صفحات الحوار

د. برهان غليون : مدينة دمشق ضاعت من أيدي نظام الأسد


د. برهان غليون، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة باريس الثالثة، والبالغ من العمر 66 سنة، صعد في الفترة الأخيرة الى واجهة المشهد السوري، خصوصاً بعدما أعلن عن ترؤسه لـ”المجلس الانتقالي السوري”، والذي أعلن عن تشكيله في 29 من آب الماضي بمبادرة من شبكات تنسيق الثورة ضد الأسد. وهو يقول إنه أول من فوجئ بهذه “الرئاسة”. صحيفة “لوموند” الفرنسية (الأول من أيلول 2011) قابلته وهنا نص حوارها معه:

[ ما الدور الذي سوف يتولاه هذا المجلس؟

ـ بعد ستة أشهر من التضحيات، ضاق شباب الثورة، وعن حق، من عجز المعارضة الرسمية عن توحيد صفوفها. فوضعوا لائحة بـ94 اسماً، من دون استشارتنا، فيها الرئيس ونائب الرئيس إلخ، وأرسلوا الخبر الى قناة “الجزيرة”. بعض الأسماء في هذه اللائحة غير مقبولة، والتسمية نفسها فيها مشكلة، لأنها منسوخة عن النموذج الليبي. وينصب همي حالياً على تحويل هذه المبادرة الى نقطة انطلاق لجبهة معارضة موحدة حقيقية.

[ لماذا يصعب على المعارضة السورية توحيد صفوفها؟

ـ في داخل سوريا، المعارضة مقوّضة بسبب نقصها في التنظيم، والحذر المتبادل بين قادتها. إنه إرث الديكتاتورية الدموية التي دامت 48 سنة. لذلك، لجأت المعارضة في الخارج الى تنظيم المؤتمرات، مثل مؤتمر انطاليا واسطنبول. المشكلة أن القائم على هذه المبادرات هم الاخوان المسلمون؛ فهم وحدهم يملكون جهازاً منظّماً خارج سوريا. والنتيجة، أن المعارضة في الداخل، وهي ذات غالبية علمانية، تخشى من معارضة الخارج ذات الغالبية الإسلامية. جزء لا بأس به من السوريين في الداخل ما زالوا حذرين من الاخوان المسلمين، ويأخذون عليهم إشعال ثورة إسلامية على النمط الإيراني في نهاية السبعينات من القرن الماضي. والنظام تذرع بهذه الانتفاضة المسلحة آنذلك ليقضي على كل شكل من أشكال المعارضة السياسية.

[ ماذا عن الوقائع على الأرض؟ هل ما زالت البرجوازية الحلبية والدمشقية تدعم النظام؟

ـ دمشق ضاعت من أيدي النظام. رجال الأعمال فيها بدأوا يأخذون مسافة منه. وحتى الأقليات الدينية، مثل العلويين والدروز والمسيحيين، الذين يقلقهم تغيير النظام، بدأوا يفهمون أنه لم يعد من مصلحتهم الاصطفاف خلف مواقف بشار. دمشق سوف تشهد كل المراحل التي عرفتها مدن متوسطة مثل حماه وحمص انضمت الى الثورة؛ وذلك مهما كانت الطائفة أو الطبقة التي ينتمي اليها سكانها. أما حلب، فهي تتحرك، وإن بنسبة أقل.

[ ومع ذلك فقد بقي بشار على رأس السلطة حتى بعد انقضاء شهر رمضان…

ـ يوم الجمعة 26 آب أغلقت الشرطة الطريق على متظاهرين كانوا يتوجهون الى ساحة العباسيين، والتي يريدون تحويلها الى ساحة “تحرير سوريا”. وما ان اقتربت الشرطة من المتظاهرين، حتى أطلقت القوات الأمنية النار عليهم. ولكن بسبب هذا القمع الأعمى، العالم تخلّى عن بشار. حتى جامعة الدول العربية قررت الانصراف عنه.

[ صحيفة “الفيغارو” الفرنسية كشفت في 30 آب الماضي أن إيران نفسها بدأت تتصل بالمعارضة السورية….

ـ روسيا تراجع مواقفها، وإيران أيضاً، وإن كان بدرجات أقل. لقد فهموا أن بشار غير قادر على قيادة المرحلة الانتقالية لشدة ما هو منقطع عن واقع بلاده. علينا ايجاد وسيلة لتسريع الحركة هذه.

[ ما هو اثر سقوط معمر القذافي على الحركة الاحتجاجية السورية؟

ـ إنه أثر ايجابي وسلبي في آن. ايجابي، لأنه يبرهن عن تصميم المعارضين على مواصلة القتال، وسلبي، لأنه يوحي لبعض المعارضين بفكرة تبنّي النمط الليبي بإسقاط النظام. إذ يتساءل هذا البعض، بعد سقوط القذافي، عن جدوى التمسك بسلمية الوسائل، فيما الديكتاتورية في ليبيا سقطت بفضل السلاح… بعض الأصوات أيضاً يدعو الى تدخل عسكري غربي مباشر، وهذه الفكرة هي محض أوهام. أمام المجازر اليومية، يبحث الناس عن حلول حاسمة.

[ العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على النظام، هل كان لها أثر؟

ـ لا نرى أثراً حتى الآن. هذا يعني بأن المطلوب تشديد هذه العقوبات. يجب معاقبة كل أرباب الأعمال الذين يموّلون عمليات القمع، سيما أولئك المنتمين الى قبيلة الأسد

المستقبل

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى