صفحات سوريةناهد بدوية

تلكلخ تتظاهر سلميا

 


ناهد بدوية

لم يقدم النظام شيئا الى أهل تلكلخ والآن خرج أحد أبواق النظام في الإعلام ليقول بكل صفاقة بأنه لا توجد في تلكلخ احتجاجات ومظاهرات سلمية لأن أهل تلكلخ كلهم مهربون.

فليعلم كل صفيق يتحدث اليوم بمثل هذا المنطق، أن في تلكلخ اليوم شبابا متعلما وعصريا ومعه موبايلات ويتابع الفضائيات ويرى بعينه كيف يمكن لشعب سلمي أن  يغير أنظمته. وهؤلاء الشباب اليوم هم من ينتفضون على هذا النظام الذي لم يقدم لهم شيئا سوى المذلة والمهانة والفقر.

أتذكر تلكلخ منذ الستينات، في تلكلخ كانت نسبة المتعلمين أكبر من الكثير من المدن في الأربعينات والخمسينات وذلك بحكم أن معاملاتها كانت مع لبنان مباشرة، والكثير من العائلات الميسورة كانت ترسل أولادها الى المدارس اللبنانية. وكنا نتفاجأ أنا وأخوتي عندما نزور أخوالنا في الأعياد كيف أن بنات تلكلخ في الستينات والسبعينات يلبسون ثيابا على الموضة أكثر منا نحن بنات العاصمة وكيف أن أجوائهم مختلطة والنساء يدخنون السجائر بجرأة!

وفي ماخلا فترة السبعينات من القرن العشرين، كانت تلكلخ كسائر المناطق في سورية، التي لم يقدم لها هذا النظام سوى الأجهزة الأمنية التي تدير كل شؤون البشر فيها.

في تلكلخ وكغيرها من المناطق السورية المهملة وما أكثرها! ترك النظام الناس يلتقطون رزقهم كيفما اتفق وكأنهم يتامى لا دولة لهم.  في البداية كانوا يعملون في الخدمات التي يتيحها مرور الطريق الرئيسي بين حمص وطرطوس على هزالتها. ثم بعد خروج الطريق من المدينة، خسرت مئات العائلات رزقها.

ترافق ذلك مع حرمان الشعب السوري من أي سلع أجنبية بدون توفير بدائل محلية لائقة، فبدأ الطلب من جميع المحافظات على هذه السلع وقام الكثير من شباب تلكلخ العاطل عن العمل بتهريب هذه السلع لأن الحدود بين تلكلخ ولبنان كبيرة وملتفة، وذلك تحت أعين أجهزة السلطة التي كانت تجني الأتاوات منهم.

ومع توفر هذه السلع في التسعينات من القرن العشرين تراجع التهريب وعاد الشباب التلاوي عاطلا عن العمل. في مناخ  من احتكار مستفز للمصالح الاقتصادية المحدودة فيها من قبل الموالين للسلطة.

وجاء الجيل الجديد من الشباب المتعلم والذي تنور عبر ثورة الاتصالات والمعلومات رغم أنف الإهمال، هذا الجيل الذي شاهد بأم عينه عبر الفضائيات شبابا مثلهم يعيشون أنماطا مختلفة من الحياة، هذا الجيل العاطل عن العمل والذي لا يخسر شيئا إذا ما انتفض. هؤلاء الشباب المتعلمون السلميون هم من يريد الحرية  في تلكلخ اليوم.

أما عن الاشتباكات التي نسمع عنها وعن الأسلحة التي من الممكن أن يكونوا قد وجدوها في تلكلخ، فاسألوا أجهزة الأمن هناك فهي تعرف فوضى الحدود المقصودة التي لطالما اشتكى منها لبنان واسألوا أجهزة الأمن عنها وعن شبكات تهريب الأسلحة من والى لبنان، فعندها الخبر اليقين.

وإن كان هناك شيء آخر غير ذلك، وكل شيء وارد، فدعوا البشر يذهبوا إلى هناك بحرية ليحققوا ويكتبوا بحرية عما يشاهدونه، وإذا كان هناك عصابات مسلحة فسوف أدينها قبلكم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى