صفحات سوريةفلورنس غزلان

رسالة مفتوحة للمجتمعين في إستنبول

   فلورنس غزلان

    الائتلاف ..أثبت بالواقع العملي …على الأقل حتى الآن…أنه بعيد عن اسمه وعن امكانياته الأقل من متواضعة ، بل الباعثة على الشفقة لرخص مافيه من بعض النفوس، ومن قيمة الفكر وتداوله وكأنه بضاعة، وقيمة المواطن القابع تحت الموت اليومي ..تُرفع أسعاره وتنخفض حسب طلب المقاعد الموسومة بسمات أسلمة سوريا كما أسلموا المنطقة وتكالبوا وسرقوا ربيعها وحولوه لبساط لصلاة الغائب …أي الوطن..وما يهمهم منه هو الاستيلاء وقلب استبداد بشار الأسد باستبداد آخر…تُبذل جهود من الحريصين من أبنائه على تأسيس ديمقراطية ودولة مدنية تجمع تحت مظلتها كل مكونات الشعب السوري، وهذا الطرف بالذات هو مايضعه كثيرون منكم موضع شك واتهام!…وكأن الديمقراطية سُبة وشتيمة وعبء قادم على أكتاف الغرب من أمريكا حتى فرنسا، ويغفلون نداءات الثورة وصيحات شبابها الكادر الأول الذي ذُبح تحت كل المسميات ومُحي من الوجود وتم التخلص منه بكل الوسائل…كي لايرفع شعار الدولة المدنية الديمقراطية ويحث ويعمل على تثبيت دعائم الوحدة الوطنية السورية أرضاً وشعباً، ونرى بأم أعيننا تكالب الطفيلية الإسلامية على إعلام الفتنة وتمطيط شفاههم وغمزهم من هذه القناة وأهلها ومنح ذواتهم هالة الحرص والحبس الانفرادي والفردي لنظام يعرج قادم على دبابات البترو دولار…وكأن هذا الانحياز والإملاء لاينقص ولا يمس سيادتهم واستقلالية قرارهم! …فقط ترتفع عقيرتهم وتنفتح أشداقهم على اتساعها حين تُصروتَحرص الأطراف الديمقراطية المشرشة في الأرض والمُضحية قبل أن تعرف هذه الطفيليات طريقها إلى تربة سوريا…على فرض وجودها وقدرتها، ورحم الله أيام الخمسينات التي عرفت فيها سوريا ديمقراطية حقيقية من خلال وطنيين أحرار من كافة الأطياف السياسية والحزبية بما فيهم الاسلامية النظيفة آنذاك ممثلة بالمرحوم ” مصطفى السباعي”، لابجردة من يعتبرون أنفسهم وَرَثته ومافيهم منه سوى التَلبُس والالتباس …لهذا يستمر الإستعصاء…ويتوقف الارتقاء على الصغائر بضغط من نفوس الأيديولوجيا السياسية الخالية من الإسلام الحريص على الوطن والمواطن…والذي يريد أن ينقذ فعلاً ماتبقى من سوريا، وأن يخرجها من مصير محتوم ومعروف النتائج..وكلها لايصب في صالح أي طرف ..لأننا سنخسر الوطن..من يثير الدعايات المُشَككة ..بأن الدميقراطيين أعوان الأسد، يعني أنه يصب مياه الثورة في طاحونة النظام، أو في طواحين المخربين لكل ماتبقى باعتبارهم ورثة النظام..لأن عماهم وجشعهم السلطوي لايجعلهم يرون في أي رمال متحركة تسير عجلاتهم الصدئة…هذه الفئات ومايشبهها أو يتحالف معها بشكل ناشز …رغم التنافر الموجود فكرياً هو مدعاة للسخرية والتساؤل…لمصلحة من يقف إعلان دمشق إلى جانب الإسلاميين ويتنكر للديمقراطيين؟ ومالذي يربطه فكراً بهم ؟ أهو حلم السلطة ؟ أم طعم الكراسي وفوائدها المرتفعة في بورصة الداعمين؟؟

    مازال في وجداني الوطني بصيص من أمل ببعض الرؤوس ، التي تملك طاقة وحيوية كما تملك إرثاً وطنياً يمكنه أن ينقذ وينفذ بنا إلى برٍ فيه بعض السلام والأمان…لأن درب الدماء والأشواك والموت…لايمكن أن نتخلص منها بمجرد قبولنا جنيف 2 ، وحتى لو استطاعت القوى الكبرى الضغط على النظام ليتراجع عن بؤسه وحرصه على تدمير سوريا وحرقها كي يبقى الأسد، لأن بقاء الأسد هو بقاء النفوذ الفارسي وتمدده وتثبيت مكانته وخارطته، التي يحلم ببسطها على المنطقة بمساعدة أذرعه الضاربة، التي أوجدها ودربها تحت أبصارنا وعيوننا ، ومنحها أوسمة ” المقاومة والممانعة ” وماهي إلا أداة ايرانية وشجرة لبلاب تتعربش وتعرش فوق نوافذ حريتكم وتمنع عن بيوتكم وأولادكم تنفس الهواء الحر والديمقراطي…مع أنها ترتدي عباءة الحسين وأحفاد الرسول!، لهذا يضغط بشار الأسد وحزب الله بشدة ليحقق انتصارات على الأرض يساوم بها …ويفرض أجندات إيران ويحرر نوويها من الضغط العالمي لتصبح القوة الأولى المنافسة لإسرائيل في المنطقة، وخاصة أن كل الدول العربية ، التي كان يمكنها أن تقف يوماً بوجه مخططها ذهبت قواها أدراج الريح الداخلية ، التي أوجدتها القوى العظمى من أجل مصلحة إسرائيل وسلامها وأمنها، وإيران من أجل تمدد نفوذها وتحقيق حلمها ببلاد فارس الكبرى، كي تبعدها عن الساحة وتضعفها وتجعلها غارقة في هموم ومشاكل لاتستطيع تخطيها، مصر والأخوان المسلمين مثالا حياً، سبقها انهيار العراق وارتباطه حتى الأذنين مع سلطة الفقيه …وغرقه بحرب أهلية لم تتوقف نيرانها…وموقف سلطته واضحة للعيان لامجال للخلط بها…وسوريا منذ تسلمها آل الأسد وهي تُعبأ وتُشحن وتتمركز سيادتها بأيدي إيرانية…وإن لم تكن إيران فلتستبدل بسلفية وهابية تلغيها من ساحة الصراع وتلهيها بحرب ستدوم سنيناً عجافاً …وإن لم تستطع بلاد فارس تحقيق حلمها الإمبراطوري …فيمكنها أن تلهب المنطقة برمتها وتفتت كياناتها الهشة أساساً…فهل من يعتبر ويرى ويبصر بضميره قبل عيونه؟…نحن دعاة حياة لا موت، دعاة سلام لا حرب…دعاة حق لاباطل…أصحاب ثورة لشعب سوري واحد …لايمكن أن يجزئه ويخربه إلا حين تُشترى ضمائر من نتصورهم منا وفينا…نعول على الديمقراطيين منكم …فقد خذلنا الائتلاف ومن قبله المجلس أكثر من مرة…هذه فرصتكم الأخيرة لتحملوا مسؤولية الوطن وهمه…فإن لم توفقوا ….ولم تفلحوا…تقاعدوا واتركوا الدفة …لأن السفينة غارقة حتى نصفها الآن …ولا خلاص إلا بتوافقكم ، فكيف يخطر ببال أحدكم أن وجه سوريا القادم يمكنه أن يكون كوجه مرسي وأخوانه؟!.

    ــ باريس 27/5/2013 ــ مضى على اعتقال تغريد 41 يوماً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى