صفحات الثقافة

بين غسان بن جدو ولونة الشبل و’الغرف السوداء في الجزيرة’!

 


أحمد عمر

هل فضائية الجزيرة دولة أم اتحاد دول أم ‘نيتو’ إعلامي أم باب عال أم دين جديد؟

بلغني أنّ سوريين يحبون الاستقرار والاستعباد ونانسي عجرم، ويخافون من التغيير والحرية و’الديمقراطية’ التي لا تليق بنا ‘لأننا همج و لا نرعوي إلا بالعصا والمخابرات والشبيحة والمرتزقة’، حذفوا كل القنوات الإخبارية من قوائم المشاهدة، وعلى رأسها فضائية شيخة الفتنة ‘الجزيرة’، كما حذف زين العابدين بن علي و’صحبه الطغاة’ الشعب من قوائمهم من قبل، وأبقى هؤلاء السوريون المستقرون الأفاضل على القنوات السورية الثلاث التي تغني بصوت عال ‘كليب’ المقاومة، فانطبق عليهم المثل: القناة التي تأتيك منها الريح (أحرف الحرية نفسها) سدّها بالرصاص واسترح.

هؤلاء من المعجبين بفروسية المرتدين عن ‘دين’ الجزيرة، إلى برّ ‘الحق المبين’، مثل بن جدو الذي ‘انشق’ من الجزيرة ليعود إلى وطنه تونس الذي ساهمت الجزيرة في تحريره من عصابة الطرابلسية! خبر ‘القدس العربي’ يذكر أنّ الاستقالة تمت في ‘إطار اللياقة والاحترام والحفاظ على أسرار المهنة’ بدليل انه لم يظهر حتى الآن لبيع انشقاقه ‘إعلاميا’ كما فعلت لونا الشبل بعد سنة من استقالتها من الجزيرة. تؤكد المقالات المتواترة أنّ سبب استقالتها هو رغبتها وزميلاتها في الانقلاب على الجزيرة بتحويلها من قناة إخبارية إلى قناة ‘كمال أجساد’ وموديلات، مثل مودا ومسايا وايفا وفاشن.. ‘القديسة’ لونا ختمت اللقاء متوجهة إلى الشعب السوري بخطاب عجيب: إياكم وإظهار خانة الدين على الهوية! اظهروا خانة المقاومة؟

اللبناني المفوه ناصر قنديل ظهر من وراء دشم ومتاريس طبلة المقاومة وكمنجة الممانعة لمحمد كريشان فاستأذنه بدقيقة يقف فيها على الأطلال، فتذكر المقاومة والممانعة والمؤامرة القطرية والتركية والروسية، وأشاد باستقالة بن جدو من ‘هذا المكان’ الطاهر، وأعلن الاستقالة نيابة عن بن جدو وكأنه إعلان لدولة مستقلة! تبعته لونا الشبل التي ظهرت بعد غياب عن الشاشة على قناة الدنيا لتصرح أن ثمة ‘غرفا سوداء’ في الجزيرة التي استقالت منها لخيانتها ‘ميثاق الشَّرف’. وقالت :هذه الغرف زورّت فيلم ‘البيضا’ ولفقته ‘للشبيحة الأطهار’!! الطلب شديد وملح في ‘الغرف السورية البيضاء’ على أي مرتد إعلامي سابق من القنوات العربية العملاقة. أي إعلامي ‘سوري’ يزمّر في القنوات الراقية مطلوب، فزمار الحي لا يطرب . يلمح فيصل القاسم ‘القدس العربي’ إلى تعرضه لضغوطات وإغراءات ليرتد من دين ‘الاتجاه المعاكس’ إلى دين ‘التصفيق’ فقال: احد أحد. كأنّ صيغة الانتقام هي: تستقيلون من مجلس الشعب المصفق وحزب البعث، نستقيل من حزب الجزيرة. الضرس بالضرس، والبادئ اظلم.

إعلامي سوري غير مندس، مغترب في فضائية عربية متآمرة، اسمه مروان الصواف اتصل بالدنيا هاتفيا ليعلن عن حبه لوطنه و’عناقه كل حبة تراب سورية’، الإعلان، نمطي ورومانسي وبال وتحصيل حاصل.. تحدّث الصواف بطريقته الطاووسية، الأناقة المفرطة في الحديث، التشديد على الأحرف اللثوية التي من شدة احتفائه بها أصبحت اقرب من لغة دون كيشوت.. الصوّاف حاول أن يسدي نصيحة إلى أهله في الدنيا ليغمز من ‘قناتهم’، فترجاهم أن لا يمزحوا في تقاريرهم الإخبارية الساخرة: دمكم ثقيل؟ لكن الطبع غلاب يا دون مروان. فقد تابعوا المزاح فورا، عندما ظهر تنبيه من وزارة الداخلية السورية على الإخبارية السورية ‘يهيب’ بالمواطنين عدم التظاهر يوم غد – في يوم جمعة الغضب – أو الاعتصام، علما أن الداخلية لم تمنح أحدا رخصة تظاهر، ولم يتقدم احد بطلب للتظاهر. ثم بعد دقيقة حذفت الجملة الأخيرة. ألم يقل العرب: المزاحة تذهب ‘المهابة’؟

وانضم إلى هؤلاء ‘المستقرين’ المليونير جورج قرداحي الذي جاء قبل فترة إلى سورية ليشارك في رالي السيارات ويأكل بوظة بكداش العربية ويسأل وهو يتلمظ: أين نساء سورية الجميلات؟ كان الكازانوفا ينتظر أن تركض السوريات الجميلات إلى ذراعيه، ليرقص معهن الفلامنكو.

مؤذن حلبي اتصل مع قناة الدنيا (القناة تصرفت معه كأنه كاردينال أو بطريرك!) ليمدح باللهجة الحلبية الاستقرار و’الأمن’ و يصرّح أنّ زوجته تعود إلى بيتها في نصف الليل وهي تضع كيلو ذهب من غير أن يتعرض إليها احد. يبدو أن المؤذن مليونير مثل صاحب’ الجواب النهائي’، فيما يعتقل فايز سارة لحمله درهم حلم ذهبي في رأسه اسمه: الحرية.

خرجت القديسة لونا بشعرها الغجري الذهبي غير المجنون لتنعى على الدول الخليجية تعليم الناس الديمقراطية وليس فيها مجالس نواب.. تصفيق! وسبقها إعلامي سوري بأنه ليس فيها دساتير أيضا، واللفظ صحيح لكن المعنى ضال، فالصحيح أنها مجتمعات قبلية تحكم بالعرف والدين، والصحيح انه ليس فيها شبيحة ومرتزقة وحالات طوارئ مؤبدة أيضا. القديسة التي حضرت إلى الاستوديو مسلّحة بماكياجها، استهزأت ‘بالمفكر العربي’ الدساس في قناة الجزيرة وزعمت أنها تبثّ خمسة أخبار صحيحة بينها خبر كاذب، بينما تبث الدنيا وأختاها ستة أخبار كاذبة ليس بينها خبر صادق واحد، على سبيل المثال.

خردق صيد!!

تقوم ‘إحدى الغرف البيضاء’ بمقابلة أربعة رجال شرطة مصابين من قبل ‘المندسين والإرهابيين والسلفيين..’ في احد مشافي السويداء، فيزعمون أنّ 2000 ‘ قناص’هجموا عليهم وأوجعوهم – الضحايا صفر! – ثم قابلت الغرفة البيضاء الطبيب فأفاد أن ثمت إصابة خطيرة نتيجة بندقية ‘خردق صيد’!! وهذه ‘السحبة’ بالتعبير المستعار من الإخوة السوريين، تشبه ‘سحبة’ مقابلة أخرى مع الخلية الإرهابية التي قبض عليها الجيش السوري الباسل فشهدوا، أمام الكاميرا العادلة، من غير إكراه، بأنهم قبضوا أموالا وأسلحة من الشيخ الداهية احمد الصياصنة (وهو شيخ أعمى) ثم أعطاهم غالونا فيه بنزين ومسامير للتخريب!! يذكر هذا بتقرير مشهد الأسلحة الأولى التي عثر عليها في الجامع العمري. التقرير زعم أن الجامع ضمّ قناصة، ولم ينتبه التقرير أن الأسلحة ليس فيها سلاح قنص واحد؟

باتريك سيل صديق سورية وصاحب كتاب’ الصراع على الشرق الأوسط’، نصح النظام السوري في لقاء مع العربية عدم سفك الدماء. طبعا في الفترة بين الجمعة العظيمة وجمعة الغضب افتقد الإعلامي احمد الحاج علي من الفضائيات، وهو صوت إصلاحي، وساد صوت أكاديمي (ستار اكاديمي) يكرر وصف المتظاهرين بالحثالة. ‘الأستاذ حثالة’ وبقية الأخوة الصعايدة استقالوا من الظهور على قناة الجزيرة وأعلنوا الاعتكاف في ليلة الغضب. من المنتظر أنّ الجزيرة ستعلن الحداد لغيابهم! وفي قوانين الخفاء والتجلي الإعلامي يكثر ظهور شخصيات إعلامية لبنانية في ‘الغرف البيضاء السورية’ مثل رفيق نصر الله الذي شتم القرضاوي، ومثل ناصر قنديل وميشال سماحة فيما لم يظهر أي سوري معارض حتى الآن، حتى لو كان ناعما مثل ميشيل كيلو أو عذبا مثل هيثم المالح المقيم في دمشق والذي تتعامل معه الغرف البيضاء وكأنه في الخارج المعادي!

كوثر البوعزيزي

أبهجتني كوثر البشراوي حقا فصفقت لها، لأنها أفسدت على مقدمة برنامج ‘عين على الحدث’ مؤامرتها وبرنامجها فقادت العين إلى حديث الثورة بدلا من حديث المؤامرة والمقاومة والدسّ، وصححت لطلال الأسعد جملته الابتزازية فقالت: أنا مع الأمة بدلا من أنا مع المقاومة. وبما أنها إعلامية، وفي دمشق، فأنصحها بمقابلة بعض المقاومين لكل أنواع الظلم وليس لظلم الخارج فقط، أمثال ياسين الحاج صالح وهيثم المالح وميشيل كيلو وغسان نجار.. فهم من.. الأمة، ومقاومون أكثر من أصحاب الأناشيد السورية.

نددت البشراوي بالتكفير و’بشرت’ بالمساواة وحق الناس في الثورة، وحررت قناة الدنيا لساعة من الكذب … سيدة كوثر: كان للحرية الحمراء باب في أيام احمد شوقي السعيدة، وقد سدّ بابها بالاسمنت المسلح وحال الطوارئ والمرتزقة وما دامت اليد مكبلة، فليس على ‘المواطن’ المسكين سوى أن يدقّ بقلبه على أبواب.. البنادق.

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى