صفحات سوريةوهيب أيوب

حسن نصرالله – زعيم شبّيحة النظام السوري الإقليميين

 


وهيب أيوب

تأتي الأحداث أحياناً بمفردها لتكشف مدى النفاق والرياء الذي يمارسه بعض الذين يدّعون المقاومة، ويرفعون شعار “هيهات مِنّا الذِلّة”، ويدّعون الحريّة والكرامة ومناصرة الحق والعدل، فتأتي مجريات الأمور وتطوّرها لتكشف عن وجوههم الحقيقيّة ومناصرتهم السافرة والوقحة للاستبداد والفساد والهمجية وإهانة كرامة الشعوب والدوس على حريّاتهم، محاولين تبريرها بحججٍ واهية لا تمرُّ على العقلاء! فكيف يستقيم الأمر بموالفة هذا مع ذاك…؟!

لقد وقع حسن نصرالله الذي نسمّيه الشبّيح الإقليمي للنظام السوري، في فخ التناقض الذي لا لُبس فيه؛ فهو يؤيّد الثورة التونسية والمصرية والليبية واليمنية والبحرينية، ثمّ يُفرمل فجأة عند الثورة السورية! فـ “الموس وصل إلى اللحية”، كما يقال، ليهبّ مدافعاً عن نظام “المقاومة والممانعة الصامد في وجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية وحامي حِمى فلسطين والعرب…!”. ولكن دون النظر أو الاهتمام بمصالح وكرامة وحرية الشعب السوري، الذي خرجَ يواجه الرصاص والدبابات بصدوره العارية، من أجل أن يقول هيهات منّا الذِلّة بعد اليوم.

وبكل صلافة ووقاحة يقول الشبّيح نصرالله، إن إسقاط النظام السوري الممانع هو خدمة لإسرائيل، بما يعني اتهام المتظاهرين بالعمالة أو خدمة إسرائيل. فينحاز بذلك إلى الظالم على المظلوم وإلى القامع على المقموع وإلى القاتل على المقتول وإلى المُجرِم على الضحية…! فهل هناك من رياء وكذِب ونفاق ووقاحة أجلى من ذلك؟

وكما سقطَ النظام الممانع أخلاقياً بسلوكه الهمجي تجاه شعبه، يسقط نصرالله بذات اللوثة والمستنقع الوسخ الذي نشأ فيه أساساً. فمهما حاول نصرالله التلاعب بالألفاظ والشعارات المتهتّكة المتهالكة، فلن يستطيع إخفاء مشروعه المذهبي الفئوي الآتي من إيران مُكلّلاً بخامنئي وولاية الفقيه. ثمّ يأتي النظام السوري ليبادله نفاقاً معاكِساً، بحيث يدّعي علمانية نظامه، لكن حلفاءه الإقليميين، إيران و”حزب الله” وحماس وغيرهم، جميعهم تأسّسوا على خلفيات طائفية ومذهبية، وهذا بالذات الذي يخدم إسرائيل، وليس إسقاط نظام الاستبداد الذي يحتقر الشعوب ويُشيع فيها قتلاً وتنكيلا.

في المقابل، فإن جميع الدول والحركات والجماعات والأحزاب والأشخاص من علماء وغيرهم، الذين يحاولون مناصرة الثورة السورية على أسسٍ طائفية ومذهبية، هؤلاء جميعاً يقدّمون خدمة خالصة للنظام السوري، ويلحقون أعظم الضرر بالشعب السوري وثورته، سواء قصدوا ذلك أم لم يقصدوا. فحريّ بهم، والحال هذا، الصمت والصوم عن الكلام.

النظام السوري يحاول إلصاق تهمة السلفية والطائفية بالمتظاهرين والثورة بشكلٍ عام، فيأتي الرد دائماً من خلال الشعارات والهتافات على عكسِ ما يدّعي النظام الكاذِب وإعلامه المهترئ؛ تماما كما أتى الرد واضحاً من خلال مؤتمريّ المعارضة في أنطاليا وبروكسل دون أي لبس، أن السوريين بكافة أطيافهم يسعون إلى دولة مدنية ديموقراطية يتساوى فيها جميع السوريين تحت سقف المواطنة والقانون. وهذا ما أكّده أيضاً بيان “التنسيقيات” في الداخل السوري، ليفقأ عين كل مُشكّك! فليوفّر كل أصحاب المشاريع والتوجهات الطائفية مساعيهم في غير مكان، ففي سوريا القادِمة لا حظّ لهم.

إن حسن نصرالله وحزبه، وكل الذين ينهلون فكراً وثقافة شمولية استبداديّة، لم ولن يكونوا يوماً مع الحرية وكرامة الشعوب وازدهارها؛ مشاريعهم واضحة ومعروفة! وهؤلاء شعروا اليوم بالخطر الداهم عليهم فيما لو تهاوى النظام السوري. هذا ما يفسّر تهافتهم لتقديم الدعم له على كل المستويات، الدعائية والإعلامية والسياسية والمادية، وحتى اللوجستية، في سبيل إخماد الثورة في سوريا وإنقاذ النظام.

ففي حال سقوط النظام السوري، رأس الأفعى، ستُهرس الأطراف والأذناب وتتلاشى، ويضعف الدور الإيراني في المنطقة، وتسقط مشاريع الدويلات الطائفية التي تنشدها إسرائيل. وهنا يحاول نصرالله التذاكي والنفاق، فيقلب الأمور رأساً على عقب، وينسى أو يريد أن يُنسينا بأن من عمل على إنشاء وتقوية كل الحركات الأصولية الطائفية في المنطقة والعالم هما أميركا وإسرائيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لمواجهة وضرب كل الحركات والأحزاب اليسارية والشيوعية في المنطقة.

ومهما تصارعت الدولة العبرية مع تلك الحركات وخاضت معها حروباً، إلا أنّ وجودها يبقى مطلباً إسرائيليّاً أميركيّاً على المستقبل المنظور، لأن تلك الحركات ومشاريعها هي المبرّر الأخلاقي الوحيد لإسرائيل لترسيخ مقولة الدولة اليهودية. لهذا فإن إسرائيل لن تسعى يوماً للقضاء على تلك الحركات، بل أن ما يضير إسرائيل ويقلقها هو نشوء دول ديمقراطية من حولها، تقرّر فيها الشعوب سياسات أوطانها، لا أنظمة استبدادية تعقد معها صفقات لحماية حدودها الشمالية لعقودٍ طويلة.

النظام السوري آيلٌ للسقوط مهما استعان واستغاث بشبّيحته المحليين والإقليميين والدوليين، فالجمعة الفائتة كانت جمعة سقوط الشرعية، والتي لم يمتلكها أصلاً يوما واحداً منذ خمسين عاما، إلا بقوّة السلاح والبطش والغطرسة، عبر مختلف أدواته وأجهزته الأمنية القمعية.

إنّها المفارقات والمفاجآت التي لم يحسب لها ، لا النظام في سوريا ولا “حزب الله” ونصرالله حسابا، وأهمّ ما في هذه الثورات التي اندلعت في المنطقة من تونس حتى سوريا، أنّها قطعت الطريق على كل دعاوى الطائفية ودولة الخلافة، فأرست نموذجاً خلاّقاً في الدعوة إلى الدولة المدنية، دولة المواطنة والديموقراطية، رغم محاولة هؤلاء المستمرة الالتفاف عليها وخطفها.

لقد امتلك الشارع وعياً غير مسبوق بكيفية انتزاع حريته وحقوقه وكرامته، ويبقى إنجازها واستكمالها حتى خواتيمها، هو الامتحان الأخير.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى