صفحات سورية

خطوة القادمة لثورة شباب سوريا

 

ال

لافا خالد

في انتفاضتنا الآذارية عادت الأمور لنصابها الصحيح وتكشفت الحقيقة الأعظم إن الشعب السوري لديه من المقدرات ما يفوق ويضاهي أسلحة النظام. فبالرغم من كل ممارسات السلطة في بث روح التفرقة وإشاعة الخلاف بين أبناء الجسد السوري الواحد، خرج الشعب العظيم متكاتفا معا من أقصاه إلى أقصاه يردد بصوت واحد: “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”.

هذا الشعار الذي أرعب النظام وأربكه كثيرا وفعل ما بوسعه ليشيع بوجود فتنة ومندسين، وجند لذلك مرتزقة وأبواقا يتفننون في الكذب المنمق ليثيروا الخلافات ويضللوا الحقيقة، هذا الصنف ينطبق عليهم قول الله تعالى “وجعلنا منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت”.

نحن الكرد السوريين خاصة خبرنا تماما سياسة التمييز ومحاولات النظام التفريق بيننا وبين إخوتنا العرب في أن يقسمونا لشعب وصفوف “ذاك كردي وهذا هو العربي”. الموقف الوطني لكل أبناء سورية تجسد جليا حينما خرج الجميع صفوفا وأرتالا واحدة يهتفون لوطن حر. ولعل الذي زين عرس الإنتفاضة هم شبابنا الثوار الأبطال الذين دفعوا حياتهم ثمنا كي نبقى نحن أحياء أحرارا وزاد من ألق الثورة عزيمة شباب الثورة والحرية للوطن سوريا المصممين على الإستمرار في انتزاع حريتهم ويعرفون تماما إن ثمن الحرية مكلف كثيرا.

أمر آخر بدا لافتا في ثورة شباب سوريا: لأول مرة تخرج الأحزاب الكلاسيكية من عباءتها وتلتفت لهذا المارد الجبار في عنفوانه وغضبه وجرأته. وبعض هذه الأحزاب بادرت تطالب عونهم بعد أن زادت من تهميشهم فوق تهميش السلطة لهم. شباب سوريا عازمون على المضي في ثورتهم ولهم كلمة لمن لم ينضم لقافلة الأحرار لحين اللحظة، يقولون لهم التالي:

حتى الذين يختلفون في أفكارهم وإيديولوجياتهم يتفقون على إننا في قارب مشترك، بل في أجمل قارب اسمه الوطن. ويتفق الجميع على وحدة الشراع ووجهة البوصلة، وحلمنا المشترك بالضفة الآمنة لسوريا التاريخ والحضارة.

كلنا متيقنون أن قاربنا الأجمل هو الوطن “سوريا”، وفي لحظات توحدنا في الرؤية والهدف قد نجد اختلافا لا حول الضفة والشراع، أو البوصلة والقبطان، بل اختلافا في طريقة الوصول أو آلياتها. أما اليوم، وقد أختار أحرار سورية الإنتفاضة، هي لحظتكم لتعلنوا البوصلة والإتجاه في ولائكم لسورية الوطن الحر وتعلنوا تضامنكم مع ثورة الشعب للعزة والكرامة والمساواة.

هي دعوة لاجل سورية الوطن الذي يمتلك من القلب سعة ليحتوي الجميع، على عكس ما رسمه النظام لشعبنا: خارطة مجزأة وفستانا ممزقا مخضبا بالدماء.

هي دعوة ومناجاة لكم كلكم يا أبناء وطن، وكلكم مشبعون بروح الديمقراطية وانسانيتكم تدعوكم من أجل أن يكون هذا الوطن فسيحا حرا لا يقصى فيها احد من معادلة السياسة والمجتمع وخيرات هذا الوطن. لا بل يمضي بعزم وتصميم لان تكون سوريا المثل والقدوة في ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة.

من أجل أحباب الله شهداء درعا المقاومة واللاذقية الأبية ودوما وبانياس المحاصرة الباسلة وكل مدننا الثائرة. من أجل من سبق هذه الكوكبة من شهدائنا.

من اجل الأطفال الذين ينتظرون عودة الأب وخروجه من المعتقل ولا يعلمون إن كان ينبض نفسا أم غاب وللابد في تلك الأقبية الحقيرة بفعل فاعل عن الحياة.

من أجل دعاء أم تنتظر ابنها وعينها على الطرقات.

من أجل معتقلينا الشرفاء.

وكرمى لكل من أحرق أصابع لكي تضيئ طريقنا نحن.

علينا أن نمضي يدا واحدة دائما، والوقوف بوجه تلك الشرذمة التي حولت كل واحد منا لمشروع اعتقال تعسفي. وكلكم على يقين أن كل من تم اعتقالهم تعسفاً يلعبون دوراً رائداً في بناء موقف جديد ومجتمع جديد, ورؤية أكثر جدة وإشراقا, وأملاً بحياة وطنية عادلة سليمة, تجنح الى آفاق جديدة.

غدا جمعة التحدي سنمضي معا يدا واحدة كما قررنا واتفقنا نحن كل ابناء سوريا الشرفاء. وعهدا أننا كنا وسنبقى يدا واحدة متفقين بقوة الله وبعزيمتنا في المضي نحو مشوار طويل اخترناه بإرادة وهو حب هذا الوطن والتضحية لأجل شعبه الذي يستحق الأفضل دائما فبيننا وطن والوطن لنا جميعا.

* كاتبة وناشطة سورية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى