صفحات العالم

“ترانسفير” سوري – لبناني !

نبيل بومنصف

لا تقف خطورة ما كشفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن عمليات تجنيس ونقل سكاني يتولاها النظام السوري في جبل العرب وحمص على سوريا والمخطط المشبوه لتقسيمها، بل تتمدد أيضاً الى لبنان في كثير من الوقائع المشبوهة الاخرى.

أساساً وقبل اي عامل غير مرئي، باتت مسألة نزوح اللاجئين السوريين الى لبنان تهدده بترانسفير ديموغرافي يستحيل عليه تحمله مع تقدير الأعداد الوافدة اليه حتى الآن فقط بما يوازي ثلث عدد سكانه. ولا يخفى انه في حال اندلاع معركة دمشق تحديداً، فان ثمة تقديرات بأن موجات النزوح الى لبنان ستبلغ ذروة غير مسبوقة، ولن يكون ممكناً من الآن تصور مجمل الاعداد المخيفة للاجئين ولا اي لبنان سيكون عليه حين يغدو بلد لجوء لهذا الحجم المرعب وانعكاساته. بذلك يتساوى الشعب السوري الضحية المباشرة للنظام ولبنان سواء بسواء في مفاعيل التهجير المنهجي الذي يتولاه النظام الاسدي تحت أعين مجتمع دولي بالكاد يلتفت الى البلد الاكثر عرضة للتأثر بموجات النزوح والتهجير من خلال “صندوق ائتماني” يجري العمل عليه الآن.

ولعل الخشية مما يثيره جنبلاط تكمن هنا تماماً، اي في القصور او ربما التواطؤ الدولي حيال ترك النظام يفصل مناطق فرز ديموغرافي والامعان في تصدير موجات اللاجئين الى دول الجوار ولا سيما منها لبنان. هذا الأمر لا يتعلق بفرض منطقة حظر جوي لكي يجري التحجج بالفيتو الروسي والصيني والتحفظ الاميركي عنها أصلاً. ولو كان المجتمع الدولي راغباً فعلاً في منع مخططات مشبوهة مماثلة لأمكن صدور قرار عن مجلس الامن بإقامة مناطق محمية ومعزولة للنازحين السوريين داخل سوريا نفسها وتنظيم عودة النازحين من دول الجوار اليها.

إذاً، فالشبهة المشروعة بكل المعايير لا تقتصر على النظام ومخطط الترانسفير الذي يتولاه بحق السوريين، بل تطاول نادي الدول الكبرى المعنية مباشرة بالازمة السورية.

ولعل الغباء القاتل ان ينظر لبنانيون الى هذا الخطر من زاوية طائفية او مذهبية او فئوية حصرية، فيما هو يهدد الكيان اللبناني برمته. غني عن البيان انه مع ترانسفير بهذا الحجم، يكون فيه السوريون الضحية الاولى وارض اللجوء الضحية الاولى أيضاً، لا مراتب ولا نسب في الاضرار المصيرية مع مخطط كهذا، ولا اقليات طائفية واكثريات مذهبية ستكون مستثناة من الكارثة المتدحرجة.

واذا كان المجتمع الدولي عاجزاً او متآمراً او متواطئاً تبعاً لمصالح دوله، فلا ندري اي وصف ينطبق على أهل المجتمع السياسي اللبناني قاطبة في ملهاته المفجعة والفضائحية، وسط زحف الكارثة وتهديدها بعملقة انعكاساتها على نحو لم يخرق بعد “أجندات” فرسان المعارك الصغيرة بكل تلاوينها الهابطة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى