روزا ياسين حسنصفحات سورية

بعض من فضائح الهلال الأحمر السوري

 

روزا ياسين حسن

    لطالما حاول شباب وفتيات الهلال الأحمر تقديم الكثير للشعب السوري في خضم الثورة باعتبارهم متطوعين من أجل الإنسانية. ولكن طريقهم كان محفوفاً بالأخطار والخيبات! فلا أعتقد شخصاً يعرف متطوعاً في الهلال إلا وسيكون قد سمع عن معاناتهم منذ بدء الثورة وحتى اليوم. ذلك أنهم يؤخذون إلى مناطق الاحتجاجات والمظاهرات لمساعدة الجميع، متظاهرين كانوا أم عناصر أمن وشبيحة، كما تنصّ مبادئهم التي تستلهم الحياد، لكنهم، وفي كثير من الحالات، يمنعون من إسعاف المتظاهرين، الذين يتعرضون لشتى صنوف التنكيل والضرب والتعذيب، وتتم محاصرتهم ليبقوا جانباً يتفرجون بألم، بدون قدرة على فعل ما يقتنعون به ومن أجله انخرطوا متطوعين في هذا العمل الإنساني!!

    ربما لو عرفنا بعض الحقائق قد يزول الاستغراب قليلاً, فعبد الرحمن العطار هو رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري، وعلى الرغم من أن عدم الانحياز هو المبدأ الثاني التي يجب أن يلتزم به موظفو المنظمة، بالإضافة إلى الإنسانية، إلا أنه لم يتوانَ عن الإدلاء بتصاريح منشورة تفيد بانحيازه للنظام، وبأنه يرى المعارضة السورية معارضة كرتونية! ولكنه سيبدو رأياً طبيعياً إذا عرفنا حجم الاستثمارات الكبيرة، التي تبلغ عشرات المشاريع، التي يتشارك العطار فيها مع رموز معروفة وشخصيات من النظام السوري!

    وفي الوقت الذي يلهث النازحون السوريون، من القرى والمدن المنكوبة، لتأمين علبة حليب لصغارهم أو كيساً من الأرز أو السكر، يمتلئ مخزن الهلال الأحمر بالسلل الغذائية وبحليب الأطفال، مرمية هناك إلى مصيرها حتى أن العديد منها اليوم تالف ومتعفّن!

    لذلك لن يبدو غريباً على سياق إدارة المنظمة، برئاسة العطار وبإدارة مروان العبد الله، أن يتم اعتقال دكتور كجلال نوفل، من مستوصف العثمان التابع لها في ساحة الميسات، دون أن ينمّ عنها أي ردة فعل أو كلمة أو بيان إدانة أو استنكار على الأقل. والدكتور نوفل اعتقل من أمام المرضى الذين يداويهم هناك.

    حتى اليوم استشهد شابان من منظمة الهلال الأحمر السوري في الثورة، أولهما الشهيد حكم السباعي في حمص، وثانيهما الشهيد محمد الخضرة في دوما. ومرّ الأمر بدون بيانات استنكارية رسمية كذلك تحفظ ماء وجه منظمة من المفترض أن تكون عالمية ومستقلة كمنظمة الهلال الأحمر. فبيانات الاستنكار والإدانة كانت من قبل الشباب والفتيات المتطوعين في الهلال رفاقه الشهيدين الذين يمثلون رأيهم الحر.

    ومحمد الخضرة كان أحد الشباب المتطوعين في سيارة الإسعاف التابعة للهلال (شعبة دوما) التي اختطفتها قوات النظام في مدينة دوما يوم 21 نيسان الفائت. وفي الوقت الذي اختطفت فيه أجبر بعض رجال الأمن أربعة من المتطوعين على الاصطفاف صاغرين أمام مبنى، مستولى عليه من قبلهم، وأشهروا الأسلحة في وجوههم ضاحكين. حتى أن أحد رجال الأمن صار يصيح في وجه شباب الهلال: “تشاهدوا على أرواحكم”.. ويحرك الرشاش في وجوههم.. وفي الوقت ذاته كان يتم استخدام سيارة الهلال المختطفة لإطلاق الرصاص على الثوار هناك، ما جعل اشتباكات عنيفة تحصل بين الطرفين. وربما هذا ما جعل الثوار يعتقدون بأن السيارة الثانية للهلال الأحمر، والتي قدمت لمساندة السيارة الأولى، هي سيارة مختطفة كذلك.

    تم إشاعة استشهاد محمد الخضرة باعتباره خطأ من الثوار، حتى أنهم أتوا واعتذروا لذويه! ولكن ما تمّ تسريبه يدل على أن المتسبب في مقتله هم قوات النظام وليس غيرهم! فقد أصيب محمد الخضرة في صدره جهة القلب برصاص قناصة، وكما هو معروف فالقناصة في دوما لقوات النظام، كما أنه لم يسعف إلا إلى شعبة دوما للهلال الأحمر، ولم يؤخذ إلى مستشفى اختصاصي، الأمر الذي تسبب باستشهاده. وحينها كان ثمة 21 شاباً وفتاة من كوادر الهلال الأحمر السوري محتجزين لدى قوات النظام في دوما.

    كل ما في سوريا ملك للنظام، هذا هو الشعار الأوحد في بلاد الطغاة. لذلك لن يسلم من كل هذا الاستعباد لا منظمة (مستقلة) ولا جهة دولية ولا مؤسسة عالمية.. كل شيء ملك للنظام ولن يزول هذا الاحتكار إلا بزواله..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى