صفحات العالم

حرب على الموقع السوري

 

    سميح صعب

حكم “الاخوان المسلمين” مصر، لكن موقعها السياسي لم يتغير، فاحتفظت بمعاهدة كمب ديفيد مع اسرائيل ولم تقم علاقات طبيعية مع ايران على رغم اندفاع طهران في هذا الاتجاه. واذا ما  قارنا  ما حصل في مصر بما يحصل في سوريا يتبين ان جوهر المعركة الدائرة في سوريا هو تغيير موقع سوريا. لذا وضع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، النظام في سوريا أمام معادلة واضحة منذ تفجر الازمة قبل أكثر من عامين: إما احداث انعطاف في الموقع الجيوسياسي لسوريا، وإما تخريبها من طريق حرب استنزاف يهلك فيها النظام والمعارضة معاً ولا يبقى ثمة شيء صالح للحكم في هذا البلد. 

واذا كان ما يسمى “الربيع العربي” قد وفر لواشنطن فرصة العمل على قلب النظام في سوريا بأدوات سورية وعربية، فإن هذه العملية اصطدمت بمعارضة ايران وروسيا اللتين دافعتا عن الموقع الحالي لسوريا في محاولة لمنع انتقالها الى المعسكر الاخر. وتالياً اتخذت الاحداث في سوريا طابع الصراع بين ارادات دولية فضلاً عن بعدها الداخلي.

ولئن كانت المعركة تدور على موقع سوريا، لم تبد واشنطن حماسة  لحل سياسي  للأزمة السورية وراوغت موسكو في وثيقة جنيف واعطتها تفسيراً يلائم غايتها في إسقاط الرئيس بشار الاسد كما لو ان حسماً عسكرياً قد حدث. لكن روسيا التي لم تتح للولايات المتحدة اسقاطاً سهلاً للاسد تدفع ثمن موقفها في المصارف القبرصية التي “أمم” الاتحاد الاوروبي ودائع يملك فيها الروس الحصة الكبرى. وكأن في ذلك رسالة غربية واضحة الى الاثمان التي تنتظر روسيا إن هي استمرت في دعم الاسد.

وعندما تتصالح اسرائيل وتركيا بسبب سوريا وعندما تمتدح “حماس” هذه المصالحة وتعتبرها انتصاراً (أين وجه الانتصار، لا ندري) . وعندما يتجه  رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى ابرام “سلام تاريخي” مع “حزب العمال الكردستاني”. وعندما يتبدد خوف العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين  من امكان قيام “جمهورية جهادية” على حدوده الشمالية بسحر ساحر عقب زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما. وعندما لا يتجرأ أي نظام عربي على الاعتراض على  استبدال مقعد سوريا في القمة العربية بمقعد “الائتلاف الوطني” الذي لا يزال بعيداً جداً من امتلاك أي ملامح أو مقومات دولة. وعندما تعالج اسرائيل جرحى جهاديين في مستشفياتها وتعيدهم الى القتال في سوريا وتغض الطرف عن انتقالهم في المنطقة المنزوعة السلاح مع سوريا…   يصير مفهوماً حجم ما تتعرض له سوريا الآن

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى