صفحات العالم

ثلاثة مقالات عن مؤتمر استنبول

مؤتمر اسطنبول واولية تسليح الجيش الحر
علي حماده
ينعقد “مؤتمر اصدقاء سوريا” الثاني اليوم على ضفاف البوسفور في اسطنبول حيث الأمل بأن تسير أعماله بشكل أفضل من المؤتمر الأول الذي عقد في تونس فيتم تظهير مشهد جديد للمعارضة السورية اكثر توحداً بأجندة اكثر وضوحاً. ولعل التحدي الأكبر الذي يواجهه المؤتمر اليوم هو تزامنه مع اعلان النظام في سوريا “الموافقة” على خطة المبعوث الدولي – العربي كوفي انان لحل الأزمة السورية. وبالتالي فمن الناحية المبدئية ينعقد المؤتمر في مرحلة ضبابية نوعاً ما حيث يبدو المجتمع الدولي وكأنه علّق اندفاعه لتقويض النظام في سوريا الى أن تتوضح المواقف التنفيذية من خطة انان. وعليه سيتعين على المؤتمرين ان يخرجوا بصورة نتائج ينبغي ان تصب في اتجاه تعزيز المعارضة ودعمها ومساعدتها على رصّ صفوفها. ولعل الموقف الأكثر بروزا في الآونة الاخيرة هو ما يكرره المسؤولون السعوديون والقطريون من انه لا بد من تسليح المعارضة السورية كي تقف في وجه آلة القتل النظامية. وقد عاد وزير الخارجية الامير سعود الفيصل وكرر الموقف خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي لا يبدو انها تجاري الموقف السعودي في ما يتعلق بتسليح الجيش السوري الحر.
ولكن ووفقا لقراءة نظام بشار الاسد فإن تطبيق الخطة بأمانة وسرعة ليس بالبند الموضوع على اجندة النظام. فالمتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي قال بالأمس ان انسحاب الجيش الاسدي من المدن “يتم عندما يتاح لأي منطقة العودة الى الحياة الطبيعية وعندما يستطيع المواطنون ارسال اولادهم الى المدارس واستعادة حياتهم الطبيعية…” ويستنتج من هذه القراءة ان الهجوم العسكري على الثورة باجتياح المدن والقرى والبلدات السورية مستمر في ظل الجدل البيزنطي في شأن من يوقف القتال اولاً جيش النظام أو الجيش الحر والثوار. والجدل هذا يثيره النظام على هامش الموافقة على خطة انان فيما يستمر القتل بلا هوادة.
بناء على ما تقدم المطلوب من مؤتمر اسطنبول اليوم البحث في خطوات وكأن شيئا لم يتغير، بمعنى انه ينبغي التطرق الى امر دعم المعارضة وتمويلها وتسليح الجيش الحر بشكل جدي بالتزامن مع توسيع مروحة العقوبات والضغوط على النظام.
اننا نرى ان السعودية وقطر مدعوتان الى فرض بند تسليح الجيش الحر على المؤتمر ليتخذ في شأنه قراراً ايجابياً يمنح المعارضة والجيش الحر شرعية واسعة. وفي غياب اعتماد القرار علينا ألا نضيع مزيداً من الوقت ونعمل بجدية على تدريب ودعم الجيش الحر ليتحول بسرعة الى قوة مقاتلة حقيقية مهمتها قلب النظام بالقوة. فالأولوية تبقى اسقاط النظام بكل الوسائل الممكنة وبينها القوة المسلحة.
النهار
مؤتمر أصدقاء سوريا بلا أكاذيب
طارق الحميد
أهمية مؤتمر أصدقاء سوريا المنعقد اليوم باسطنبول تكمن في أنه يأتي بمرحلة سقطت فيها جل الأكاذيب والأوهام التي تم ترويجها حول الثورة السورية، إما دفاعا عن الطاغية الأسد لتمكينه من شراء الوقت، وإما أنها أكاذيب جاءت بسبب عدم تصديق أن الثورة السورية حقيقية، أو عن جهل بسوريا.
فكذبة تشرذم المعارضة سقطت، والحقيقة أنه لو كانت المعارضة موحدة من البدء لكان الأمر أدعى للريبة، فكيف تكون المعارضة موحدة وهي نتاج أسوأ نظام عربي قمعي؟ فمن زار سوريا، أو يعرفها، يعي تماما ما الذي فعله النظام الأسدي، الأب والابن، بالسوريين طوال عقود من الزمان. كما سقطت كذبة توغل «القاعدة» في سوريا، مثل الأكاذيب الأخرى عن الإرهابيين والسلفيين وغيرهما، مثلما سقطت تماما كذبة الإصلاح التي روجها نظام الطاغية، وسقطت كذبة الحرب الأهلية، وعلى مدار عام كامل من عمر الثورة، وسقطت كذبة طائفية الثورة السورية أيضا؛ حيث الثابت والواضح أن النظام الأسدي هو من سعى إلى تكريسها لتبرير جرائمه، وإخافة الأقليات السورية. وعلى عكس ما كان يقال، تحركت دمشق وحلب، وقُمعتا بسلاح الطاغية. وسقطت أيضا كذبة الحل الأمني، وإن روج لها الشبيحة، ومنهم حسن نصر الله.
والكذب لا يتوقف عند هذا الحد، فقد سقطت كذبة التشكيك في الجيش الحر، وحجم الانشقاقات بالقوات الأسدية، فها هي الانشقاقات متوالية، وبأعلى الرتب، ويوميا. بل ها هو رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي الجنرال ديمبسي يقول إن المعارضة السورية بدأت بالتوحد، واتخاذ خطوات من شأنها دفع المجتمع الدولي لدعمها، حتى بالسلاح، وهو عكس ما قيل سابقا. كما سقطت أيضا كذبة الحل العربي، فرغم كل الجهود والقرارات العربية لم يتحقق شيء ملموس بسوريا، كما سقطت أيضا كذبة القول – غربيا – بأنه لا بد من غطاء عربي، فرغم كل ما فعله العرب فإن الغرب، وتحديدا أميركا، ما زالوا يستخدمون تبريرات واهية، ومنها جملة الأكاذيب التي سقطت، ونرصد بعضها هنا. وبالطبع سقطت كذبة قبول الأسد بمبادرة كوفي أنان التي حظيت بدعم عربي ودولي، وحتى من قبل أبرز المروجين للأكاذيب الأسدية مثل الروس، مما يعني أنه لا أمل بحل دبلوماسي للأزمة السورية، وعلى غرار ما جرى في اليمن.
ومن هنا يتضح أن مؤتمر إسطنبول يأتي بعد أن استنفد النظام الأسدي الأكاذيب والحيل، من أجل شراء الوقت، وبات هذا الأمر مفضوحا للجميع، وعليه فإن ميزة ومأزق مؤتمر إسطنبول أنه ليس أمامه أي مجال لمنح طاغية دمشق مزيدا من الوقت والفرص، خصوصا أن عدد القتلى بسوريا قد قارب العشرة آلاف، وهناك مليون سوري بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، وقرابة السبعة عشر ألف لاجئ سوري إلى تركيا، ناهيك عن أضعافهم في لبنان والأردن. وعليه فإن الوقت الآن هو وقت فرض المناطق العازلة، وتوفير السلاح للجيش السوري الحر، وعدا عن ذلك فإنه يعد فرصة جديدة لطاغية دمشق من أجل قتل مزيد من السوريين الأبرياء.
وهذا ما يجب استيعابه في مؤتمر اسطنبول اليوم.
الشرق الأوسط
مؤتمر اسطنبول.. توحيد المعارضة وإنجاح خطة أنان
ثريا شاهين
من غير الواضح بعد ما إذا كان الموفد الدولي والعربي كوفي أنان سيشارك اليوم في مؤتمر اسطنبول لأصدقاء الشعب السوري الذي تستضيفه تركيا. وهي دعت إليه كل وزراء الخارجية العرب بمن فيهم وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور. لكن لبنان لن يشارك في المؤتمر، في سياق توجهه بالنأي بالنفس عن التطورات في سوريا.
وهذا الموقف جرى تفهمه من كافة الدول العربية والغربية المشاركة، لأنها تعتبر أنه بحكم الواقع لا يمكن للبنان الرسمي أن يكون ضد الحكم في سوريا نظراً الى حساسية العلاقات بين البلدين، لكن هذا الموقف يبقى أفضل من موقف معاكس.
والنأي بالنفس يعني عدم المشاركة أيضاً في مؤتمرات داعمة للنظام مثل مؤتمر طهران الذي تمت الدعوة اليه، ولم يشارك لبنان فيه، وبالتالي أي مقررات أو توصيات سيخرج بها مؤتمر اسطنبول لن يكون لبنان معنياً بها.
كما وجهت دعوات الى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي والى الاتحاد، والى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي ستحضر.
وتعطي الدول المشاركة، أهمية كبيرة للتوصل الى توحيد المعارضة السورية لتكون الضمانة في حال سقوط النظام، ولاختيار من سيخلف الرئيس السوري من بين شخصياتها كمرحلة ثانية، ومن سيحاور أو يفاوض عن المعارضة كمرحلة أولى. وتعتبر أوساط ديبلوماسية تشارك حكومتها في المؤتمر، أنه كلما طال أمد العمل لتوحيد المعارضة، أعطي مجال للنظام للبقاء مدة أطول. وتشير الأوساط الى أن أي مباحثات يجريها أنان مع إيران ستشكل عاملاً مساعداً لمهمته في سوريا، وتوقعت أن يزور إيران قبل عودته مجدداً الى سوريا، بحيث يعود اليها بعد أن تكون كل من روسيا والصين وإيران قامت باتصالاتها اللازمة مع دمشق.
وثمة تعويل على زيارة أنان لإيران، التي بدأت تبدي انزعاجاً من سلوك الرئيس بشار الأسد، ومن استمرار الوضع السوري على حاله لأن بقاءه على هذا النحو لا يخدم مصالح إيران في المنطقة. لذلك أعلنت إيران أنها مع الإصلاحات، وهي أبلغت الأوروبيين عبر القنوات الديبلوماسية تأييدها للإصلاحات. واعتبرت الأوساط، أن زيارة الأسد لبابا عمرو تحدٍ للمجتمع الدولي وتحدٍ لكل الجهود الديبلوماسية العربية والدولية.
والأنظار في المؤتمر مشدودة الى الموقفين الأميركي والسعودي، وكيفية بلورة مفاعيل الزيارة التي قامت بها كلينتون للمملكة في التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر، وفي الأفكار التي سيطرحها البلدان خلاله.
وأوضحت الأوساط، أن المؤتمر سيعقد من أجل جملة أهداف هي:
ـ إبراز الدعم القوي للدور الذي يقوم به أنان لحل الأزمة في سوريا، في ضوء دعم مجلس الأمن له، ودعم القمة العربية أيضاً وضرورة تنفيذ خطته فوراً.
ـ تركيا تركز جهودها على دعم الأقليات في سوريا وحمايتهم. والرسالة الأهم من المؤتمر ستكون حول تشجيعهم على المشاركة في المرحلة الانتقالية والعملية الديموقراطية. وكذلك التشديد على احترام التعددية الدينية والسياسية.
ـ تشجيع المعارضة على التنسيق في ما بينها وعلى التوحد. ومن المفترض أن يقدم المجلس الوطني السوري نوعاً من “خارطة الطريق” لنشاطه خلال المؤتمر. وإبراز الدعم الواسع على المستويين العربي والغربي للمعارضة، لا سيما لإعادة هيكلة نفسها، وهذا ما يكسبها دعماً أكبر.
ـ هناك نقاش حول الخطوات المقبلة التي يمكن أن يتم اتخاذها في الأمم المتحدة وسط علامات الاستفهام الدولية حول التزام سوريا بإعلانها دعم خطة أنان. الآن وفي مرحلة مبادرة أنان ليس هناك من تحريك لمجلس الأمن في هذا الملف، في انتظار ما ستؤدي اليه تطورات الأمور على الأرض في ظل هذه الخطة.
ـ في النهاية إن هدف المؤتمر هو زيادة الضغوط الدولية والعربية على النظام السوري، ويأتي تتمة لمؤتمر تونس، والذي سيعقبه مؤتمر ثالث في باريس لم يحدد موعده بعد.
وترى الأوساط أن الضغوط يمكن أن تؤثر في النظام السوري. على أنه من غير المطروح على المؤتمر تقديم مساعدة عسكرية للمعارضة، لأن هذه الدول تساعد المعارضة وتدعمها معنوياً.
ـ سيدرس المؤتمر العقوبات على سوريا إذ لا يمكن اعتبار العقوبات المفروضة حتى الآن عقوبات دولية أي من مجلس الأمن، إنما هي عقوبات مجتمعة أميركية وأوروبية وعربية. لكن هناك متابعة لمراحل العقوبات التي تصدر على سوريا وعلى المسؤولين في النظام، فضلاً عن متابعة تنفيذها ودراسة انعكاساتها.
والأهمية القصوى هي لما يجري على الأرض في سوريا، والذي سيحدد سقف المطالبات إن من جانب المعارضة أو النظام. ومن المبكر استناداً الى الأوساط، التكهن بمصير خطة أنان، لا سيما وأن كل الأطراف متفقة حولها، خصوصاً ما يتصل بالسماح للسوريين بالتعبير عن رأيهم في تظاهرات سلمية. وهذه نقطة الفصل في الموضوع.
المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى