أحداث وتقارير اخبارية

تشييع حاشد لضحايا دوما… وبوادر أزمة مع أنقرة

 


سوريا: حكومة تكنوقراط شبابية خلال أيام

بدأ تفاعل القيادة السورية مع حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد، يدخل مرحلة أكثر وضوحا أمس، مع تكليف وزير الزراعة في الحكومة السابقة عادل سفر تشكيل حكومة من المتوقع لها أن تبصر النور خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وأن تضم عناصر شبابية وأخرى من خارج المشهد الحزبي الحاكم.

في هذا الوقت، شهدت مدينة دوما، تظاهرة ضمت عشرات آلاف المواطنين الذين شيّعوا ثمانية متظاهرين قتلوا برصاص قوات الأمن بحسب الشهود، هاتفين بشعارات «الحرية»، فيما قاموا باحتواء مجموعة هتفت بـ«إسقاط النظام». وفي المقابل، قامت قوات الامن بحسب ناشطين حقوقيين بحملة اعتقالات واسعة في عدد من المدن السورية، في حين أفرجت السلطات عن عدد من الناشطين والمتظاهرين الذين اعتقلوا في الأيام الاخيرة.

إلى ذلك، أدت عوامل عديدة إلى تشكل حالة توتر سورية – تركية قد تتحول إلى أزمة في العلاقات، منها المؤتمر الصحافي الذي عقده المراقب العام لـ«الاخوان المسلمين» في سوريا محمد رياض الشقفة في اسطنبول أمس الاول، دعا فيه تركيا إلى التوسط في الأزمة السورية قبل إراقة المزيد من الدماء. ودعا الشقفة إلى التغيير التدريجي، موضحاً أنه لن يعترض إذا فاز الأسد في انتخابات ديموقراطية. وقال إنه إذا لم يستجب الأسد لمطلب التغيير «فسنواصل التحركات السلمية».

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان «أريد أن اعرف ما هي ردود الفعل على تصريحات الأسد، وما هي توقعات الشعب»، موضحاً انه، إضافة إلى تغيير الحكومة، «كانت توجد توقعات بإلغاء حال الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعداد دستور جديد. وإذا لم تحدث هذه الخطوات فسوف أتصل به (الأسد) وأحدّثه».

وعما إذا كان قلقاً بشأن الوضع في سوريا على غرار ما هو جار في ليبيا، قال اردوغان «بالطبع نحن نتابع ذلك بقلق. لا أريد أن أكون قلقاً، لكن حدودنا الأطول هي مع

سوريا. وتوجـد علاقات عائلية وتزاوج عميقة في هاتاي (الاسكندرون) وحلب والقامشلي. حتى من مناطــق قريــبة من اللاذقية يطلبون مساعدتنا».

وأعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان الرئيس السوري بشار الاسد أصدر مرسوما يقضي بـ«تكليف الدكتور عادل سفر بتشكيل الحكومة» الجديدة خلفا لحكومة محمد ناجي عطري. وقالت أوساط قريبة من الحكومة السابقة لـ«السفير» إن الرجل «تكنوقراطي»، ويعرف ما هي مسؤولياته، كما أنه»مبتكر ونظيف اليد»، وذلك ما كانت مصادر مسؤولة قالت لـ«السفير» في وقت سابق إنه أول شرط مطلوب في عناصر الحكومة المقبلة.

كما عرف عن سفر أنه خاض مواجهات مع رئيس الوزراء السابق ناجي العطري بسبب مسائل إدارية وحكومية، بما يوحي بطبيعة شخصيته. ولم يتبين بعد أية ملامح سترتسم على وجه هذه الحكومة، التي من المتوقع أن تتشكل مع نهاية الاسبوع الحالي. إلا أن ثمة أفكارا تروج على أنها ستكون حكومة شباب (في معظمها) وأنها ستتضمن وجوها جديدة من خارج المشهد السياسي والحزبي، كما من غير المستبعد أن يستأنس بآراء مختلفة مع رأي السلطة الحالي حيال قضايا حيوية، فيما يبدو طبيعيا أن يحافظ بعض الوزراء على مناصبهم، بمن فيهم وزير الخارجية وليد المعلم باعتبار «أن السياسة الخارجية ليست موضع جدل في سوريا».

من جهة اخرى، نزل عشرات آلاف الاشخاص الى شوارع مدينة دوما السورية للمشاركة في تشييع ثمانية متظاهرين قتلوا الجمعة الماضي برصاص قوات الامن، بحسب ما افاد شهود في هذه المدينة. وقال مدير المركز الوطني للاعلام وحرية التعبير مازن درويش، الذي حضر التشييع: «شارك في الجنازة عشرات آلاف المشيعين هاتفين بشعارات تكرم الشهداء وتطالب بالحرية وتندد بالإعلام الرسمي الذي وصفته بالخائن». وأوضح ان موكب التشييع «انطلق من المسجد الكبير في دوما باتجاه المقبرة الجديدة مروراً بشوارع المدينة».

وأضاف درويش ان المتظاهرين حملوا لافتات كتب على بعضها «اين العصابات؟» في تهكم على اتهام الاعلام السوري الرسمي لـ«عصابات مسلحة» بالهجوم على المواطنين الجمعة وإطلاق النار عليهم، كما هتفوا ضد «الخائن الذي يقتل شعبه». وقال درويش إن «متظاهرين قاموا باحتواء مجموعة من الاشخاص اطلقت هتافات دعت الى إسقاط النظام». وأضاف «تم دفن ثمانية قتلى وما زال هناك ثلاثة اخرون قتلوا في المدينة، يتحدر اثنان منهم من بلدة عربين وآخر من السبينة المجاورتين لدوما». وأكد درويش انه «لم يكن هناك تواجد ظاهر لأي قوات امنية في المدينة، وبعد التشييع توجه قسم كبير من المتظاهرين الى ساحة البلدية حيث اعتصموا».

كما نقل مواطن سوري من سكان درعا ان السلطات السورية افرجت مساء أمس الأول عن تسعين شخصا كانوا اعتقلوا خلال تظاهرات الجمعة الماضية، وقامت باصات بنقلهم الى وسط المدينة حيث اطلق سراحهم.

من جهته اشار المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من لندن مقرا له ان قوات الامن السورية «قامت الاحد باعتقال 17 شخصا في دير الزور (450 كلم شمال شرق دمشق)». كما افاد احد الحقوقيين ان «اكثر من 50 محاميا تجمعوا امام مقر نقابة المحامين في درعا للمطالبة بالافراج عن محاميين» لا يزالان معتقلين. وأشارت مصادر حقوقية الى ان قوات الامن اعتقلت اكثر من 60 شخصاً في دوما، وحمص.

وفي العاصمة دمشق تعطلت شبكة الانترنت لمدة ست ساعات قبل ان تعود، الا ان الاتصال بالهواتف النقالة كان شبه مستحيل، في حين لا تزال الخطوط الارضية تعمل بشكل طبيعي.

(«السفير»، أ ف ب، رويترز)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى