صفحات المستقبل

خالد أبو صلاح … صرخة ولدت من ثورة سوريا

فياض درويش
لم يتوقع الناشط خالد أبو صلاح أن يتحول من طالب يدرس اللغة العربية، وينظم الأشعار في أوقات الفراغ إلى “مراسل لثورة”، تراه يتنقل بين المراقبين، ثم على أنغام أصوات الرصاص والتفجيرات بحمص،وبين القتلى، وكذلك جريحا، يحمل على عاتقه إيصال رسالة الثوار السلميين في سوريا.
دمشق: “على الحرية نجم ويلمع.. على حرية شمس وتسطع.. اسمع مني انا اقلك.. اسمع مني انا علمك.. عفوك هذا ما عاد ينفع.. وبصدري اقابل مدفع″.. أبيات لم يتوقع يوما الناشط خالد أبو صلاح أن يكتبها بأصابع يده بعد ان انتقل من الكتابة على مقاعد مدرجات جامعة البعث، كلية اللغة العربية في حمص، إلى شوارع وساحات بابا عمرو ثم إلى باقي المحافظات السورية لتتحول إلى كلمات تنادي باسقاط النظام.
حيثما يتجه الصاروخ في بابا عمرو الذي يفترض أن يكون الباب الثامن لمدينة حمص الواقع في الجهة الغربية الجنوبية للمدينة على مساحة 12 كم مربع، كان خالد أبو صلاح يكشف فصلا جديدا من فصول الثورة في سوريا يخرج من بين انقاض البيوت المدمرة، فيخترق حاجز التعتيم الاعلامي لـ يكون مراسلاً مباشراً للاعلام الخارجي.
الناشط أبو صلاح، أجبر النظام على الإتيان بـ الدليل من قلب الحدث إذا اراد التنصّل، وهذا ضرب من المستحيل، لأنه سيفضح نفسه بنفسه حينها، بحسب الكثير من المحللين السياسيين، فهو ينقل الصورة حيّة، ولم يعد يكفي لبراءة النظام أمام مواليه، والعالم، نفيه لها، أو نسبها لأماكن من الكرة الارضية.
أحد أبرز وجوه الثورة السورية في حمص التي تضم في أرضها 400 صحابي جليل والتي انتفضت بعد درعا مباشرة، يتواصل مع قنوات التلفزة العربية المهتمة بالشان السوري إضافة إلى وكالات الأنباء، إحداها كشفه لما صرح به رئيس بعثة المراقبين العرب محمد الدابي عن هدوء الوضع في حمص، إذ نقل كلاما عن اثنين من البعثة يناقض وقتها ما قاله رئيسهم: “لا يمكننا المرور, القناصة قاعدين يضربوا هناك, حاولنا معهن و لكن مانعين المرور, و اذا مو مقتنع بـ الكلام ده, تجي معانا عشان تشوف بـ عينك”.
ذو الـ 25 عاما، ولد في بابا عمرو الذي يضم مسجد الصحابي عمرو بن معد يكرب، إذ وجد خلال الحفريات القديمة فيه كتابات محفورة على صخر بقي منها حرف العين، وأغلب الظن أن “قبر الصحابي الجليل” موجود هناك إذ سميت المنطقة باسمه.
ليس بعيدا من المسجد، تمتد مقبرة بابا عمرو القديمة توقف الدفن فيها منذ أكثر من عشر سنوات إلا أن أبو صلاح عاد وفتحها مع غيره من الناشطين الآن بعد أن وصل عدد القتلى في الحي وحده إلى أكثر من 525 قتيلا منذ بدء الانتفاضة ضد النظام في 15 آذار (مارس) من العام الماضي بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
أنا لست أفضل من أصدقائي الذين قتلوا برصاص السلطة الحاكمة
لم يطل الوقت بعد جملته الشهيرة “أنا لست افضل من كل اصدقائي الذين قتلوا برصاص السلطة الحاكمة”، حتى جاء نبأ اصابته بجروح في القصف الذي استهدف احياء عدة من حمص في 6 فبراير الماضي في قصف صاروخي شنه الجيش السوري على حي بابا عمرو، كما اغتيل شقيقه ذو الـ 14 ربيعا قبلها بعدة أيام في نفس الحي امام احد المخابز العامة وصف الحادثة عندها أبو صلاح قائلا: “لقد كنت اخشى من ان تنتصر الثورة قبل ان تقدم اسرتي شهيدا في سبيلها” قالها ثم عاد الى ميادين المواجهة.
ثواراها، يصفهم الصحفي جورج كدر من سكان حمص، في – صفحته الشخصية على الفايسبوك – “بنيت حمص من روح البراكين…حممها مهدت الأرض وعندما صارت حجارة بنى العصيون على الموت مدينتهم بها، لذلك تطبع أهلها بصفاء هدوء البراكين وعنفوان ثورتها”.
وكما حمص، تتفاوت نسب القتلى مع أخواتها في باقي المحافظات السورية لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان – مقرها لندن- منذ بدء الاحتجاجات قبل نحو 11 شهرا لتتجاوز 9000 قتيل، بينهم 590 طفلا على الأقل.
ففي إدلب وحدها سقط 1030 قتيلا، ودرعا 1033. أما حماة “وسط سوريا” تشير الأرقام إلى أن المدن والأحياء التابعة للمحافظة شهدت سقوط 1128 قتيلا، و348 في دير الزور، و808 في ريف دمشق و317 في اللاذقية و164 في حلب خلال الفترة نفسها.
اليوم، يقول أحدهم؛ لو قام عمرو بن معد يكرب الزبيدي من قبره لكرر مقولته الشهيرة لأبناء الحي: “الحرب مرةُ المذاق اذا كشفت عن ساق، ومن صبر فيها عرف ومن ضعف فيها تلف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى