صفحات العالم

ثقافة التخوين والمعارضة السورية


رأي القدس

تتعالى الاصوات داخل الوطن العربي وخارجه التي تطالب المعارضة السورية الى توحيد صفوفها ووضع حد لانقساماتها المتفاقمة حتى تحظى بتمثيل الشعب السوري بكل اطيافه، ولكن التجاوب مع هذه النداءات ما زال محدودا.

السيد احمد داوود اوغلو وزير خارجية تركيا اعلن بالامس عن تحدد موعد الثاني من شهر نيسان/ابريل المقبل من اجل انعقاد مؤتمر اصدقاء سورية الثاني في مدينة اسطنبول، الامر الذي ربما يوفر فرصة لفصائل المعارضة وشخصياتها للمشاركة بصورة افضل من تلك التي شاركت فيها في مؤتمر تونس، حيث طفت الخلافات على السطح بصورة ازعجت حلفاءها المقربين.

فاذا كانت فصائل المعارضة وشخصياتها لا تستطيع القبول بمبدأ التعايش فيما بينها، والاتفاق على برنامج سياسي موحد يضبط ايقاعها فكيف يمكن ان تتعايش مع اطياف الشعب السوري المتعددة في الداخل والخارج، وتؤسس لنظام ديمقراطي تعددي يحترم الراي العام.

نذهب الى ما هو ابعد من ذلك وهو الاشارة الى لغة التخاطب بين بعض شخصيات هذه المعارضة، وهي لغة تهيمن عليها مفردات ‘العمالة’ و’التخوين’، ونشر قوائم ‘العار’ لكل من اختلف مع هذا الطرف او ذاك ولو بصورة هامشية.

معارضة التدخل الاجنبي التي يتمسك بها بعض المعارضين حق مشروع، ووجهة نظر يجب ان تحترم، فما هي الديمقراطية اذا كان اقل تهمة يمكن ان تلصق بالمخالفين هي التخوي، او العمالة للنظام، خاصة اذا كان من يتعرض لهذه التهمة هو من قضى سنوات تحت التعذيب في سجون النظام القمعي الديكتاتوري، او تشرد في المنافي؟

النظام السوري الذي تتوحد المعارضات السوري على معارضته وحلوله الامنية الدموية، هو المستفيد الاكبر من هذه الانقسامات والخلافاتن خاصة في مثل هذا الوقت الذي بدأ يلتقط انفساه بفضل الدعم الروسي والصيني المزدوج، وترهل التحرك العربي بعد فشل جهود التدويل من خلال اصدار قرارات من مجلس الامن الدولي تتبنى مشروع الحل العربي الذي يطالب برحيل رأس النظام.

كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة بنى مبادرته التي رفضتها بعض شخصيات المعارضة السورية على اساس ‘الحل السياسي’ والحوار بين النظام والمعارضة كأقصر الطرق للوصول اليه، وقد رحب الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري بهذا الطرح، او بشق الحل السياسي الذي يعتبر عماده الاساسي، الامر الذي يتطلب وجود جبهة موحدة للتعاطي مع الحل السايسي في حال جرى التفاوض حوله.

نشر بالاسى عندما تتعرض شخصيات من المعارضة السورية معروفة بمواقفها الوطنية المشرفة لاتهامات بالعمالة والتخوين ومن قبل زملائها، في تبن لمكارثية جديدة ادانها هؤلاء جميعا في ادبياتهم طوال سنواتهم النضالية السابقة.

قبل الحديث عن المصالحة الوطنية داخل سورية مطلوب مصالحة وطنية بين الشخصيات والفصائل السورية المعارضة في الخارج، ثم بينها وبين المنتفضين في الداخل الذين يواجهون الموت يوميا بصدورهم العارية، من اجل التغيير الديمقراطي المأمول.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى