خولة دنياصفحات مميزة

رسالة لمواطن سوري لديه هواجس من القادم

 


خولة دنيا

صديقي العزيز

نحن جميعاً لا نستطيع تصديق مايحصل، فمايحدث أكثر من إمكانياتنا على التصديق.

هناك إشكالات حقيقة تتعلق ببنية الدولة عندنا للأسف، وهو مايسبب هذه الأزمات التي نراها..

يعني أن يكون جهاز الأمن مطلق الصلاحيات في التعامل مع الناس ومع الجيش كذلك وبدون محاسبة هذا يعطيه صلاحيات واسعة لا رقيب عليها في التعامل مع الناس.

كذلك أن يكون هناك فرق خاصة في الجيش مطلقة اليد في المدن كذلك يعطي إمكانيات واسعة للخروقات التي لايحاسب عليها أحد..

في دمشق وهذا أستطيع الكلام عنه أكثر لأني هنا، رأينا أن من ينزل لقمع الناس هم الشرطة، الأمن، والجيش الخاص (أي فرقة المداهمة وقناصتها)، وبالتالي تضيع الطاسة فعلاً ولكن مع هذا استطاع الناس التمييز أن الشرطة لا تطلق النار وأحياناً حتى عناصر الأمن عندما تم توجيه أوامر بعدم إطلاق النار، ولكن الفرقة الخاصة أطلقت النار للأسف.

مثل هذه الأمور هي ماتعطي المجال للخلط وعدم التفريق وتزيد الغضب والرفض لمن يفترض أنهم حماة الناس والوطن.

بالنسبة لي فكرة أن تكون الدبابات في المدن والطائرات تقصف لوحدها تثير جنوني، فكيف يمكن أن تحارب دولة شعبها؟

واستغرب كيف لا يرفض الناس هذا الأمر ويثوروا ضده، فمايحدث اليوم في إحدى المدن قد يحدث غدا في مدينتك وبالتالي يجب أن نقف ضده.

كذلك يثير حفيظتي قول أحدهم أنني بخير ولا مشكلة لدي بأن يموت الآخرون فقط لأنهم من طائفة مختلفة (وهذا تراه كثيراً) فكيف يمكن أن أتعاطف مع الشعب المصري أو الليبي ولا أستطيع التعاطف مع ابن درعا مثلاً أو ابن جسر الشغور أو حمص؟ أليست مصلحتي مع هؤلاء؟ وأليس وطننا واحد، ومايحدث له يحدث لي؟ وإن كان هو بخير فأنا بخير؟ فالانتقام لا يفرق بين الجيد والسيء في حال حدوثه.. وعلينا أن نتعلم العيش سوية في ظل الوطن الواحد ولا حل آخر أمامنا، فلا نحن سنفنى ولا هم، والدماء تجر الدماء وفي النهاية الناس تجلس على الطاولة لتناقش أمور حياتها، وكيف تعيش بكل هدوء.

هذه الفترة تحتاج لكثير من العمل على أنفسنا قبل الآخرين، ويجب أن نسأل أنفسنا الأسئلة المهمة والأساسية:

– هل انا انتمي لهذا الوطن الذي اسمه سورية؟

– هل أعترف بوجود غيري ينتمي لنفس الوطن؟

– هل أنا على استعداد للعيش معه تحت سقف الوطن الواحد؟

– هل أنا على استعداد لتقديم التنازلات من قبلي وقبله كي نستطيع العيش تحت سقف الوطن؟

– هل اعترف بحق غيري في حصوله على حقوقه؟

– وهل أنا على استعداد للتضحية بقليل من امتيازاتي كي يحصل هو بالمقابل على بعض الامتيازات كي نستطيع العيش سوية؟

مثل هذه الأسئلة مهم في هذه المرحلة لأنه يكرس حالة قبول الآخر، وليس هناك داعي لأحبه أو أكرهه ولكن أن أعيش معه..

وهو ماتحققه دولة القانون والدولة المدنية، لأنها تحفظ حقوق الجميع ولا أحد فوق القانون أو المحاسبة. ونستطيع بذلك الالتقاء على جامع واحد هو الوطن تحت سقف القانون..

لاحظ أنه في الدول الأكثر تحضراً ترى الناس  جزراً معزولة في الأيام العادية، ولكن في أي قضية صغيرة أو كبيرة تمس حياتهم اليومية فهم يجتمعون، فالالتقاء يكون على الحقوق والواجبات، أما في الأمور الأخرى فليعش كل فرد كما يريد أو كل جماعة

أي علينا أن نحقق جدلية الحفاظ على الخصوصية في ظل القانون الواحد الذي لا يسيء فيه أحد للآخر..

للأسف لدينا من البلاوي التي تكرست خلال العقود السابقة ماندفع ثمنه اليوم.. ولا مجال سوى العمل على إزالتها..

هناك أناس متعنتين ويابسي الرأس لا يخضعهم سوى قانون لا يفرق بين شخص وآخر وهو مانعمل من أجله.. لا نريد امتيازات خاصة لأحد بعد اليوم، ولا نريد للآخر أن يشعر أن جماعة تحكمه وهو ماعمل النظام على إدراجنا ضمنه.. وكأننا ذات يمينه يدفع بنا في أتون معركة خاسرة وليست معركتنا أصلاً ولكنها معركة الحفاظ على المصالح الشخصية، التي لم ننال منها شيئاً ولن ننال..

التوعية مهمة اليوم والعمل على الناس ومخاوفهم وهواجسهم وتقبل الفكر الآخر وعدم رفضه هو الضامن لنا وليس حكم جماعة امتهنت المجتمع كما سخّرت الوطن لمصالحها….

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى