صفحات سورية

حول عروبة سوريا وانفصالية الأكراد


حسين جمو

احتدم النقاش والتلاسن(الكردي العربي) خلال الأسبوع الماضي في سوريا على خلفية عدة نقاط، لعل أولها وأخطرها كانت رسالة الادانة التي أرسلها المجلس الوطني للحكومة التركية حول هجمات حزب العمال الكردستاني. وكان ذلك خطأ كارثيا وليست هفوة صدرت عن المجلس، ذلك أن هجمات العمال الكردستاني التي تدخل في إطار الدفاع المشروع مستمرة منذ عام 1984، باستثناء فترات محددة من الهدنة. وانجرار البعض إلى ربط تحركات هذا الحزب بتوتر العلاقات بين سوريا وتركيا أمر مجحف بحق نحو 25 مليون كردي في تركيا.

أرجو أن تُحسم هذه القضية لدى كل السوريين، وعدم تحويل الثورة السورية إلى مظلومية عالمية. هل طالب الأكراد يوماً بإدانة التحالف التركي السوري طيلة السنوات العشرة الماضية؟. ثم هل مسألة القضية الكردية في تركيا بسيطة إلى درجة أن تأخذ إجازة مفتوحة إلى حين انتصار الثورة السورية؟.

الأمر الثاني هو تصريح للدكتور برهان غليون حول هوية الدولة في سوريا وتشبيه الأكراد بمهاجرين أفارقة في فرنسا. لم اكتف بقراءة تصريحات غليون، بل عدت إلى الحوار التلفزيوني نفسه، ووجدت أن الرجل أخطأ (ربما عن غير عمد) في تشبيه الأكراد بالمهاجرين أو خانه المثال المناسب، وهو اعتذر لاحقاً في بيان. بقيت مسألة هوية الدولة : هل هي عربية أم سورية فقط؟.

هذا الملف حساس جداً، لذلك فإن طرحه يثير جدلا في كل مرة يطرح فيها، ويتم خلالها نشر “الغسيل الوسخ” للطرفين. بعض المتفهيمن العرب للقضية الكردية يقولون في لحظة غضب : وهل تريدون سلب حقوق الغالبية من اجل 15 % من الأكراد؟. وبعض الأكراد يردون بما معناه : من أنتم؟.

إني هنا –في هذه الرسالة البسيطة والمصاغة على عجل- أتوجه للمثقفين السوريين العرب برؤية شخصية قمت بنبشها من جحور الأحزاب الكردية.

أولاً: أخي العربي. أنا سوري، وفي التفاصيل كردي، وإذا كنت تصر على عروبة الدولة السورية فاسمح لي أن أقول أن الثورة السورية لم تنضج حواملها الفكرية بعد، فكيف لمن يتجرأ بشجاعة على دك أركان النظام القاتل عاجز عن تصحيح خطأ في تاريخ سوريا كانت مجرد نزوة قومية ولحظة جبن لقادة الانفصال عن مصر.

 ثانياً: كل كردي لا يحب سوريا سيكون سعيدا بإصرار البعض على عروبة الدولة السورية، لأن ذلك يمنحه الحق والمبرر في توضيب حقائبه عن “الدولة السورية العربية”.

 ثالثاً : كل كردي يحب سوريا تجده مصراً على هوية موحدة جامعة لكل السوريين، بحيث تكون العربية أحد مكونات الهوية السورية وليس العكس، ومثلها الكردية والسريانية والتركمانية.

رابعاً: من مصلحة التيار الاسلامي الدفع باتجاه التوتير بين العرب والأكراد، خاصة إذا كان هناك دعاة للعروبة من الأقليات. عندها سيدعو الكردي –نكاية- إلى إسلامية الدولة وليس عروبتها. هذا غير مثير للضحك.

خامساً : لا تقلقوا عندما يدعو المجلس الوطني الكردي الذي تشكل قبل أيام من عشرة آحزاب إلى حق تقرير المصير، لأنهم يكذبون. أما دعوات تقرير المصير الحقيقية فهي لم تظهر بعد. وللتوضيح سأقول سادساً :

 كلما صدرت دعوات قومية خالصة من أحزاب كردية في هذه الظروف، اعلم أخي العربي أن ذلك يكون بهدف التغطية على أمر آخر وهو الحوار مع النظام. النظام يسمح بذلك، ويقول لهم :«علّوا السقف بالبيانات». والهدف هو تكريد الحراك الكردي وفصله عن مطلب إسقاط النظام. ونحن يا أخي/أختي أناس نغضب بسرعة، فلا تأتِ وتصب جام غضبك على «التعصب الكردي»، لأنك تدفع بذلك الكثيرين، مرغمين، إلى تلك الأحزاب. عندما تريدون الانتقاد في هذا الاطار، اختاروا شخصاً كردياً بعينه وأطلقوا عليه سهامكم النقدية او حتى القومية، لكن أبعدوا هذه السهام عن «الأكراد» لمصلحة الانتفاضة.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى