صفحات العالم

رسالة إلى المعارضة السورية

 

ماجد كيالي

الأعزاء في قيادات المعارضة

الى كل السوريين الأغزاء..اصحاب الثورة السورية المدهشة والنبيلة……

هذه مجرد وجهة نظر شخصية:

في السياسة والصراعات السياسية لايجوز القول برفض الحلول السياسية بشكل مطلق، ومسبق..فالسياسة هي ايضا علم ادارة الموارد وتقليل الأكلاف وانتهاز الفرص وكسب الحلفاء وتعظيم التناقضات في جبهة الاعداء، وتعزيز الاستثمار في المستقبل، أي هي حكمة وتعقل وبناء..

وفي كل الأعراف فإن الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل أخرى، هذا دون ان ننسى بأن التوجه نحو الثورة المسلحة، لم يكن خيارا، وإنما كان جاء بمثابة ردة فعل على عنف النظام المفرط، وعلى سلوكه الحل الأمني، وللدفاع عن النفس، وتأمين الثورة الى غايتها..

فوق كل ذلك فإن الثورات المسلحة ينجم عنها، فوق كلفتها البشرية والمادية الباهظة والموجعة، آلام ومآسي، وتظلمات كثيرة، وتشققات في المجتمع ذاته، من شأنها تصعيب العيش المشترك في المستقبل..والثورات المسلحة ايضا تفضي الى ارتهانات خارجية، بحكم حاجاتها لموارد كثيرة، للتسلح والدعم السياسي والمالي وهو مانشهده امامنا.

.باختصار الثورة المسلحة وسيلة وليست غاية..وهي ردة فعل اضطرارية وليست خيارا ولا هواية..وبالأخير فإن الثورات تقوم من اجل التغيير من اجل عالم افضل..من أجل الحياة لا من اجل الموت، من اجل الحرية والعدالة..

الآن ثمة حوالي 50 الف شهيد، واضعافهم من الجرحى والمعاقين، وثمة خراب عميم في المدن السورية، لنأمل ان لا يتحول ذلك الى خراب في نفس السوريين، وأن لايسمم ذلك مستقبلهم، وإرادتهم في العيش المشترك، في دولة مواطنين احرار متساين في الحقوق، دولة مؤسسات وقانون..

اقصد ان السوريين، في ثورتهم المدهشة، اثبتوا استعدادهم العالي للتضحية، واثبتوا شجاعة منقطعة النظير، وتصميما غير مسبوق على استعادة حريتهم…لقد اثبت السوريون كل ذلك، بعرقهم ولحمهم ودمهم وبوجوعهم وتشردهم، وبصمودهم وشجاعتهم، وآن لهم تثمير كل ذلك والنظام على عتبة التهاوي والانهيار..

لهذا كله فإن هذا النظام الخسيس لايستحق ولا نقطة دم زيادة، ولا يستحق دمعة عين من ام سورية تبكي ابنها، أو زوجها..هذا النظام على عتبة التهاوي، هذا لا يعني التهاون، وانما يعني الصمود، واليقظة، والصبر، والأمل..ولكنه يعني ايضا التحلي بالحكمة، بطرح حلول سياسية..فالحكمة تقتضي ذلك، والتعقل والسياسية، وابداء الحرص على كل حياة كل طفل سوري تستحق ذلك..

هذا لايعني الخضوع لاملاءات احد، فقد فات الزمن على الخضوع للاملاءات..وإنما هذا يعني طرح خطة سياسية معقولة تمكن السوريين من الخلاص من هذا النظام بأقل أكلاف ممكنة..

هذا يعني تفويت الفرصة على النظام الغادر في الامعان في القتل، وتدمير مقدرات السوريين، وعزله على المستوى الخارجي، وايضا وهذا هو المهم، عزله على المستوى الداخلي، هذا جد مهم لإعادة بناء الاجماعات الوطنية السورية، حتى تعود سوريا وطنا لكل السوريين، المتساوين والاحرار..يمكن التقدم بخطة تقوم على حكومة انتقالية تحفظ ماتبقى من مؤسسات الدولة، هذا ممكن..على أن يتأسس ذلك على انهاء حكم الأسد الخسيس وعائلته، واستعادة سورية كدولة لكل السوريين، وانهاء وضعها كمزرعة لعائلة الأسد، وانهاء شعار سورية الأسد الى الابد، الى الأبد وإلى غير رجعة..وهذا يفترض ايضا حل كل الاجهزة الامنية العفنة..وعودة الجيش الى ثكناته والى خط الجبهة حيث قواعده، ومحاكمة المتورطين بإراقة الدماء، أو بخروجهم من البلد.

لاتتركوا هذا النظام الخيسس يأخذكم نحو التهلكة، لاتعطوه فرصة لمزيد من القتل والاجرام والتدمير بحق سوريا والسوريين..

مطلوب من المعارضة السورية ان تقدم مبادرتها للحل السياسي..مطلوب منها ان تشكل حكومتها الانتقالية الجامعة..مطلوب منها ان تقدم رؤيتها لسوريا المستقبل والمتأسس على الحرية والمساواة والديمقراطية..مطلوب منها خطابا اكثر واقعية وعقلانية لتشكيل المستقبل المشترك لكل السوريين..

سوريا لكل السوريين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى