صفحات المستقبل

توضيحات مضيئة لوقائع معتمة


لافا سلو

حان وقت انقاذ الثورة من مؤتمرات الانقاذ المرتجلة

دخلت الثورة الديمقراطية السورية المرحلة الحرجة لانتصارها رغم تشديد النظام لقمعه وحصاره للمدن وعسفه بحق الشعب ونشطاء الثورة والمقاومة المدنية ورغم كثرة خيوط محاولاته في لجم الثورة بالفتن الطائفية والسياسية والدعائية ,

ان اكثر ما يشوّش على الثورة في هذه المرحلة هو كثرة المؤتمرات ومشاريع الاستيلاء على الثورة والتحدث باسم الشارع وشباب الثورة وكثرة التشكيلات التي تقفز الى الواجهة بحجة مناصرة الثورة وتنظيم القوى والمجتمع بطريقة تدعو للريبة والشك لفقد المصداقية وسرعة المحاولات هذه في لم بعضها بعضا مرة في الخلاف ومرة بالاتفاق وكلها لا تأتي بخير او بإضافات جديدة على الثورة وقواها الشبابية، رغم ان كلها تدعي ركوب حصان الثورة والديمقراطية ومصلحة الشعب لكنها في الحقيقة لم تقدم اليوم شيئا ولم يتكشف عملها الا عن تسرع القائمين بها وحجم طموحات المغامرة لهؤلاء مثلما تبدى في المؤتمرات التي تلملمت بقدرة قادر في الفترة الماضية باسم الثورة فكانت في الحقيقة مؤتمرات عليها وليس لها,

 مؤتمر الانقاذ في استانبول

  كان واضحا منذ اللحظة الاولى أنه لم يتم التحضير لمؤتمر الإنقاذ بشكل جيد حسبما  اعلن عن المرجو منه لقيادة مرحلة التغيير و قد انعقد بالرغم من كل الفوضى التي رافقته والتسرع الذي كان واضحا لدى بعض الهاربين اليه، فبالرغم من الغاء شق المؤتمر الذي كان مقرراً انعقاده بالتزامن معه في دمشف ( القابون) بطريقة واسلوب مرتجل اعلانا عن المكان والغاء له، و بالرغم من المشاكل التي حدثت أثناء انعقاده الاستانبولي و اقصاء جماعات واسعة من المشاركين ممن كانوا اعلنوا انضمامهم اليه او ممن ساهموا بإطلاقه، لم يتقرر تأجيل المؤتمر في اسطنبول إلى الوقت التي تصبح فيه الظروف مواتية لانعقاده في دمشق أيضا خاصة وان الناطقين باسمه حددوا أهميته في انعقاده بالتزامن معً شقه داخل الوطن بالقوى الفاعلة على الارض الذين استعيض عنهم بما توفر او بالاحرى بما طاب للبعض من القائمين بأمر المؤتمر من هواة المصالح وتركيب ما لا يركب فغدا مؤتمر لون واحد وخطاب واحد رغم  حضور البعض لتلوينه ديكوريا بعض الكرد وبرهان غليون وبعضا من أعضاء مؤتمر أنطاليا لكن لم يكن بالإمكان انقاذه من سقوطه الفئوي,.

في البداية قالوا إن الدعوة عامة، و قبل بضع أيام من انعقاده  اتصلت بأحد المشاركين من اسطنبول فقال لي أن اللجنة التنظيمية لم تقرّ بعد و الدعوات لم توجه بعد حتى للضيوف الأتراك  و أنها ستتحدد في المساء و سيتم إرسال الدعوات عبر البريد الاكتروني للسوريين المقيمين في اسطنبول و لكنهم لم يرسلوها. كذلك تواصل أحد معارفي و هو صحفي عدة مرات مع البريد الالكتروني الموجود بصفحة المؤتمر الالكترونية، و لم يلق استجابة قي البداية و عندما استجابوا وعدوه بإرسال الدعوة عبر البريد الاكتروني ولكنهم لم يرسلوها  له. ليلة المؤتمر و بعد أن علمنا أنه لن يسمح بالدخول سوى للمدعويين اتصلت مجدداً بالشخص المشارك و قال لي  أنه في الهيئة التنظيمية و ليس لديه دعوة و قال أنه سيعطيهم اسمي و أنه سيكون موجوداً هناك في حال حدثت أي مشكلة.

عند وصولنا إلى مكان المؤتمر دخلنا دون مشاكل و سأل الصحفي الذي ذكرته سابقاً الشخص الذي تواصل معه لإرسال الدعوة عن سبب عدم إرسالها فأجابه بأنه نسي. وجدنا أن بعض بطاقات أسمية للمدعوين كان معداً مسبقاً و بعضها الآخر تم إعداده بعد وصول المشاركين و أخذ أسمائهم .لاحظت لاحقاً أنهم أعطوني بطاقة دوِّن عليها “مشارك” بينما كتب على بعض البطاقات “مراقب”. عند الدخول التقينا بهية مارديني و عند سؤالها فيما إذا كان زوجها الدكتور عمار القربي موجوداّ قالت بأنه هنا و لكنه في فندق آخر و أن المكتب التنفيذي لمؤتمر أنطاليا سيجتمع لاحقاً مع المجلس المتمخض عن مؤتمر الانقاذ الوطني..

في الكلمات التي ألقيت عند الافتتاح قال مقدم المؤتمر أن” المؤتمر تم بمشاركة أوسع طيف من المجتمع السوري للبحث عن سبل الخروج بسوريا من هذه ” المحنة ” . كنا قد سمعنا كلاماً مشابهاً في مؤتمر أنطاليا أيضا،  حول التمثيل لطيف واسع فعند توزيع الدعوات قالوا أن الدعوات توجهت للأفراد ليحضروا بصفتهم الشخصية لتبرير عدم توجيه الدعوة للحركة الكردية كي لا يحرجوا الدولة المضيفة و عند القاء الكلمات في المؤتمر كان الكل يلقونها باسم الجهة التي ينتمون إليها و بالتالي حصل تغييب متعمد للحركة الكرديّة.

          مما ورد في الكلمة الافتتاحية أن شباب الثورة قد حموا المؤتمر الذي كان مقررا انعقاده في دمشق في القابون، بأجسادهم و استشهد عدد منهم ليضفوا بذلك شرعية دعائية ومعنوية من الداخل والثورة  على مؤتمر استانبول، و لم يخص سواهم بالذكر على الرغم من سقوط شهداء من السوريين الكرد في قلب دمشق في ركن الدين في نفس اليوم.

 في كلمة رئيس المؤتمر المحامي هيثم المالح استذكر أحداث الثمانينيات التي راح ضحيتها ما يزيد عن عشرين ألف سوري ما يزالون مسجلين كأحياء في سجلات الدولة، و نسي أحداث القامشلي في  2004 التي راح ضحيتها 34 كردياً في الملعب البلدي بالقامشلي و نسي أن يذكر مدينة عامودا التي كانت السباقة في تحطيم صنم الأسد في تلك الأحداث في الوقت الذي  كان فيه بقية السوريين يتجرعون ذل حكم الأسد. الكلمات التي ألقيت غلب عليها التيار الإسلامي العروبي فأعطي المجال لاثنين من حركة الإخوان المسلمين بالحديث. و في الكلمة الملقاة باسم هيئات منظمات المجتمع المدني في تركيا ترحم من ألقاها على أرواح الشهداء و قال بأن الكرد الذين لم يحصلوا على حق المواطنة سيحصلون عليها في حين لم يأت أي من المتكلمين السوريين على ذكر المظالم التي الحقت بالكرد تاريخا بكلمة.

في استراحة الغداء تجمعنا مع بعض الشباب في المؤتمر – حيث لم توجد طريقة لإعلام كل من  في المؤتمر من الشباب-  و تبادلنا الآراء و الملاحظات حول ما سبق و كان الاجماع على أن الكلمات التي ألقيت غلب عليها الطابع الإسلامي العروبي . كما حددنا أهدافنا من المؤتمر و هو أن يتم الانتقال من الأقوال إلى الأفعال و التأكيد على دور الشباب لأنهم يشكلون النسبة العظمى من المجتمع السوري و ممن يخرجون للتظاهر و من الشهداء و بناءً على ذلك فإننا يجب أن نساهم بنسبة لا تقل عن خمسين بالمائة في اللجنة المنبثقة عن هذا المؤتمر .كذلك تم التأكيد على دور المرأة و ضرورة وجود تمثيل مناسب لها. كما ناقشنا تسمية الجمهورية العربية السورية و قلنا أن فيها إقصاء للسوريين من غير العرب .قال أحدهم أن المكان و الوقت غير مناسبين لمناقشة هذا الأمر و قال آخر أن مثل هذه المسألة يجب أن تخضع للاستفتاء و اعترض أحد الكرد و قمنا بتأييده حيث من غير العدل أن يجري استفتاء على المسألة حيث أن 90% من الشعب السوري هم من العرب. و قالت إحداهن أنه في بعض الدول المتقدمة هناك قوانين لحماية حقوق الأقليات و أن مثل هذه الحقوق لا تخضع للاستفتاء.

لم نتمكن من حضور النقاشات التي دارت بين الكرد الموجودين في المؤتمر لتزامنها مع نقاشات الشباب، بالرغم من أننا، أي الشباب الكرد، كنا ننوي حضور كليهما (عددنا أربعة). عند انتهاء استراحة الغداء توجهنا إلى القاعة ثانية و كنا قد تأخرنا قليلاُ لانشغالنا بتدوين ما ناقشناه و تعيين ناطق باسم الشباب ( عرب وكرد) ليعرض توصياتنا على الحضور. عند وصولنا  إلى باب القاعة رأينا المؤتمرين الكرد يغادرون القاعة و هم يتذمرون من تهميش الكرد في المؤتمر. و توجهوا بشكواهم إلى رئيس المؤتمر بأسلوب هادئ و قالوا له إننا لن نقبل بهذا الأمر فاحتدّ عليهم المالح و أجابهم: هل تفرضون شروطكم عليّ؟ و نتيجة لذلك علا صوت الطرفين و ترك المالح المتناقشين معه قبل أن يكمّلوا حديثهم و تابع طريقه. خرجنا نحن الكرد و معنا بعض ممثلي العشائر الذين تضامنوا معنا. و جاء عماد الدين رشيد ليستفهم عن سبب انسحاب الكرد من قاعة المؤتمر و كانت الأسباب عي كالتالي:

 1-تعديل  في مسودة البيان الختامي المتفق عليها في دمشق حيث حذف منها بنود دون الرجوع إليهم .                                         الحجة: النسخة المعدلة هي اختصار صيغة فانونية للنسخة الأصلية. (النسختان متوفرتان للمقارنة).

2-تغيير الشعار الموجود في الصالة من  “الجمهورية السورية” ،التسمية المنسجمة مع علم الاستقلال الذي تم رفعه في المؤتمر، إلى “الجمهورية العربية السورية” و تم  التغيير بقدرة قادر و قبل انعقاد المؤتمر بوقت قصير مع العلم أنه كان قد تم الاتفاق على تبني التسمية الأولى.                                                                                                                 نعلم أن من أجمل الهتافات التي نادى بها شجعاننا من الداخل “لا عربية و لا كردية بدنا الوحدة الوطتية” و رددها السوريون أمام السفارات السورية في دول المهجر ليكونوا صدىً للداخل و قاموا بترديد غير ذلك من الشعارات التي تؤكد على أن الانتماء لسوريا يأتي أولا فكيف يكون مؤتمر الانقاذ معبراً عن ” أوسع طيف” من الشعب السوري إذا تجاهل هذه الرغبة و جاءت العربية قبل السورية و حدث بذلك اقصاء للسوريين من غير العرب؟!

3- اللجنة التحضيرية في اسطنبول لم تتضمن أي اسم من المكون الوطني والسياسي الكردي و بالتالي لم يتسن لأي ممثل عن الكرد الاطلاع على حيثيات جدول أعمال المؤتمر و لجنة صياغة البيان الختامي و باقي وثائق المؤتمر فضلا عن ترتيبات الكواليس الطاغية.

4- تم خرق برنامج المؤتمر و  لم يفسح المجال لأي من الكرد المشاركين في المؤتمر بإلقاء  أي كلمة .

5- رفض تشكيل حكومة ظل لا تعبر عن جميع أطياف المعارضة السورية.

 شرح الشابان الكرديان لممثّلي المنظمات المدنية التركية ، حيث كان الممثلون الترك، شهوداً على الجدل الذي حصل بشأن التسمية قبل المؤتمر و الذي كانت نتيجته تبني تسمية  “الجمهورية السورية” قبل التغيير المفاجىء الذي حصل.

بعد اختيار االحضور من الكرد لناطق باسمهم و هو عبد الباسط حمو الذي ذهب مع عماد الدين رشيد ليتحدثوا على انفراد و النتيجة كانت عدم حل الخلاف. و انسحاب الكرد من المؤتمر بقي عدد محدود جداً من الكرد في المؤتمر بعضهم  كمراقبين و منهم ثلاثة من فئة الشباب كمشاركين و أنا من ضمنهم.                                                                              في الفترة الثانية شهدت نقاشاٌ عند باب قاعة المؤتمر بين الدكتور برهان غليون و اثنين آخرين أحدهما كان عماد الدين رشيد حسب ما أذكر و كانا يقنعانه بالدخول للمشاركة  فقال لهما أن الاتفاق تم على أن يكون حضوره للمؤتمر كمراقب و  أنه لم يكن على علم بطرح حكومة الظل و كان الرجلان يستحلفانه بدماء الشهداء ليدخل إلى القاعة (نفس أسلوب الاقناع الذي اتبعوه مع الكرد) فطلب منهما أن لا يزاودوا عليه بدماء الشهداء و أنها ليست حكراً على أحد. بقي الدكتور غليون في الفندق و لم يصرح للإعلام عن الاشكال الذي حصل بينه و بين منظمي المؤتمر. في تلك الأثناء كانت فعاليّات المؤتمر مستمرة بينما كنا في الخارج و عرفت أنهم طلبوا من المشاركين الاتفاق على قوائم فيما بينهم و لكنني فوتت اجتماع المجموعات (من نتائج سوء التنظيم ) و علمت بعدها أنه تم التصويت في كل مجموعة لاختيار الممثلين و اندمجت مجموعتان فيما بينهما و سمعت أحد الشبان يشتكي من حدوث خطأ عند عد الأصوات و بأنه حصل على أربع و عشرون صوتاً و عند عد الأصوات قالوا له أنه حصل على ستة عشر صوتاً، و لكني استغربت من عدم اعتراضه على الأمر فور حدوثه. لأن أغلبية إن لم نقل كل من التقيتهم، عبر عن عدم رضاه عن مجريات المؤتمر و لم يؤثر هذا على استمرارية المؤتمر. قد يكون سبب عدم اعتراض الشاب في حينها هو نجاحه في التصويت و بالتالي لم يعر أهمية لعدد الأصوات و لكن عند دمج قائمته مع قائمة أخرى و استبعاد من حصلوا على أقل الأصوات و هو من بينهم صار يتذمر من الأمر.

 عند عودتنا لداخل قاعة المؤتمر تمت قراءة “وثيقة  إعلان مبادئ وطنية لرؤية مستقبل سوريا ، صادرة عن الداعين إلى مؤتمر الإنقاذ الوطني” و تم الاستماع إلى المداخلات بشأنها. لاحظت أن العديد من المداخلات أكدت على ضرورة ذكر عبارة إسقاط النظام في جميع الوثائق الصادرة عن المؤتمر و كأنه كان هناك تخوف بين الحضور من عدم وجود عبارة صريحة تشير لإسقاط النظام. أراد ديرسم (و هو شاب كردي) أن يقدم مداخلة يشرح فيها سبب انسحاب الكرد من المؤتمر و أن يبرز الورقتين اللتين تحتويان مسودة البيان الختامي قبل و بعد التغيير، و لكن عند اعطائه المجال للحديث و تبين أن مداخلته كانت بشأن البيان الختامي للمؤتمر أخبروه أن عليه أن يؤجل مداخلته إلى بعد قراءة البيان الختامي.                                       بعد الاستماع إلى المداخلات تم سؤال المشاركين فيما إن كانوا يريدون قوائم توافقية أو قوائم من أشخاص  وتم التصويت عليهما فوقع خيار الأغلبية على القوائم التوافقية. بعدها صار الحضور يتجولون في القاعة ليتعرفوا على بعضهم أكثر و بينما كنت أتجول في قاعة المؤتمر سألني شخص أظن أن اسمه كان أسامة- حيث لم يكن الجميع يضعون بطاقات الاسم- فيما إذا كنت أرغب بإضافة  اسمي لقائمة المالح و لم أمانع مع أني استغربت الأمر لأنه كما فهمت أن القوائم اختيرت بالتصويت. و في نفس الوقت اعتلى أحدهم المنصة و صار ينتقد بنبرة حادة و يعبر عن نفاذ صبره من مجريات المؤتمر، كان الشخص المتحدث هو الأمين العام لحزب الوسط السوري و كنت قد التقيته سابقاً و قد قال لي حينها تعليقاُ على انسحاب الكرد أنه أيضاٌ يظن أنه أحس أيضاً أنه هناك اقصاء للبعض و لكنه يلتزم بآداب التعامل. و بعد انتهاء المؤتمر قرأت في الموقع الالكتروني لحزب الوسط بياناً صادراً عن مؤسس وامين عام حزب الوسط (أي الشخص نفسه) :

“نحن في حزب الوسط (ولا ندري ولم نسمع يوما بحزب اسمه الوسط) نثمّن الجهود المخلصة ، التي بذلت من جميع الأخوة الأحرار، في المعارضة السياسية السورية، الذين شاركوا في مؤتمر الإنقاذ الوطني، بكل أطيافهم السياسية و الإثنية و الدينية، و نخص منهم الأخوة في اللجنة المنظمة للمؤتمر، و في مقدمتهم شيخ الحقوقيين، الأخ الكبير، المجاهد هيثم المالح، و الأخ الفاضل عماد الدين رشيد ، و نؤكد نحن في حزب الوسط دعمنا لما خلص له المؤتمر، من قرارات و توصيات ، بشأن قضيتنا السورية العادلة، قضية الحرية و التحرر  من الإقصاء و الاستبعاد، قضية الحق و العدالة، لنيل الحرية و الكرامة لكل مواطن سوري، وصولاً إلى دولة مدنية عصرية ، يتساوى فيها كل أبناءها بالحقوق و الواجبات، في ظل ديمقراطية حقيقية، و تعددية سياسية، و الله الموفق.” !!!

التقيت مرح بقاعي أيضاً و اشتكت لي من أنهم استبعدوها من أحد القوائم بالرغم من أنها ساهمت في الصياغة اللغوية لمتطلبات الشباب، فقلت لها أن أحدهم سألني فيما لو كنت أود أن يضاف اسمي لقائمة المالح فقالت لي إن هذا جيد و القائمة هي الفائزة بالتأكيد.. بعدها أيضاً دار نقاش على المنصة فيما إن كان الحضور  يفضلون تمثيلات مناطقية أو كتلاً سياسية.

عندما تم الاعلان عن القوائم الثلاثة ، وضعوها على الشاشة و لم تتسع الشاشة لكل الأسماء حاولت زميلتي أن تصور الشاشة و لكنها لم تحصل على صورة واضحة. تمكنت من تدوين أسماء قائمة واحدة لضيق الوقت. بعض الأسماء تكررت في أكثر من قائمة. الأمر ذاته حصل في مؤتمر أنطالية بعض الأسماء تكررت في أكثر من قائمة و تم استبدالها و أحد الأسماء تكرر في المؤتمرين. في مؤتمر أنطاليا مثلاً علمت أن اسمي كان موجوداً في إحدى القوائم و تم حذفه من دون علمي بالأمرين (أي الاضافة و الحذف ) و عند استبدال الأسماء المتكررة سألوني فيما لو كنت أود أن أضيف اسمي و لم أقبل و لم أشارك في التصويت. و في أنطاليا أيضاً لم يحصل الشباب على النسبة التي حددوها في القوائم و قد انسحب محمد العبد الله على إثر هذا الخلاف من القائمة.  لم يكن اسمي على قوائم الانقاذ الثلاث و عند استفساري عن سبب طلب إضافة اسمي و عدم وجوده في أي من القوائم بعدها، أخبرني الشخص ذاته أنه ليس هو من قام بتحديد الأسماء ثم شرحت لي مهجة أنها تظن أن أكثر من شخص قاموا بجمع الأسماء ثم اختاروا من بينها.

الفرق بين مؤتمري أنطاليا و الإنقاذ أن الخلافات بشأن القوائم كانت أكثر علنية في اللاحق. في مؤتمر أنطاليا فقط علمت أن نتيجة للخلاف انسحب الناشط محمد العبد الله و لكني لم أتمكن من معرفة الطرف الآخر للخلاف و من هو المسؤول عن تحجبم دور الشباب .أستغرب حدوث مثل هذه الخلافات في المؤتمرات حيث أن غالبية و إن لم نقل جميع المعارضين السوريين يؤكد على دور الشباب و أن لهم الدور الأكبر في ثورتنا السوري خارج قاعات و كواليس المؤتمرات بينما يمارسون دور الوصاية عليهم داخلها.

كان محمود الدغيم أيضاً من ضمن المحتجين الذين اعتلوا المنصة و صرخ قائلاً أن ما يجري عيب ثم أعلن انسحابه و خرج من القاعة (الخلاف على القوائم حسب ما فهمت). كذلك علمت أن هيثم المالح كان قد خرج غاضبا ة ومعترضا و أعادوه بعد مراضاته .

 استغرق النقاش زمناً طويلاً و خرجنا  من القاعة في العاشر ليلاُ. بعد العشاء خرجت مع السيدة مهجة قحف زوجة الاكاديمي المقيم في امريكا نجيب الغضبان، إلى شرفة المطعم و عند توجهنا لقاعة المؤتمر مجدداً كانوا قد انتهوا من تعيين مجلس الانقاذ و علمت من فيدل و ديرسم (شباب كرد) أن الأمر تم على غرار قوائم الظل في مجلس الشعب السوري عندنا. حيث خرج المالح من القاعة للمرة الثانية لعدم رضوخهم لرغبته و هو ينعت المؤتمرين بأنهم كلهم نسخ عن بشار و حافظ  الأسد، و خرج البعض لمراضاته مجدداً و وضع المالح القائمة الأخيرة و النهائية المتبناة من مؤتمر الانفاذ (دون تصويت )و  أضاف إليها بعض الأسماء التي لم تكن موجودة في القوائم الثلاث  و من ضمنهم اسم ابنه إياس المالح و علمت أيضاً أن اسم  محمود الدغيم أيضاً كان قي القائمة النهائية (يبدو أنهم استرضوه أيضاً) و كذلك اسم مرح البقاعي التي اشتكت من استبعادها من قبل.

كان من بين أسماء قائمة الانقاذ شخصان من الجالية السورية اشتركا بكتابة تقرير عن أوضاع السوريين في المخيمات التركية نشأ على إثره خلاف حاد بيننا نحن الشباب السوريون في تركيا. حيث صور أوضاع اللاجئين على أنها ممتازة تملقا للسلطات التركية و عبروا عن امتنانهم للحكومة التركية و أنه كان هناك بعض المشاكل البسيطة التي تم تجاوزها و صوروا كل من ينطق بخلاف ذلك بأنه من أزلام النظام السوري. و هذا مخالف لما رأيته عند زيارتي للمخيمات.

 بعد اطلاعنا على الأمر استفسرت مهجة من زوجها نجيب الغضبان عن حقيقة الأمر، فلم ينف ما جرى و أخبرها أنه غير راضٍ عن الأمر و يرغب في الانسحاب من القائمة. تحدثت مهجة مع إياس المالح (ابن هيثم المالح) و قالت له أن أي مؤتمر من دون وجود الكرد هو مؤتمر ناقص. فأجابها بدوره بأنه لم ينسحب سوى ثلاثة من الكرد. و الحقيقة هي أن الجميع انسحبوا و الذين بقوا لا يتجاوزون الخمسة و منهم من بقي كمراقب .نحن الكرد كنا متفقين على النقاط الخمسة المذكورة آنفاً و الخلاف كان حول طريقة معالجة المشكلة.و عند سؤالي لإياس عن سبب تبني المؤتمر علم الاستقلال قال أنهم بالطبع سيتبنونه فسألته عن سبب عدم  تبني تسمية الجمهورية السورية أي التسمية المتماشية مع علم الاستقلال فسأل مستغرباً هل كانت هذه هي التسمية بعد الاستقلال؟!!. و استطرد في الكلام قائلاً بأنه نصح والده عند اجتماع اللجنة التنظيمية من البداية بعدم اجراء تصويت و بأن يقوم والده بتعيين خمسة أسماء  بنفسه باعتباره ” مفوضاً من الداخل”،  و لكن والده لم يصغ له. فسألته مهجة فيما إذا كان هو أيضاً عضواً في اللجنة التنظيمية .و أجاب بأنه ليس فيها و لكنه حضر الاجتماع مع والده.

و علمت أيضاً أن خلافاً حصل بين المنظمين في اسطنبول و دمشق و اتهمهم أحد منظمي الشق الدمشقي من المؤتمر بالخداع و خرق الاتفاق و بأنه سيصدر بياناً يتبرؤ فيه مما خلص إليه المؤتمر.

في مساء اليوم التالي ذهبت مع بعض الأصدقاء  للقاء مهجة في الفندق الذي عقد فيه المؤتمر. جلسنا في المقهى و انضم إلينا نجيب الغضبان الذي أخبرني أن جماعة المؤتمر عدلوا عن حذف البند المحذوف من النسخة  المعدلة للبيان الختامي و أعلنوا تبنيهم له و لكن ليس كبند و أخبرني أيضاً أنه تم حل الخلاف مع جماعة دمشق. فقلت له أن هذا لا ينم عن شفافية و لم لم يتبنوه البارحة؟! و علمت أيضاً أنه تم استبعاد محمود الدغيم من القائمة. ذكرني هذا بما حصل في القائمة المنبثقة عن مؤتمر أنطاليا حيث تم استبعاد اسمين و أضيف مكانهما اسمان كانا مدعوان للمؤتمر و لكن لم يتمكنا من حضوره .

انضم لجلستنا بعد التعارف الدكتور برهان غليون و عند سؤاله عن سبب عدم اعلانه للإعلام أنه انسحب من المؤتمر و أنه غير راض عن مجرياته. قال بأنه أعلن البارحة أنه حضر كمراقب و أنه لا يريد إحباط الناس الذين يعولون على المؤتمر من الداخل و أنه لم يجر مزيد من التصريحات اليوم التالي لأنه كان متعباً. لم أجد جوابه منطقياً فمن حقنا جميعاً أن نعلم بغض النظر عما يترتب على ذلك من نتائج. و سألته عن اقتراح كان قد ناقشه مع بعض الشباب خارج القاعة في يوم المؤتمر عن  مبادرة لتنتظم الجاليات السورية في المهجر و تنظم جهودها بين التظاهر و إفامة المعارض و التواصل مع الاعلام و تجميع التبرعات لدعم الثورة و ربما يتم فيما بعد التنسيق بين الجاليات في الدول المختلفة لتنظم فعاليات بالتزامن مع بعضها مثلاً تنظيم اعتصام يدعو لسحب السفراء السوريين بنفس التوقيت. و من المواضيع التي ناقشناها أيضاً ظاهرة العرعرة. و خلال الحديث علمنا أن الغليون سيقوم بمبادرة شرحها بأنهم سيأخذون ممثلين من المكتب التنفيذي  من جميع المؤتمرات التي عقدت  حتى الآن و من القوى السياسية التي لها وزنها كإعلان دمشق مثلاً و سيجمعونها معاً تحت مسمى حكومة أو مجلس لا أذكر بالتحديد .

و بما أن الوجوه تكررت كثيرا في المؤتمرات  يبقي السؤال فيما إذا كانت المؤتمرات أو تجميعها تشكل تمثيلاً حقيقيا للمجتمع السوري بتنوعه و كافة أطيافه؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى