والإذعان مع شيطان أبكم.

    ما ينبغي فعله الآن هو إسترداد تلك الصرخة الوحشية التي حرضنا عليها يوماً والت ويتمان ،صرخة وحشية في وجه الطغاة،لاالتربيت على أكتافهم،والتعيش على مرق أفكارهم،وتثبيت الإستحسانات على هرير أقوالهم………

    1

    لابد من حوار الصديق سلامة كيلة،يعني لابد من الحوار مع تلك الطمأنينة المأخوذة بالنصوص الماركسية التأسيسية،والملتاعة من حقول تجربتها وممكناتها الواقعية.

    حسناً!!

    يمكن البرهنة بنقدية محكومة بالمقارنة والاستقصاء على عدم مطابقة التجارب المأسورة بشروطها والشروط المفروضة عليها معاً، والتي تطوقها كحزام من نار،مع نصوص غير مكتفية بذاتها،ولن تكتسب مشروعيتها إلا بتلك الإحالة المرجعية إلى التجربة وحقلها الشوّكي.

    من الضروري العمل على إسقاط الشرعية الثورية،معرفياً وممارسياً عن التجارب الإشتراكية وتعريتها أمام نفسها،أي أمام مرجعيتها المستهزئ بها، وأمام الحركات الشعبية والعمالية المغدورة والتي ما إنفكت تنظر إليها بقدسية وملكوتية،وإظهار كذبها وخديعتها.

    والأهم هو إبراز موقعها الواقعي،عبر إحالتها بحزم إلى شرط تاريخي ليس منه فكاكاً،حينها سنعطي مالمكر التاريخ وقوانينه الصارمة للتاريخ، وما للأفراد وحدود إمكاناتهم الحقيقية للأفراد.

    لكن ماذا عن المرجعية الصلبة التي تدفع للتشارك الفكري مع مافيات الشيوعية المحلية وحراسها وزبانيتهما.

    هذا ما سيدفع بقسوة نحو ماضي الحوارات البيزنطيةالعقيمة وحصون ثكناتها وأسوارها العالية،وجلافة كهنتها وإنعدام ضمائر المعتاشين على تفسيراتها.

    إن أردت أن تكون شيوعياً فليس أمامك من خيارات إلا “قرطة”بكداش وحميد مجيد موسى ورفعت السعيد…..من الذين واللواتي يقيسون درجة حرارة الوطنية والثورية والعلمانية عند الأنظمة الحاكمة عن طريق دس موازين الحرارة في فتحة شرجها للإستهداء بها والسير في ركابها،أو لن يبقى أمامك سوى اللعنة الدائمة والنبذ والتخوين .

    هنا مكمن الصعوبة في الخيارات،وهو ما أرّق الصديق سلامة كيلة والكثيرون مما يشاركه الهم المعرفي والسياسي،فلكل فكرة ولي فقيهها،ينبغي أن تؤخذ بركته ودعاؤه ويُهتدى بتعليماته وتذكر فضله عليها وعلى أهلها صباح مساء،لتستحوذ على الرخصة في التفكيروالعمل.

    وهذا ما يدفع المريد إلى خيانة يومية لفكره وقيمه وشعبه،بتبني أقوال تكيفية بمرجعيات شكلية مخادعة،تتلهى بالكلمات وتلعب في أصول قواعدها،فيوماً مع الممانعة ويوم مع التحرير ويوم مع السلام ويوم مع القطاع العام….لكنها على الدوام مع السلطات الحاكمة،كلب حراستها وجرو نباحها..

    وإن كان هذا الكلام يفيد ذاته وأتباعه في ضبط مواعيد النوم واليقظة على أبواق الإستبداد ونواطيره،ماعاد ممكناً في زمن العاصفة الشعبية الثورية،إلا اليقظة على هتاف يشق عباب السماء ويوقظ ملائكتها…..

    سلامة يفكر ويناضل ليكون شيوعياً،أي ضد تلك المافيات وممارستها،ومع الشعوب المتحررة من شروط القمع وتضليل الأيديولوجيات.

    2

    هنا مكمن اللحظة الفارقة والفاصلة في التاريخ،ساعة تقتحم ساحاته الشعوب متحررة من حراسها وراصدي أنفاسها،لتعلن لا فقدان أي أمل في أرباب حكمها ونصائح نطاسيّه فحسب،بل إن الأمل لن يكون إلا بمواجهة حاسمة مع هؤلاء الحكام والنطاسين.

    لكن المشكلة التي تواجه الثوريين اليوم هي أين اليسار في الإنتفاضات الشعبية العربية؟

    اليسار الذي لم يتمكن بعد من إستيعاب الدرس الروسي وتسجيل نتائجه،ومتورط في تسويق أنظمة لاتصلح للإستخدام البشري،ويسار مناضل مايكاد يخرج من السجن حتى يتعقبه الوشاة،مسجلين عليه أنفاسه،وتداعيات أحلام شعوبه………..

    حسناً،نعم لقد إنهارت التجربة السوفياتية وكل مقارباتها الفكرية والسياسية وتكيف أتباعها مع المافيات والكهنة والمرابين والمضاربين في البورصات الثورية على أسهمها …………

    لكن ما ينبغي إشهاره بوضوح إن النظام العالمي المتحكم بشعوب الأرض جائر وعدواني وعنصري ويحرق أخضر الأرض ويابسها ويلوث هواؤها،وطائفي عند اللزوم وداعم ومروج للفكر الغيبي والعنصري وللأنظمة الفاشية،واللصوصية الدولية ولا مبالي بحقوق الشعوب المضطهدة ولا بزفرات أنفاسها المحروقة….

    إذاً سنعيد الإعلان مرة أخرى ببيان واضح ما يؤكد الإنحياز الحاسم للشعوب المضطهدة وشغيلتها نحو جمهورية العدالة الإجتماعية والحرية المكتملة.

    حلب في28نيسان2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى