صفحات الناس

حرب القلاع

 

جابر بكر

 83 قلعة وحصناً في سوريا 6 منها تحارب. تمترس الجنود خلف أسوارها واحتموا ورموا ورُموا وقتلوا وقُتلوا، هذا هو حال قلعة حلب اليوم، بعد أن عادت إلى الاستخدام العسكري الذي صممت لأجله، ورغم اختلاف قواعد الحرب المعاصرة عموماً إلا أن حرب سوريا تعيد صور أيام مضت، فقناصة الجيش السوري النظامي احتلوا أبراج استراتيجية في قلعة حلب، وكذلك الحال في قلعة بصرى الحرير في درعا.

أما أكثر القلاع السورية تضرراً فكانت قلعة المضيق في محافظة حماه بحسب تأكيد رئيس جمعية حماية الآثار السورية شيخموس علي، الذي بين في حديثه لـ “المدن” أن قلعة المضيق تعرضت لأكثر حالات الانتهاك شدة من بين كل القلاع السورية حيث تعرضت للقصف كما تعرضت تلة القلعة لعمليات حفر وتجريف واسعة، وقد تعرضت قلعة المضيق في العام 2012 وعلى مدى  أيام لقصف من قبل دبابات كانت متمركزة ضمن الحرم الأثري في موقع أفاميا المجاور، وبعد سيطرة قوات الجيش النظامي على القلعة، شُق طريق ترابي بالجرافات في التلة الاثرية التي تقبع عليها القلعة، وتُظهر الصور الجوية الطريق الجديد الذي بات يحيط القلعة.

الانتهاكات طالت ثماني قلاع حتى اللحظة، وبترتيب شدة التأثر جاءت المضيق في حماه وسط البلاد أولاً بحسب تصنيف جميعة حماية الأثار السورية، وثانيا قلعة الحصن الشهيرة، في حمص، والتي سقطت جدرانها الجنوبية، ومن ثم قلعة تدمر في البادية السورية، وقلعة حلب، وقلعة بصرى الحرير في درعا، وقلعة حارم في إدلب، وقلعة الرحبة في دير الزور، وقلعة جعبر في الرقة.

ولكن شيخموس علي أكد في حديثه أن الانتهاكات لم تقف عند حدود القلاع فقط بل طالت المتاحف والبيوت الأثرية والمساجد والكنائس والمواقع الأثرية والأوابد وحتى وصلت إلى المقامات الدينية مؤخرا، والقائمة تطول وتطول، ولا يوجد حل حقيقي لهذه الانتهاكات رغم كل النداءات لحماية هذه المناطق التي أصبحت اليوم في مرمى النيران بل وسط معارك تدار بأسلحة ثقيلة تبدأ بمضادات الطيران وتنتهي بالصواريخ البالستية مرورا بالقصف الجوي والمدفعي.

وعن دورهم كمختصين أكد علي أن “العمل الحالي هو توثيق الانتهاكات وإرسال تقارير الى المنظمات الدولية كاليونسكو وغيرها، بانتظار إفساح المجال لإعادة ترميم هذه المواقع الكثيرة وهذا أمر ممكن وفق قواعد الترميم الدولية وقد قامت موسسة الاغا خان بالتعاون مع المديرية العامة للاثار والمتاحف بترميم عدد من القلاع على مدى سنوات مثل قلعة مصياف وغيرها من الحصون والقلاع، ويوجد في سوريا مختصون لديهم خبرة كبيرة في مجال الترميم من كوادر المديرية العامة للاثار والمتاحف والدوائر الهندسية بكل محافظة”.

 ولكنه اردف موضحا بأن “عمليات الترميم تحتاج الى توفير دعم مادي لاجراء الدراسات اللازمة والقيام بعمليات الترميم بشكل لا يؤثر على هوية المبنى التاريخية”.

وبالبحث البسيط يتبين أن قلاع سوريا بمعظمها كانت مهملة على مر سنوات طويلة. فقبل العام 2011 لم يكن هنالك اعتمادات مالية كافية للقيام بكل عمليات الترميم نظرا لكثرة المواقع والمباني والقلاع الاثرية في مختلف المحافظات التي تحتاج إلى ترميم، والكلام لـعلي الذي ختم بأنه “بدءاً من 2011 توقفت كل عمليات الترميم بل وتم قصف بعض القلاع وتدمير أجزاء منها كما هو الحال في قلعة المضيق وقلعة حلب وقلعة الرحبة على الفرات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى