صفحات الرأي

دستور 1876 العثماني وولادة مشاركة الرأي العام/ خالد زيادة

 

 

 

مقارنة بين التجربتين الروسية والعثمانية

تعود فكرة الأخذ بالتمدن الأوروبي إلى بداية القرن الثامن عشر. وقد أخذ الحكام في دولتين مجاورتين لأوروبا بهذا المبدأ، نعني روسيا القيصرية والسلطنة العثمانية. ومن المعروف أن بطرس الأكبر (1625- 1672) قد اندفع في تحديث روسيا، فابتدأ من الأخذ بالعلوم العسكرية وبناء جيش وأسطول ما جعل روسيا دولة توسعية. وفي تلك الفترة كان السلطان أحمد الثالث (1730-1703) يحاول أن يبني أول مدرسة هندسة، وأوفد سفيرًا إلى فرنسا ليقف على مظاهر المدينة وخصوصًا العمران في هذا البلد الأوروبي.

والتحديث الذي بدأه بطرس الأكبر جعل من روسيا في عهد كاترين الثانية (1762- 1796) قوة عظمى. لكن الإصلاحات العثمانية في القرن الثامن عشر وخلال عهود خمسة سلاطين بين 1703 و 1789 لم تستطع أن تحقق بناء جيش نظامي يستطيع أن يوقف قضم الأراضي الواقعة تحت الهيمنة العثمانية من جانب الدول المجاورة. وقد حاول السلطان سليم الثالث (1807-1789) أن يؤسس لنظام جديد وقوات عسكرية نظامية، إلا أن محاولاته أدت إلى خلعه عن العرش، وتقويض كل الإنجازات التي حققها، كذلك فإن محاولة إعادته إلى العرش أدت إلى مقتله عام (1808).

وفي المقارنة بين التجربتين الروسية والعثمانية في القرن الثامن عشر، نجد أن بطرس الأكبر قد ذلل العقبات المعارضة للتحديث بالقوة والعنف وتخطى الكثير من الاعتبارات العقائدية والبنيوية (الاقطاع والتآمر الفلاحي)، الأمر الذي لم يتحقق في الدولة العثمانية إلا في عهد محمود الثاني (1839-1808) ومحمد علي باشا في مصر (1848-1805).

كانت العقبات أمام بسط محمد علي سلطته والمباشرة في التحديث أقل شأنًا من تلك التي واجهها السلطان محمود في استامبول.

أجبر محمد علي باشا علماء الأزهر على التزام حدود مهنتهم في التدريس، وجردهم من امتيازاتهم وخصوصًا التزام الأراضي، ونفى أحد أبرز العلماء، السيد عمر مكرم. وفي سنة 1811 قضى على أمراء المماليك في المجزرة الشهيرة في القلعة. واندفع في تحديث التعليم والعسكرية وبناء المصانع وإصلاح الأراضي. وبذلك استطاع أن يجعل من مصر قوة عسكرية واقتصادية. إلا أنه حكم مصر حكمًا فرديًا (أوتوقراطيًا) بعد أن قوّض النظام القديم.

وفي استامبول لم يتمكن السلطان محمود الثاني من القضاء على قوات الانكشارية إلا في عام 1826، بدك ثكناتهم. وحل الطريقة الصوفية البكتاشية المرتبطة بالانكشارية وصادر ممتلكاتها. وشرع في بناء جيش نظامي وتحديث التعليم والادارة، الأمر الذي أدى إلى الحد من نفوذ رجال المؤسسة الدينية. ومثل محمد علي حكم محمود الثاني السلطنة حكمًا فرديًا بعدما أزال معالم النظام القديم.

دخلت الدولة العثمانية في عصر التنظيمات بعد إعلان خط كلخانة في مطلع عهد السلطان عبد المجيد، عام 1839، الذي تضمن أفكار التحديث والمساواة بين الرعايا، وإعلان التنظيمات الخيرية عام 1856 في عهد السلطان عبد العزيز. ويمكن القول بأن عصر التنظيمات امتد حتى بداية عهد السلطان عبد الحميد الثاني 1876. وعرفت السلطنة تحديثات عميقة في الإدارة والقضاء والتعليم في ذلك العهد. وقد لعب الاداريون الذين لديهم خبرة باللغات الأوروبية والمؤسسات الحديثة أدوارًا بارزة في قيادة عملية التحديث، أمثال مصطفى رشيد باشا وعلي باشا وفؤاد باشا. وفي مصر، وخصوصًا في عهد الخديوي إسماعيل (1863- 1879)، عرفت مصر موجة واسعة من التحديث في العمران والتعليم والادارة. وقاد عمليات التحديث الاداريون أمثال علي مبارك ونوبار باشا وشريف باشا. لكن في استامبول أو القاهرة وحتى في تونس كانت إجراءات التحديث تؤدي إلى إنفاق وإسراف في المال، الأمر الذي جعل كلًا من تركيا العثمانية ومصر وتونس تقع تحت ديون الدول الأوروبية.

لم تؤدِ عمليات التحديث (الإصلاح) إلى تبديل في النظام السياسي، على الرغم من أن الأنظمة القديمة في التعليم والعسكرية والقضاء والإدارة كانت تنهار أمام بناء المؤسسات الحديثة. على العكس من ذلك، فبالرغم من التحديث الإداري الذي أزال القوى التقليدية التي كانت تشاطر الحاكم سلطاته ونفوذه، ظل التحديث السياسي متعثرًا. هذا يعني أن التحديث الإداري لا يقود تلقائيًا إلى تحديث سياسي أو تبديل في نظام الحكم. إن فكرة ايجاد مجالس تمثيلية معينة كانت تراود الحكّام منذ أيام السلطان سليم الثالث الذي عيّن مجلس شورى، كما راودت الفكرة محمد علي باشا الذي أقام مجلس شورى عام 1829، وأصدر اسماعيل مرسومًا بتشكيل مجلس شورى النواب عام 1866.

وفي عهد الخديوي توفيق سعى شريف باشا (وزير أول) إلى إعادة العمل بمجلس شورى النواب عام 1880. ولعل أول نص دستوري هو الذي صدر في تونس عام 1861.

كانت فكرة الدستور تقوم على الأخذ بما هو معروف في أوروبا من فصل بين السلطات وإيجاد مجالس تمثيلية تحد من سلطة الحاكم. وقد اقترنت فكرة الدستور بأفكار الحرية والمسؤولية الفردية وحقوق الانسان، وهي كلها أفكار كانت الثورة الفرنسية قد أطلقتها في سائر دول أوروبا وترددت أصداؤها في أرجاء العالم.

ثلاث شخصيات رئيسية

تُعزى حركة الأفكار في استامبول إلى ثلاث شخصيات رئيسية لعبت أدوارًا في اطلاق مفاهيم الحرية والدستور والمواطنة، وهي على التوالي: إبراهيم شناسي (1871-1826) وضياء باشا (1880-1825) ونامق كمال (1888-1840). وكان لهؤلاء إسهام في اطلاق الصحافة. فقد أصدر شناسي مجلة (تصويري أفكار، 1862)، وكتب قصيدة امتدح فيها مصطفى رشيد باشا لإعلانه الخط الهمايوني عام 1856. وكان ضياء باشا بالرغم من توجهه المحافظ عمومًا من أنصار الحكومة الدستورية. أما نامق فكان أكثرهم تأثرًا بالأفكار الغربية وخصوصًا مونتسكيو وروسو. وكان صريحًا في دعوته إلى سيادة الأمة والفصل بين السلطات والمساواة وحرية الفكر.

كان هؤلاء على مقربة من السلطة وقد حظوا بحمايتها أحيانًا وغضبها أحيانًا أخرى حسب تبدل الصدور العظام. وقد عبر هؤلاء عن تغلغل أفكار الحرية في أوساط الإدارة، ولكن انتشار هذه الأفكار كان بين الشبان العثمانيين.

لقد تعرض كل من هؤلاء الثلاثة إلى النفي وكانت لكل منهم إقامة طويلة في فرنسا أو إنكلترا أو إيطاليا، حيث خبروا الحياة البرلمانية وعاينوها عن كثب.

لكن هذه الأفكار لم تتجسد في حركة منظمة إلا ابتداء من عام 1865، عندما اجتمع ستة أشخاص بينهم نامق كمال. ويقال إن الأميرين مراد وعبد الحميد كانا على مقربة من هذه المجموعة من العثمانيين الشبان، الذين سرعان ما أصبح عددهم 245 عضوًا يؤيدهم الأمير مصطفى فاضل شقيق الخديوي إسماعيل وأصدروا صحيفتهم ” حريات” عام 1868.

وبحسب برنارد لويس: “ثمة منشق آخر يشغل الحيز نفسه من الاهتمام هو محمد بك (1871-1813). وهو كان من بين المنتمين إلى العثمانيين الشبان فلم يكن رجلاً عاديًا من عامة الناس، وإنما كان شخصًا ينتمي إلى السراي والطبقة الحاكمة. وكان والده وزيرًا لهيئة البريد. وعمّه مصطفى نائلي هو الذي شكّل الوزارة. وعمّه الشهير محمود نديم باشا تولى الصدارة عدة مرات في عهد السلطان عبد العزيز. وكان محمد بك من الأعضاء المؤسسين للجنة السرية الأساسية في استامبول. ووفقًا لما يقوله البعض، هو من كان يمثل روحها المؤثرة. ونظرًا لكونه أكثر راديكالية من العثمانيين الشباب انفصل عنهم ونشر جريدة بعنوان: “الاتحاد” باللغات الأرمنية والعربية واليونانية. ثم انتقل إلى جنيف وشارك حسين وصفي باشا في نشر مجلة سميت “انقلاب” أي (مقررة) والتي كانت كلمة جديدة وأُدخلت إلى المفردات التركية…” (1).

ما يمكن أن نستخلصه حتى الآن هو أن هؤلاء الشبان ما كانوا بعيدين عن السلطة الحاكمة بل كانوا جزءًا منها، ولكن لديهم شعور بأن الدولة لا بد من أن تتبدل حتى تستطيع أن تستمر في البقاء.

ظروف إعلان الدستور عام 1876

تدهورت أوضاع السلطنة مع بداية سبعينيات القرن التاسع عشر وخصوصًا بعد وفاة الصدر الأعظم عالي باشا عام 1871، وغرق الدولة في الديون، وإدارتها من السلطان عبد العزيز بمزاج غير مسؤول.

وإزاء الضغوط التي مورست عليه عزل محمود نديم باشا من الوزارة، وسرعان ما تم عزل السلطان عبد العزيز نفسه في 30 أيار/مايو 1876، وكان قائد هذه الحركة هو الوزير مدحت باشا (1884-1822).

ولد مدحت في استامبول ونشأ في بلغاريا حيث كان والده قاضيًا وعمل موظفًا في الباب العالي. وهو تعلم الفرنسية بالإضافة إلى العربية والفارسية. تقلّد منصب والٍ مرات عديدة، وأصبح بعدها يشغل منصب رئيس شؤون شورى الدولة قبل أن يصبح واليًا على بغداد. وبعدها عيّنه السلطان عبد العزيز لأول مرة صدرًا أعظم عام 1872.

وكان من أبرز الشخصيات التي صنعت أو رافقت الأحداث التي عرفتها السلطنة، وبعد عزل نديم باشا أصبح وزيرًا بلا وزارة في صدارة رشدي باشا. وقد عزلت الوزارة تلك السلطان عبد العزيز، ونصّبت مكانه مراد ابن السلطان عبد المجيد الذي كان مقربًا من العثمانيين الشباب.

يقول برنار لويس: “بدت موافقة مراد الخامس (على اعتلاء العرش) كأنها انتصار لليبراليين، وقد أقام مراد علاقة مع العثمانيين الشبان استمرت بضع سنين. وقد تم تعيين العديد من الشبان في القصر. وتم استدعاء نامق كمال من قبرص. وصار ضياء سكرتيره الخاص..” (2). وخلال مدة قصيرة حصلت حادثتان أثرتا على السلطان؛ الأولى، مقتل السلطان عبد العزيز في قصره وبعد خلعه بأيام، ثم حادثة مقتل العديد من الوزراء بمن فيهم حسين عوني وزير الحربية على يد أحد قادة الحرس. وأصيب السلطان  مراد بالخوف الذي  منعه من الخروج أو مقابلة أحد، الأمر الذي أدى إلى خلعه.

كان مدحت باشا هو الذي فاوض عبد الحميد شقيق مراد “ليحصل منه على وعد مسبق بالتعاطف مع القضية الليبرالية” (3).

كانت فكرة مدحت باشا أن السلطنة في طريقها إلى الانهيار، وأن لا علاج سوى بالسيطرة على السلطان وجعل الوزراء مسؤولين عن “الجمعية الشعبية الوطنية”، وثانيًا “جعل هذه الجمعية وطنية حقًا وذلك بالتخلص من التمييز بين الطبقات والأديان، وثالثًا اللامركزية..” (4).

نُصّب عبد الحميد سلطانًا في 31 آب/ أغسطس 1876، وكان إعداد الدستور قد تم منذ أصبح مدحت باشا وزيرًا في أيار/ مايو.

وقد شكلت لجنة ضمّت رجال دين ورجال دولة. وكان نامق كمال وخليل غانم اللبناني في عداد اللجنة التي اعتمدت الدستور البلجيكي العائد لسنة 1831.

وتم إعلان الدستور في 23 كانون الأول/ ديسمبر 1876، بعد تعيين مدحت باشا صدرًا أعظم للمرة الثانية من قبل السلطان عبد الحميد، وكان أول اجتماع لمجلس المبعوثان في 19 آذار/مارس 1877 وآخر اجتماع في 13 شباط/ فبراير 1878.

صدر الدستور وسط ضغوط دولية شديدة. واعتبرت أوساط أوروبية أن إعلان الدستور مجرد مناورة لكسب العطف. ولم يكن ثمة رأي عام يدرك معنى إعلان الدستور.

يقول روحي الخالدي: “لم يفقه الناس آنذاك معنى الحرية ولا قدّروها حق قدرها، فظنوا أن المبعوثين كبقية الموظفين يشتغلون لمصالح الأمة تحت سيطرة الوزراء والنظار ليستفيدوا من الرواتب التي ينقدونها..”. ويضيف: “سمي جمهور المبعوثين بعد ذلك “أوت أفندم” لتصديقهم على كلام الرئيس من دون مناقشة ولا مباحثة” (5). إلا أن مناقشات المجلس لم تكن كلها بلا طائل، فقد وُجهت اتهامات للوزراء بالفساد. والواقع أن السلطان لم يقبل بمثول وزرائه أمام المجلس للدفاع عن أنفسهم إزاء التهم المحددة التي وجهها إليهم. وفي اليوم التالي حلّ السلطان المجلس وأمر النواب بالعودة إلى دوائرهم (6).

وفي إثر تعطيل الدستور، يقول الخالدي: “خرج المبعوثون يتعثرون بأذيالهم، وأنذرت الظابطة المتطرفين منهم على التكلم وإيقاظ أفكار الأمة بوجوب المهاجرة من الأستانة فذهب بعضهم إلى الولايات العثمانية وبعضهم إلى مصر والبلاد الأجنبية. ولم تقلق الأمة أو تتأثر من هذا الاحتقار والامتهان ولا حصل فيها هيجان أو اعتراضات”.

ويضيف الخالدي: “لم يبق من المبعوثين من أصّر على مبعوثيته إلى آخر نفس في حياته، إلا أفراد قلائل مثل يوسف ضيا الخالدي مبعوث القدس وخليل غانم مبعوث بيروت” (7).

ولادة السياسة

يمكن القول إن إعلان الدستور، تبعًا للظروف الذي رافقته، مسألة تمت داخل الطبقة الحاكمة، في لحظة ضعف مؤسسة السلطنة حين بلغ نفوذ الإداريين درجة عالية من التأثير، وخلال سنة من حكم عبد الحميد تمكن السلطان أن يستعيد سلطته. لا بل استطاع أن ينفي مدحت باشا، الذي أعتبر أب الدستور، خارج البلاد، وذلك قبل تعطيل العمل بالدستور.

استعاد السلطان سلطاته، كما كانت في أيام السلطان محمود الثاني وولديه عبد الحميد وعبد العزيز. وإذا كان السلطان عبد الحميد معاديًا للتوجهات الليبرالية وتقييد سلطة العاهل وفصل السلطات والرقابة على السلطة التنفيذية، فإنه واصل الإصلاحات التي عرفت في عصر التنظيمات، وأهم الإصلاحات في عهده كان الإصلاح التعليمي. وفي عام 1900 افتتحت دار الفنون التي عرفت لاحقًا باسم جامعة استامبول. وكانت أول جامعة حديثة في العالم الإسلامي. إلى ذلك يمكن أن نضيف الإصلاحات القانونية والقضائية. وفي عهده تطورت سكك الحديد. ويمكن القول إن السلطان أسهم في تطوير التعليم ووسائل الاتصالات التي كانت تطورت في أوروبا بما في ذلك التلغراف الذي استخدم كوسيلة رقابة من جانب السلطة الحاكمة.

إن فترة حكم السلطان عبد الحميد التي امتدت سحابة 33 سنة بين 1876 و1909، وعرفت إعلان الدستور في أول عهده وتعليقه ثم إعلانه مرة أخرى عام 1808، هي فترة من التطورات التي شهدها العالم على المستوى السياسي والثقافي والعلمي، وخلال هذه المدة شهدت المدن في السلطنة، وخصوصًا تلك الساحلية، تطورات كبيرة باتجاه التغريب واكتساب تقاليد الحياة الغربية.

لكن الأهم من كل ذلك هو الأثر الذي لعبه إعلان الدستور عام 1876 وإلغاؤه عام 1878 في ولادة السياسة، بمعنى مشاركة الرأي العام في إبداء الرأي في مسائل الحكم والسلطة والعمل على تبديلها أو الثورة عليها. ففي إثر إلغاء الدستور هاجر المعارضون إلى أوروبا أو مصر. وتشكلت جمعية تركيا الفتاة، التي توسعت في الداخل والخارج. وكان مطلب هذه الجمعية هو إعادة العمل بالدستور. وأصبح هذا المطلب بمثابة حركة سياسية، لم تعد تقتصر على رجال الإدارة والسلطة وأبنائهم، ولكنها أصبحت تضم أبناء الطبقات الوسطى من الذين أصابوا العلم في المدارس التي توسعت وازداد أعدادها في مدن الولايات في عصر عبد الحميد، وفي وقت لاحق عام 1889، تشكلت جماعة معارضة داخل المدرسة الطبية العسكرية، لتصبح جمعية الاتحاد والترقي التي انتشر منتسبوها داخل المدارس وفي صفوف ضباط الجيش. ويبرز اسم أحمد رضا، مدير التعليم في بورصة، الذي استغل فرصة مشاركته في معرض أقيم في باريس لينشق وينضم إلى المعارضين ويصبح قياديًا ناشطًا في جمعية الاتحاد والترقي، وكان من الذين تبنوا أفكار أوغست كونت الوضعية. وهو نفسه الذي وضع كتابًا بعنوان: “الجندي والواجب” يفترض فيه دورًا للعسكريين في التغيير والانقلاب.

في المقابل فإن السلطان عبد الحميد دعا إلى سياسة الجامعة الإسلامية، وبذلك يكون أول سلطان يتبنى برنامجًا سياسيًا، يهدف إلى حشد القوى حوله في سبيل مجابهة خصومه في الداخل وأعدائه في الخارج. كانت الدعوة إلى الجامعة الإسلامية بمثابة استخدام الدين في السياسة أو استخدام الإسلام استخدامًا سياسيًا وهو الأمر الذي سنرى عواقبه على امتداد مئة سنة تالية.

هوامش

1-    برنار لويس: ظهور تركيا الحديثة- ترجمة قاسم عبده- المركز القومي للترجمة، 2016- ص 194.

2-    المرجع السابق نفسه، ص 199.

3-    المرجع السابق نفسه- راجع ص 200.

4-    المرجع السابق نفسه، راجع ص 202.

5-    محمد روحي الخالدي: أسباب الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة- تحقيق خالد زيادة- دار رؤية- القاهرة 2011.

6-    برنار لويس: المرجع السابق نفسه، ص 207.

7-    محمد روحي الخالدي: أسباب الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة- تحقيق ودراسة خالد زيادة- دار رؤية- القاهرة 2011.

ضفة ثالثة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى