صفحات سورية

حكايا المغيبّين: حولوا ابني إلى مجرم


نساء سوريات لدعم الانتفاضة السورية

عاد إلى بيته في دمشق بعد خمسة أشهر من الغياب. الشاب الذي التحق بالخدمة الإلزامية منذ سنة تقريبا، اتصل بوالدته منذ أسبوع ليقول لها انه تعرف تقريباعلى كل المحافظات السورية ومناطقها وحتى ريفها.. أُعطيّ هذا المجند إجازة لمدة ثمان وأربعون ساعة بناءا على نصيحة الطبيب بسبب إصابته بصدمة إثر مقتل عدد من زملائه ونجاته بالصدفة من قبل قناصة غادرين .. يحكي لأهله بعد العشاء :” ما أن نفتح عيوننا صباحا حتى نمضي إلى درس التعبئة  ثم نمضي إلى مهماتنا بعد أن نكون امتلأنا بالكراهية والحقد على الإرهابيين الذين يريدون تدمير بلدنا وتعكير الأمن وتسليم البلد للأعداء ويذكروننا بحادثة رفع علم إسرائيل على نافذة احد بيوت الإرهابيين الخونة.. فنحمل بنادقنا جاهزين لإفراغها في رؤوس أعداء الوطن…في دير الزور أمرونا بلبس الجلابيات والنزول إلى الشوارع لفض التجمعات التي كانت تهتف ضد الدولة والرئيس .. بعد ذلك انهال الرصاص على رؤوسنا ورؤوسهم  .. لم نسأل لماذا كانت النيران تأتي من حيث تمركز رجال الأمن العسكري.. كيف نسأل وقد تعلمنا أن ننفذ بدون أن نعترض فأعصاب القيادة مشدودة وهم لا ينامون.. منذ مدة سحبوا منا البطاقة العسكرية وكذلك اللوحة المعدنية والتي من المفترض أنها الشاهد الوحيد على هوياتنا في حال قتلنا .. وحتى هذه لم نعترض عليها لأننا سمعنا أن البعض شكل فرارا أو انشقاقا في القطع العسكرية الأخرى، وهم لا يريدون أن يتكرر ذلك ونحن لن نطالبهم بالهويات حتى لا يشكوا في أمرنا وينزلوا نار غضبهم علينا خاصة وأنهم (معصبين دائما ولا ينامون كما يجب) .. الملفت بالأمر أنهم يلبسوننا مرة الأسود ومرة البذلة العسكرية المموهة  ومر ة اللباس المدني ولا نعرف بالضبط لماذا .. أحيانا يقوم رجال الأمن بلبس ثيابنا العسكرية خاصة عند دخول الحارات .. يمشطون الطرقات ويطلقون الرصاص بشكل عشوائي، ثم يأخذون الجثث والجرحى. يأمرنا قادتنا بدخول المناطق والحارات بعد أن يدخلها رجال الأمن بساعات ” يصمت .. ” نرى آثار معارك وقتلى.. نواح النساء يصم أذاننا وعويل الرجال… تتغير تضاريس الحارات ما أن ندخل إليها .. سيارات مدمرة ..محلات منهوبة ..نرى الدماء ..لماذا ندخل بعدهم ؟؟ لم اسأل أيضا ..أخاف أن اسأل (أريد سلتي بلا تين)  لكن صديقي قال لي أن المجندين بالنسبة لهم (فراطة) ..وهم يدفعوننا إلى الموت. .. اليوم الثاني خرجنا في مهمة فأصابت صديقي رصاصة  في رأسه..كان صديقي طيبا جدا ..رحمه الله” ..يسكت ويمسح دموعه .. .

تقول الأم :” قبل أن يعود راجعا لثكنته سألته : هل قتلت أحدا ؟؟ لم يجب ..كانت عيناه فارغتين. كان هناك شيء خجل أن يقوله ..حولوا ابني إلى مجرم” ..تقول بعد صمت: ..”عند الصباح ودعني قائلا : ” سامحوني ..لن أعود هذه المرة اعرف أني لن أعود”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى