صفحات سورية

تأثير الوقاحة والإجرام في قرار إسقاط النظام

 

 


بدرالدين حسن قربي

لانفجار الغضب السوري في ثورة الحرية والكرامة أسباب متعددة، وإنما صاعق التفجير فيها كان بلا شك اعتقال خمسة عشر طفلاً من طلاب مدرسة ابتدائية في مدينة درعا كتبوا على جدارن مدرستهم: الشعب يريد إسقاط النظام. مطالبة الأهالي المتكررة للعميد عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد، ورئيس فرع الأمن السياسي في المدينة، بإطلاق سراح الأطفال، دخلت منعطفاً خطيراً بتقليد عشائري عتيد، وهو برفع الأهل عقالاتهم عن رأسهم ووضعها على طاولته، وكلامهم أنهم لن يخرجوا إلا والقضية منتهية أو محلولة، غير أن جواب العميد لهم كان نصيحةً غاية في التهذيب المافيوي والبجاحة لعصابات تتحكم بأمن البلد ومفاصله: إنسوا أطفالكم هؤلاء وأنجبوا غيرهم، وإن لم تستطيعوا أحضروا نساءكم لي وأنا اقوم بالواجب، ونادى على عسكري عنده آمراً بإلقاء ماوضعوا على مكتبه في سلة المهملات. وتتمةالقصة معروفة للجيمع تظاهرة كانت في 15 آذار مطالبة بالحرية والكرامة، حرية الأطفال الصغار وكرامة الرجال الكبار برحيل العميد العتيد، الذي تحقق بعد قرابة عشرة أيام من توحش الأمن وقوات الحرس الجمهوري في القتل وإراقة الدماء ممّا دفع بالتظاهرات إلى الاستمرار والانتشار في كافة أنحاء سورية، وليرتفع سقفها إلى المطالبة بإسقاط النظام، مع ملاحظة أن بشار الأسد أقرّ أن ماحصل في درعا من قبل الجهات الأمنية كان فيه تجاوزات وارتكبت فيه أخطاء وأن المخطئ في طريقه للحساب أياً كان.

جديد المسألة كلام منقول عن بشار الأسد نشرته الرأي العام الكويتية في 13 حزيران/يونيو 2011 نقلاً عن مراسلتها في دمشق، قاله في لقائه مع وفد من أهالي مدينة جوبر المتصلة بمدينة دمشق: أن العميد عاطف نجيب هو ابن خالتي، وهو ليس في السجن ولا يشغل أي منصب بعد إقالته لعدم وجود أي ادعاء شخصي عليه حتى الآن، وهذا أمر ضروري لمحاكمته. وهو كلام يبدو في غاية المنطقية مضمونه أن كل شيء يمشي في البلد بقانون، وطالما لادعوى عليه من أحد، فلا يستطيعنّ أحد أن يمس العميد بسوء، ولكنه كلام ماأفادنا بسبب نقله وإقالته إلا أن يكون بما ارتكبه من فظائع الجرائم في درعا، بل حقيقته كلام غاية في التدليس والتضليل، لأن من ينفي وجود إدعاء شخصي على ابن خالته، يعلم بامتناع ذلك يقيناً فضلاً عن أنه لايجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارت أمن الدولة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم إلا بموجب أمر ملاحقةٍ يصدر عن مدير الإدارة، وذلك حسب المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969 ، يعني بالمشربحي أن ابن الخالة العميد في عصمةٍ عن المساءلة القانونية مهما عظمت جرائمه، ولا يستطيع أحد مهما بلغ تضرّره مقاضاته، سواء ادّعى شخصياً أو لم يدع لامتناع ذلك بقانون مفصّل على قدّهم ومرسومٍ على مقاسهم. وعليه، فإنهم يرتكبون جرائمهم وهم يظنون أنهم غير ملاقي ربهم، بل يعتقدون أنْ لم يرهم أحد، أو أن لن يقدر عليهم أحد، ذلك ظنهم الذي أرداهم وأوردهم مهاوي الهلاك. إن العميد والعميد أولاد الخالة بتحصنهم خلف جُدُر القوانين والمراسيم يظنون أنهم بمأمن من غضب الجماهير المسلوبة حريتها والمعتدى على كرامتها ، ولكنهم بغبائهم وحماقتهم وطغيانهم وهو أمر يحسب لهم، فجّروا بركان الغضب السوري، الذي أكّد إرادة شعبية هادرة بإسقاط النظام، عقيدتها أنه اقترب للمجرمين حسابهم، ودنت ساعتهم والساعة أدهى وأمرّ، وويل يومئذٍ للمجرمين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى