صفحات الناسوليد بركسية

حركة حزم: انحسار إعلامي ينكر التراجع الميداني/ وليد بركسية

 

 

بعد معارك التصفية التي شنتها “جبهة النصرة”على قوى المعارضة “المعتدلة”، وتحديداً “جبهة ثوار سوريا” في جبل الزاوية، باتت “حركة حزم” إحدى أبرز قوى المعارضة السورية اليوم، في موقف حرج. فتراجع نفوذها شمال البلاد، إذ انحسر في ريف حلب الغربي. وفقدت الحركة، التي تمولها الولايات المتحدة الأميركية، بريقها الإعلامي الذي انحسر بدوره نحو مواقع التواصل الاجتماعي لا أكثر.

ينصبّ تركيز الحركة اليوم على ترقيع صورة “حزم” عالمياً بعد الضربات الموجعة التي تلقتها من تنظيمات متشددة أخيراً في حلب وإدلب. بيانات الحركة الرسمية الأخيرة حول معركتي مورك وحندرات تمثل ذلك خير تمثيل، حيث تسلط الضوء على أهمية عدم تلقي الحركة أي هزائم جديدة في الفترة المقبلة، وذلك في شكل خطاب موجه “للمجتمع الدولي ودول أصدقاء الشعب السوري”، مطالبة بـ”خطوات جدية” لإنقاذها من المأزق الذي لم يكن في الحسبان.

لا يمكن أبداً التحقق من طبيعة مواقف “حركة حزم”، من بقية القوى السياسية والعسكرية في سوريا بما فيها القوى التكفيرية. لم يصدر من الحركة على سبيل المثال أي بيان يفسر موقفها من جمال معروف الذي كان المحرك الأساسي للصراع بين “جبهة النصرة” و”جبهة ثوار سوريا” في الفترة الأخيرة، والذي انتهى بسيطرة “النصرة” على جبل الزاوية بالكامل، رغم أن ذلك الصراع يمس الحركة بشكل مباشر وكان سبباً أساسياً في اضمحلال نفوذها الميداني على الأرض. وهي تجليات سياسة إعلامية تنتهج مبدأ النأي بالنفس في العلن على الأقل، أو سياسة إعلامية تعتمد التعتيم والغموض. ولعلها سياسات متسرعة لم تعد تنفع في التعامل مع الجمهور اليوم.

منذ منتصف آب/أغسطس الماضي، توقفت الحركة عن تحديث موقعها الرسمي بمعلومات جديدة، بعد قرابة شهر على بدء العمليات العسكرية بين جبهة النصرة وقوى المعارضة المعتدلة في إدلب وحلب. الموقع الذي كان غزير الإنتاج جامعاً لكافة البيانات والتصريحات الرسمية من الحركة حول التطورات السياسية والميدانية، بات مهجوراً لا يحوي معلومات ذات قيمة سوى التعريفات الأساسية حول الحركة ومواثيق تأسيسها وذلك من وجهة نظر تأريخية.

خروج الموقع من معادلة إعلام الحركة، رافقه انسحاب إعلامي تكتيكي كامل نحو مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك لا يتلقى المتابع الكثير من المعلومات القيمة، فصفحة الحركة الرسمية في “فايسبوك” لا تحصد الكثير من المعجبين (3000 معجب فقط) بعدما أوقفت إدارة الموقع الأزرق، الأسبوع الماضي، الصفحة الرسمية القديمة “إثر كمّ التبليغات الكبير” الذي تعرضت له في الفترة الأخيرة، كما يوضح لـ”المدن” أحد مديري الصفحة “أحمد” (الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل)، ويوازي ذلك حساب بسيط في تويتر يعيد نشر ما بثته الحركة على “فايسبوك” فقط، ويجمع ما سبق هاشتاغ الحركة الرسمي #حركة_حزم.

يكتفي أحمد بالقول: “لدينا إعلاميون تابعون للحركة يتواجدون في كافة الجبهات والمناطق التي تتواجد فيها الحركة، وتغطية أعمالنا الميدانية نحن من نقوم بها فقط، ولا نستعين بإعلاميين أو مصورين أو أي وسائل أخرى لتغطية أحداثنا”، قبل أن يتوقف عن الحديث فجأة معتذراً عن الإجابة عن بقية استفسارات “المدن” الأخرى من دون توضيح الأسباب.

ورغم كونها حركة سياسية بذراع عسكري (كما تعرّف “حزم” عن نفسها) إلا أن الحركة تفرغ كافة ماكينتها الإعلامية للتغطيات الميدانية فقط عبر بث الأخبار السريعة، سواء في الوقت الراهن أو قبل أشهر، عبر موقع الحركة، لتبقى الحركة مقصرة على صعيد نشر رؤيتها الفكرية ومشروعها السياسي للجمهور. وربما يعود ذلك لتعقيد الأمور على الأرض ما يجعل الحديث عن أي مشاريع سياسية ضرباً من ضروب الانفصال عن الواقع.

تنشر صفحة الحركة في “فايسبوك” أخباراً أحادية الاتجاه عن انتصارات الحركة وإنجازاتها ضد نظام الأسد، وتغيب بالكامل كافة الأنباء التي تتناول الصراع مع “جبهة النصرة”، وهو الحدث الأهم هذه الأيام. ويمكن تفسير ذلك بتقصير إعلامي من طرف الحركة، أو رغبة منها في عدم تأجيج الصراع مع “النصرة” أو غيرها، أكثر مما هو عليه، فضلاً عن أنها طريقة إعلامية بدائية تعتمد مبدأ التجاهل التام لما يجري من مبدأ الحفاظ على الصورة المشرقة أمام الجمهور.

على ضوء ذلك، يبرز الفصل بين خطاب الحركة نحو المجتمع الدولي المتميز بعلمانيته وأسلوبه العقلاني، وبين خطاب الحركة البدائي نحو المجتمعات المحلية الناشطة فيها، والتي تشكل إلى حد ما بيئة حاضنة للقوى الإسلامية شمال سوريا (ريف إدلب وحلب).

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى