صفحات الحوار

حوار مع د. برهان غليون


 أرنست خوري

• لن أتولّى منصباً سياسياً في سوريا الجديدة

• التفاوض مع النظام حول نقل السلطة فقط

• الشعب السوري لن يكون ضد المقاومة

يبدو الاسم الأبرز في المجلس الوطني السوري، برهان غليون، مرتاحاً للدور الجديد الذي يقوم به في «النضال» السياسي بعد مسيرة طويلة في العطاء الفكري. يتفاءل بأن يتمكن من لقاء أصدقائه في «سوريا الحرة» في الصيف المقبل، وهو «مزيج من شعور ومعلومات»

تحدّثت تقارير صحافية عن رفض روسي لتولّيك رئاسة حكومة مشتركة بين المعارضة والنظام. هل أنت مرشح لرئاسة حكومة مماثلة تجمع النظام والمعارضة في حال توقف الحل الأمني؟

– كلا لستُ مرشحاً لمثل هذا المنصب، فأنا لا أقبل بأن أشارك بأي حوار ولا أي حكومة مع هذا النظام حتى ولو توقف الحل الأمني. أضف أنني حتى بعد سقوط النظام، لن أتولى أي منصب سياسي رسمي في سوريا الجديدة، فأنا أنشط في المجلس الوطني السوري حالياً من منطلق أنني أؤدي مهمة تحريرية لا رغبة بتولي منصب سياسي.

كانت لافتة الدعوة التي وجهها أمير قطر قبل يومين للمجلس الوطني، ونصحكم فيها بمحاولة فتح حوار مع النظام السوري. كيف فهمتم الدعوة؟

– لم تردنا أي دعوة من سمو أمير قطر لفتح أي حوار مع النظام، وأعتقد أن المقصود من كلامه المذكور كان دعوة للنظام إلى التحاور معنا وليس العكس. بجميع الأحوال، نحن لن نتحاور مع النظام.

لمّحتَ أخيراً إلى أنكم مستعدون لزيارة روسيا إذا تلقيتم دعوة منها. هل تنوون تمرير رسالة إلى النظام السوري من خلال المسؤولين الروس؟

– أولاً بالنسبة إلى زيارة روسيا، نحن بالفعل مستعدون لزيارتها، رغم أننا لم نتلقّ أي دعوة روسية بعد، ونحن نستعد لزيارتها ولطلب موعد لذلك. ثانياً لسنا بوارد توجيه أي رسالة للنظام سوى أن عليه ترك السلطة، ثم إننا لسنا بحاجة إلى وسيط لإيصال رسائل إلى النظام وخصوصاً اننا لا نتحاور معه. نحن مستعدون للتفاوض مع أي طرف من النظام ممن لم تتلوث أياديه بالدم حول نقطة واحدة وحيدة، وهي كيفية نقل السلطة وتفكيك النظام القائم والدخول في مرحلة انتقالية نحو الديموقراطية في سوريا.

أنتم في المجلس الوطني السوري متهمون من أطراف معارضة أخرى بأنكم تمارسون سياسة الاقصاء من خلال استبعاد معارضين أساسيين. ألم تستعجلوا في إعلان مجلسكم؟

– بدايةً، من المستحيل أن يتمكن أي إطار معارض من نيل رضى جميع الأطراف. نحن كنا متفقين مع «هيئة التنسيق الوطني» على تأليف المجلس الوطني في الاجتماع الذي عُقد في الدوحة، والذي جمع في حينها ممثلين عن كل من «إعلان دمشق» والاخوان المسلمين وهيئة التنسيق، حتى إن ممثل «هيئة التنسيق» حازم النهار كان موجوداً معنا في اسطنبول قبل أن نعلن المجلس الوطني. كذلك كنتُ شاهداً على اتصال أجري مع الأستاذ حسن عبد العظيم من اسطنبول قبل إعلان المجلس للتأكد من موقف «هيئة التنسيق» برفض المشاركة في قيادة المجلس الوطني، وأجاب في حينها بأنهم في الهيئة يدرسون الموضوع، وقلنا لهم إن حصتهم في هيئات المجلس الوطني ستكون كحصّة «إعلان دمشق» (20 ممثلاً في الجمعية العامة) انطلاقاً من مبدأ المساواة بين مكونات المجلس. أعتقد أنّهم ترددوا في الانخراط معنا في المجلس الوطني لأنهم لم يقدّروا أهمية الدعوة ولأنهم ربما اعتقدوا أنه لن يخرج شيء جدي من الاعلان. حتى انّنا أبلغنا هيئة التنسيق أننا مستعدون للتفاوض معهم حول سقف مواقف المجلس الوطني لأننا ندرك صعوبة وضعهم في الداخل، وأنه ربما لن يتمكنوا من تحمُّل سقف معارضي الخارج بسبب ضغط النظام عليهم وإجرامه. رغم ذلك، أعتقد أن تركيبة المجلس الوطني اليوم متوازنة نوعاً ما. بجميع الأحوال، فإنّ أبواب المجلس الوطني لا تزال مفتوحة أمام انضمام هيئة التنسيق إلى الأطر التنظيمية للمجلس.

لكن أطرافاً في هيئة التنسيق تخوّنكم وتتهمكم بالعمالة للخارج، كالسيد هيثم منّاع مثلاً، حتى إن بعض شخصيات «الهيئة» اتهمتكم أخيراً بالطلب من السلطات الفرنسية منع ميشال كيلو وفايز سارة من عقد مؤتمرهما الصحافي في مركز الصحافة الأجنبية cape وفي الـiremo في باريس.

– فليسامح الله هيثم مناع. على كلّ حال، نحن لا نخوّن أحداً. أما بالنسبة إلى قصة المؤتمر الصحافي للصديقين كيلو وسارة، فليس لدي علم بأن أحداً من المجلس الوطني قام بمثل هذه الخطوة، وأنا أجزم بأن هذا لم يحصل.

أيضاً يتهمكم بعض المعارضين السوريين بأنكم أُنزلتم بالمظلة لقيادة المعارضة السورية بما أن عدداً من قادة المجلس الوطني لا تاريخ نضالياً معارضاً لهم.

– قد يكون ذلك صحيحاً لكنه ليس عيباً، فالجزء الأكبر ممن يتظاهرون اليوم ويستشهدون ويحرّكون الثورة السورية هم أشخاص لم يسبق لهم أن كانوا يوماً ناشطين. بالتالي فإن كانت الثورة السورية قد حرّكت معارضين سياسيين ودفعتهم للانخراط في العمل المعارِض، فهذا ليس خطأً.

حذّرتكم هيلاري كلينتون قبل يومين من أن الأقليات السورية قلقة على مصيرها في حال سقوط النظام، وبعض هذه الأقليات المذهبية والقومية غير راضية على نسبة التمثيل الذي أعطيتموها إياه في المجلس الوطني.

– المجلس الوطني أداة تحريرية تمثل الشعب الثائر وليس برلماناً. ونحن لم نعتمد في تمثيل الأطراف في الهيئة العامة (230) ولا في الأمانة العامة (29) ولا في المكتب التنفيذي (7) للمجلس، المعيار الطائفي. نحن ننظر إلى شعبنا شعباً واحداً، مع الأخذ في الحسبان التنوعات الدينية والإثنية. وتمثيل الأكراد والأشوريين جاء من خلال انضمام منظمات سياسية. ثم إننا في المجلس لسنا بوارد توزيع حصص ومناصب على هؤلاء وأولئك بل بناء أداة سياسية لتحقيق أهداف الثورة. ومن الطبيعي أن يكون منطقنا في العمل وطنياً لا طائفياً ويشترط أن يكون أي طرف يريد أن يتمثل صاحب وزن سياسي، ومستقبلاً البرلمان هو المكان الصالح لتتمثل فيه المجموعات الدينية وغيرها.

إلى أي مدى يصح القول ان الاخوان المسلمين والتيار الاسلامي عموماً، يشكلان القوة الأكبر داخل المجلس الوطني؟

– هذا غير صحيح، فالاخوان المسلمون ليسوا غالبية في الهيئة العامة للمجلس ولا في الأمانة العامة ولا في المكتب التنفيذي، وهم ممثلون بالتساوي كغيرهم من المجموعات الرئيسية (إعلان دمشق وتنسيقيات الثورة والمستقلين) بحسب ما يستحقونه بموجب المعيار الذي اعتمدناه من أن جميع الأطراف متساوية. وأنا أعلنتُ قبل تأسيس المجلس أنني لن أقبل إلا بمجلس متوازن سياسياً. إضافة إلى ذلك، غير صحيح أن جزءاً كبيراً من المستقلين (20 عضواً) هم إسلاميون.

ماذا قررتم بخصوص رئاسة المجلس الوطني؟

– بما أنّ المكتب التنفيذي للمجلس يعمل بالتوافق لكونه يمثل مجموعة القوى المؤتلفة في الجمعية العامة، فقد قررنا أن تكون الرئاسة تداولية وسيكون هناك رئيس، لا أعرف إذا كنتُ أنا سأكون رئيسه، الأكيد أنني سأكون في الهيئة الرئاسية، أي في المكتب التنفيذي، وستحسم الأمور في اليومين المقبلين أو الأيام الثلاثة المقبلة وسيعيّن الرئيس بالتوافق، وبعدها نحدد قاعدة تعيين الرئيس مستقبلاً.

طالبتم في البيان التأسيسي للمجلس الوطني بحماية دولية. أين تبدأ الحماية الدولية وفق تعريفكم لها وأين تنتهي؟ هل تتضمن تدخلاً عسكرياً أو منطقة معزولة من السلاح أم حظراً على الطيران العسكري السوري؟ من جهة انت ترفض التدخل العسكري، ومن جهة أخرى القيادي في المجلس الوطني وهو ممثل الاخوان المسلمين، محمد رياض الشقفة، يتحدث علناً عن تدخل عسكري ومنطقة تركية معزولة من السلاح…

– بالفعل حصل هذا التناقض في المواقف، وهذا التشويش ناتج من ضعف التواصل الذي رافق فترة انشاء المجلس، وعدم احترام أطراف في المجلس لما اتفقنا عليه منذ البداية من أنني الناطق الرسمي الوحيد باسم الائتلاف حتى تعيين أحد آخر. وحتى الآن هذا ساري المفعول. وبيان تأسيس المجلس ينص على رفض التدخل العسكري أيضاً ويؤكد تمسكنا بالسيادة والاستقلال. المجلس الوطني ضد التدخل العسكري الأجنبي سواء حصل بتفويض من حلف شمالي الأطلسي أو غيره، وأي شخص يصرّح بخلاف ذلك يعكس رأياً شخصياً لا يلزم المجلس الوطني. غير أن من الضروري التذكير بأن من يدفع للتدخل العسكري هو سياسات النظام الدموية وليس المعارضة ولا قوى الثورة. ويجب أن ندرك أن مخاطر التدخل ستزيد مع اصرار النظام على التصعيد في العنف ضد الشعب الأعزل.

هل تعتقدون أن الحراك الداخلي يؤيد التدخل العسكري الأجنبي؟

– جزء من الحراك الداخلي يؤيد ذلك بالفعل لأنه يعيش تحت القصف والعنف ويريد وقف المذابح بأي طريقة. لكن القصد ليس التدخل في الحقيقة بل وقف العنف المنظم الذي يتعرضون له. وهذا ما تهدف إليه الحماية الدولية للمدنيين وهي حق لجميع الشعوب التي تتعرض لجرائم ضد الانسانية. بجميع الأحوال، اليوم التدخل العسكري غير مطروح، وهو ما يؤكده لنا جميع الدبلوماسيين الذين نلتقيهم، القتل اليومي هو المشكلة وليس التدخل العسكري لأنه لا خطر من حصوله ولا نريده أصلاً. ما نقصده بالحماية الدولية واضح؛ أولاً نريد مراقبين مدنيين دوليين وعرباً، وإعلاماً أجنبياً ومساعدات انسانية، وتشديداً للعقوبات التي تطاول رموز النظام حصراً، ولا علاقة لهذا أيضاً بخلق منطقة معزولة من السلاح على الحدود التركية أو غيرها.

الحماية الدولية التي تطالبون بها، هل هدفها حماية المدنيين أم إسقاط النظام؟

– هدفها حماية المدنيين. إسقاط النظام مهمة الشعب السوري لا القوى الاجنبية. لكن بالتأكيد ستساعد الحماية على استمرار الثورة وتوسيع قاعدة المشاركين فيها. المطلوب هو وقف العنف الذي يحول دون الشعب وتقرير مصيره بحرية واختيار قياداته التي يريد. ووقف العنف هو شرط حصول الشعب السوري على حق تقرير المصير الذي هو حق طبيعي لجميع الشعوب.

كيف تعتقدون أن من الممكن اسقاط النظام؟

– باستمرار الثورة وزيادة الضغط الداخلي والخارجي على النظام واتساع رقعة الانتفاضة. ان ازدياد الضغط من الداخل ومن الخارج على النظام هو الكفيل بإسقاطه.

هل تراهنون على انشقاق الجيش أو عسكرة الثورة؟

– نحن نؤكد سلمية الثورة. وهذا هو جوهر قوتها وشرط انتصارها والابقاء على طابعها الشعبي العميق. إذا تعسكرت تحول الصراع إلى قتال بين ميليشيات النظام وميليشيات الأهالي، وهذا هو الفخ الذي سعى النظام إلى الدفع إليه منذ البداية. وبالمثل رهاننا ليس على المنشقين عن الجيش السوري، بل على امكانية حصول انشقاق سياسي كبير عن النظام عندما يصل الضغطان الداخلي والخارجي إلى ذروتهما.

إلى أي حد يمكن القول إن تأسيس المجلس الوطني كان نتيجة توافق أميركي ــ تركي ــ فرنسي ــ إخواني، وما طبيعة الدعم الذي تنالونه من الخارج؟

– ليس المجلس ثمرة أي توافق ولا نتيجة اي اتفاق مع أي دولة مهما كانت. هو ثمرة إرادة سورية محض. نحن في المجلس الوطني ندفع من مالنا ومن روحنا ولا نتقاضى شيئاً. قد تكون تركيا مهتمة بتفاهم مع الاخوان المسلمين، لكن هذا لا ينعكس أبداً على عمل المجلس ولا على تركيبته.

هل لديكم في المجلس الوطني اتصال أو تواصل مع رفعت الأسد أو عبد الحليم خدام مباشرةً أو غير مباشرة؟

– نحن نرى أن هذين الشخصين جزء من النظام أو من إسقاطات النظام ولا علاقة لنا بهما ولا يمكن بأي حال التعاون معهما.

لم يعترف بالمجلس الوطني السوري حتى الآن إلا ليبيا. هل ترون أن عدم نيلكم اعترافاً دولياً بعد هو هزيمة مبكرة لكم؟

– هذا ليس سؤالاً بل هو استفزاز. المجلس بالكاد قد ولد، ولم تتشكل بعد مؤسساته نهائياً. ونحن لم نتقدم بطلب اعتراف بعد. لكننا متأكدون من أن اعترافات عالمية واسعة تنتظر المجلس. الاخوة الليبيون أخذوا المبادرة مشكورين، لكننا لم نبدأ بعد جولاتنا الخارجية الهادفة إلى نيل الاعتراف الدولي. سنبدأ بالدائرة العربية طبعاً، ثم ننتقل منها إلى الدول الاقليمية، بعدها أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية.

يستند دعم حزب الله المستمر للنظام السوري إلى مقولة إن هذا النظام يؤمّن ضمانة للمقاومة، وأن نظاماً جديداً قد يولد قد يكون مصلحة إسرائيلية. بماذا تعلّقون؟

– موقف حزب الله في العداء لحقوق الشعب السوري والتنكر لتضحيات ابنائه ليس مقبولاً ولا يمكن تبريره بأي حال. والشعب السوري لم يكن ولن يكون ضد المقاومة، وله أراض محتلة من إسرائيل. ومع ذلك علاقة سوريا الديموقراطية المقبلة بالمقاومة في أي مكان سوف تتحدد بمقدار ما تقبل هذه المقاومة التنسيق مع الحكومة السورية.

هل تتواصلون مع الحكومة اللبنانية أو مع المعارضة اللبنانية الحالية المؤيدة لكم في إطار 14 آذار؟

– لا نرغب الدخول في اللعبة السياسية اللبنانية، كما أننا لا نريد زيادة التوتر الموجود أصلاً على الساحة اللبنانية.

يخطئ من يظنّ أنّ الدكتور برهان غليون اعتزل التعليم الجامعي منذ أن بات اسمه من بين الأبرز سورياً على الصعد السياسية والاعلامية منذ أشهر. فزحمة «العمل» لم تمنعه من مواصلة إلقاء دروسه الجامعية، مع تطوُّع عدد من طلابه وطالباته من مساعدين له في تنسيق مواعيده ولقاءاته الاعلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى