صفحات المستقبل

توكّل ورزان “أيقونتان” لثورة واحدة


عمر حرقوص

نساء غيّرن وجه التاريخ هكذا كتب عن قلة من نساء العالم، وفي المقابل نساء في العالم العربي يغيرن وجه العالم العربي، برزن سريعاً وبقوة مع شعوبهم في مواجهة الديكتاتوريات، نساء رائعات صنعن من الحلم مع شعوبهن طريقاً إلى الحرية، في اليمن فازت الناشطة والصحافية توكل كرمان بجائزة “نوبل” العالمية، وفي سوريا فازت الناشطة المدنية والحقوقية رزان زيتونة بجائزة الصحافية الروسية والناشطة في ميدان حقوق الإنسان أنا بوليتكوفسكايا. “مندسات” متحدرات من آلام شعوبهم يقف العالم اليوم إلى جانبهن، ليؤكد أنهن أيقونات حريتنا الجديدة.

حين سمعت للمرة الأولى باسم رزان زيتونة قبل سنوات، ظننت للمرة الأولى أن هذا الاسم يشبه وهماً، تحادثنا على موقع “فايسبوك” مرات عديدة، وكنت أقرأ لها في ملحق “نوافذ” في “المستقبل” أو في بعض المواقع الإلكترونية، وكل مرة كنت أظن أن رزان مكونة من وهم تبحث عن وهم كبير اسمه الحرية في بلدها سوريا.

منذ أشهر حين اشتعلت الثورة في سوريا كتبت رزان على صفحتها “الفايسبوكية” قصص الانتفاضة السلمية، أعلنت موقفها “الوهم” في سبيل حرية شعبها، تحملت الكثير، واعتقل أفراد عائلتها من قبل الشبيحة بدلاً عنها، فيما هي عاشت حياة التخفي تكتب أسماء المعتقلين على مواقع التواصل وترسل للأصدقاء أن يتضامنوا بتأشيرة “لايك” على صفحات الصبايا والشبان الذين اختفوا في سجون النظام. ولكنها في أكثر اللحظات إنسانية كتبت عن زوجها وائل جملة قصيرة بعد اعتقاله، وأكملت عملها تخبره كل يوم بجملة صغيرة عن حبها باستحياء امرأة شرقية.

إنها رزان التي تتابع أخبار النازحين والمعتقلين ويسمع الناس قصص هروبها من “الشبيحة” وهي التي جربت معتقلاتهم في سنوات سابقة وكانت من أول العاملين في صناعة الانتفاضة السلمية منذ بدايتها، آمنت برفاقها القلائل الذين صاروا كثراً وصنعوا ثورة سيذكر التاريخ مدى صبر أهلها وطيبتهم وقدرتهم على الصمود الأسطوري الذي انتزع منا جميعاً قلوبنا ودموعنا ووضعها بين أيديهم كأكثر الناس صبراً وايماناً بما يصنعون.

يوم فازت رزان بجائزة “أنا بوليتكوفسكايا”، اتصلت صديقة لبنانية تتابع أخبار سوريا، كانت تضحك وتقول إن رزان ورفاقها سيغيرون فكرة الحرية في العالم، سيجعلونها على مقاسهم هم وليست أقل من ذلك.

في هذا الوقت لم يكن غريباً أن تعلن لجنة جائزة “نوبل” فوز توكل كرمان بجائزتها للسلام، المرأة الأيقونة التي كان الصديق اليمني جمال جبران يكتب كل مرة عنها كرمز للمناضلة اليمنية التي تحدت الصعاب الكثيرة وسارت في التظاهرات السلمية مع شعبها واعتقلت وتحولت حياتها في كثير من الأوقات إلى جحيم لا يطاق.

ولكنها لم تتخل عن النضال السلمي هي ورفاقها الذين احتلوا ساحات بلادهم في مواجهة الدبابات والرصاص والعشائرية وغيرها، هي امرأة عربية رفعت بنضالها مع رفاقها في ساحات اليمن كل العرب نساء ورجالاً إلى مكانهم الطبيعي الرافض للديكتاتوريات وتغيير الصورة النمطية للعرب في العالم.

صبيتان من عالمنا العربي، من سوريا واليمن لديهم رفاق كثر ينتظرون جائزتهم الحقيقية في تحرير بلادهم من الديكتاتور وخريفه اللامتناهي. هناك يستمر بالنضال الصبية سهير الاتاسي، ياسين الحاج صالح، عمر ادلبي، علي فرزات، الأخوين ملص، طل الملوحي، سليم قباني، اياد شربجي، خالد الخاني، هديل مرعي والرجل البخاخ، وغيرهم الكثيرون من أجل أوطاننا “الوهم”.

والشيء بالشيء يذكر، لم يكن غريباً أن تطلق صفحة “مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات” دعواتها لتبني الانتماء البيولوجي للمدير التنفيذي لشركة “آبل” الراحل ستيف جوبز، فالرجل الذي صنع سطح الكومبيوتر الذي نعرفه هو من والد سوري من مدينة حمص من آل الجندلي، جوبز صاحب احدى اشهر ثلاث تفاحات في الدنيا، التفاحة المقضومة من يمينها والتي بدأت بتحويل الكومبيوتر إلى مشهد وصور بدلاً من الأرقام واللفائف الورقية، غاب الأسبوع الماضي بعدما كان حوّل العالم إلى صراع جبابرة من جهة تفاحة “ماكنتوش” في مواجهة شياطين اي بي ام، ومايكروسوفت وغيرها من شركات قلدت صناعات جوبز الحمصي الأصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى