صفحات الناس

سترات النجاة البرتقالية.. ذاكرة الآلام/ ميساء عموري

 

 

على الرغم من حجم الكارثة الإنسانية التي لا يزال يعيشها المهاجرون باتجاه أوروبا، وخصوصاً السوريين. ومع محاولة العديد من الناشطين السوريين حول العالم تنظيم حملات افتراضية، وواقعية بنسب أقل، لإيصال استغاثاتهم إلى العالم، إلا أن هذا العالم لم يزل يغلق عينيه ويصم أذنيه عن صور وأصوات الضحايا الذين وصل عددهم الآلاف.

غير أن بعض الناشطين الإنسانيين الأجانب، يصرون على المحاولات اليائسة لإحراج الساسة ونزع العصابة عن العيون من دون كلل أو ملل.

آي ويوي (58)عاماً، فنان وناشط صيني شهير، هو أحد هؤلاء، وغالباً ما يستخدم حساباته الخاصة، والمتابعة بنسبة عالية جداً على مواقع التواصل الاجتماعي، للمساعدة في وضع القضايا الإنسانية أمام أعين أكبر عدد ممكن من الناس في كل دول العالم.

وكرس آي كثيراً من وقته لمحاولة توظيف أعماله في تسليط الضوء على محنة المهاجرين عبر البحر، فقد تردد على جزيرة ليسبوس اليونانية، المحطة الأولى لمعظم المهاجرين بحراً من تركيا باتجاه أوروبا، وهناك صوّر عدة أفلام فيديو قصيرة.

وبدءاً من كانون الأول الماضي، نشر هذه الصور والفيديوهات على موقعه الخاص على الإنترنت، ووثقها على صفحته على”انستغرام” بهدف لفت نظر العالم إلى مأساة اللاجئين المستمرة، منذ سنوات، ومحاولة إيصال تفاصيل معاناتهم ومشقات الرحلات المرعبة التي قاموا بها.

كما أعلن آي ويوي إغلاق معرضه “تمزقات” في كوبنهاغن، الشهر الماضي، احتجاجاً على موافقة البرلمان الدنماركي على قوانين ردع طالبي اللجوء من دخول البلاد. وكان أيضاً قد نشر على حساباته الخاصة صورة له على هيئة الطفل “إيلان” السوري، الذي رماه البحر على الشواطئ التركية بعد فشل محاولة عائلته الوصول إلى اليونان باستخدام “بلم مطاطي”، وغرق معظم أفرادها.

وكانت آخر أعمال آي وي الفنية الإنسانية، إكساء الأعمدة الأمامية لبناء “الكونسرت هاوس” Konzerthaus الشهير في برلين، يوم الأحد 14 فبراير/شباط، بـ 1400 سترة نجاة برتقالية، أحضرها الفنان من جزيرة ليسبوس اليونانية، بعد أن رماها المهاجرون الذين حالفهم الحظ في النجاة من رحلة الموت البحرية، واستطاعوا الوصول إلى الجزيرة. كما قام فريق آي الذي يتولى مساعدته بتعليق “بلم مطاطي” كان بعض المهاجرين قد استخدموه في رحلتهم، بين الأعمدة.

يأتي هذا العمل الفني بعد عمل آخر مشابه قام به الفنان وفريقه في إيطاليا، وهو يهدف، حسب فريق الفنان، إلى تخليد ذكرى ضحايا البحر، ولفت نظر العالم الأعمى الغافل عن معاناتهم، والمطالبة بحل آمن يسمح للاجئين بالوصول إلى أوروبا من دون التعرض للخطر. كما سيتم تنفيذ نسخة ثالثة قريباً في كاليه في فرنسا.

يذكر أن أكثر من 400 شخص لقوا حتفهم، هذا العام، في محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط، وكان معدل وصول اللاجئين في الأسابيع الستة الأولى من 2016 قد زاد عن 10 أضعاف معدل الفترة ذاتها من العام الماضي.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى