صفحات سوريةوهيب أيوب

رصاصةٌ واحِدة


وهيب أيوب

 هل تكفي كلمة عار، همجية، بربرية، سفّاحون، مجرمون، قتَلَة، أوباش ….؟

ما أحنّ هذه اللغة ومفرداتها الركيكة على أولئك الطغاة الحثالة؟ أولئك المنشقّون عن إنسانيتهم وعقلانيتهم، الخارجون على كل الأوصاف واللغات والمفردات، الساقطون الغارقون في أدنى درجات التوحّش غير الإنسانية، المنفلتون كالضباع الضارية ينهشون لحم الأطفال والنساء والشيوخ والرجال.

على مَن انتصرت أيها الجيش؟ ولِمن ترفع شارات النصر؟ وعلى جثث وأشلاء مَن تقِف؟ وأي غزوات ومعارك تلك التي أفلحت فيها وفغرت فاهك مُبتسماً..؟

على درعا والزبداني وحماه وحمص وبابا عمرو وكرم الزيتون والخالدية وإدلب وجسر الشغور، وكل مدينة وقرية وطأتها أقدام جيشك المغولي في المحافظات السورية….؟!

قُل لي أيها الجيش العظيم؛ من علّمك؟ مَن درّبك؟ مَن ربّاك؟ من سقاك؟ من كساك؟ من أطعمَك؟ من أدلجك؟ من ذا الذي جعلكَ على هذي الصورة من العُهر والقتامة؟ مَن قبّح وجهك وأهلك قلبك ثمّ وضع السلاح بين يديك حتى وصلت إلى هذا الدرك من الجريمة والسفالة؟ قل لي، من أوجز واختصر واختزل فيك كل تلك الأحقاد والساديّة على شعبك…؟! إن صحّ بعد اليوم القول إّه شعبك.

مَن كان يتخيّل، أن جيشاً وطنيا، يقوم بغزو مدنه وقراه، يقتل وينكّل ويعذّب ويغتصب، ويدمّر ويُهجِّر، ثم يقوم بسرقة ونهب ممتلكات أبناء شعبه، ويأخذها غنائم حرب…؟

مَن كان يُدرِك، أن جيش المقاومة والممانعة؛ يقوم بنشر فرقه ودباباته ومدرعاته وصواريخه وطائراته في أرجاء الوطن ليخضع شعبها ويحتلها وكأنه في غزوة من الفتوحات، وهو في كامل الاطمئنان لعدوّه المُفترض إسرائيل، التي تحتل جزءاً من أرضه، ويدّعي أنها تتربصّ به…؟!

لا أدري ماذا الذي ينبغي علينا قوله، نحن هنا في الجولان المحتل، أنحتفل بعامٍ على مرور الثورة السورية، أم بـ 45 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي..؟!

هل تصورتم أن يأتي يوم، يترحّم فيه على شعبنا رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق، والذي وظيفته القتل والتصفية!؟ أن يرثي حال شعبنا ويُبدي تعاطفاً مع الذين يُقتلون ويُعذبون ويُهجّرون على أيدي “جيشنا”…؟ إنّه بالتأكيد يتندّر بنا ويتهكّم علينا!

لقد أعطى الجيش الأسدي لجيش العدو هذا، شهادة بالأخلاق لم يكن ليحلم بها ولا يتخيلها، وساهم بإضعاف وتفريغ مشاعر العداء تجاه إسرائيل قياساً بوحشيته وجرائمه تجاه شعبه وليس أعدائه!

لقد قتل الجيش الأسدي في عامٍ واحد من شعبه مئات أضعاف ما قتله من جنود العدو منذ احتلاله فلسطين حتى اليوم. واعتقل ونكّل في العام المنصرم فقط، أضعافا مضاعفة لما اعتقله الإسرائيليون من سوريين وفلسطينيين منذ الاحتلال، وهجّر من السوريين خارِج بلدهم منذ انقلاب حافظ الأسد عام 70 حتى اليوم، ما يفوق ما هجّره الإسرائيليون من فلسطينيين وسوريين. وقتل من المعتقلين تحت التعذيب في عام واحد أضعاف مضاعفة ما قتله الإسرائيليون منذ عام الـ 48 وحتى هذا الحين. وارتكب مِن مجازر بحق الشعب السوري في عام واحد، ما فاق مجمل مجازر العصابات الصهيونية والدولة العبرية منذ إقامتها حتى اليوم.

مجموعة خدمات قدّمها هذا النظام الفاشي لإسرائيل لا تُقدّر بثمن، ناهيكَ عن حراسة حدودها الشمالية في الجولان المحتل لعدة عقود. ولو أنّ الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، وصل إلى الحكم في سوريا، لما استطاع تقديم تلك الخدمات الجليلة لدولته إسرائيل!

مرّت سنة كاملة على اعتقالكم وتعذيبكم وسحب أظافركم يا أطفال درعا؛ فماذا نقول لكم..؟ وماذا نقول، لكل أطفال سوريا وثورتها، لشهدائها، لنسائها، لرجالها، لشيوخها، لشبابها، لمُعتقليها، ولمهجّريها؟

يا أشرف النساء والرجال، ماذا ستُجدي كلماتنا الضعيفة الهزيلة!؟ لا نجِد الكلمات ولا تُسعفنا كل لغات العالم لتشرّف وتصِف بطولاتكم وصمودكم وتضحياتكم وجراحكم وعذاباتكم… فكلّ الكلام لا يليق بعلو هاماتكم وجباهكم، ولن يصل أقصاه إلى نعالكم.

ماذا عسانا أنهديكم في ميلادكم الأول، هل نهديكم قصيدة شعر، أغنية وطنية، أهزوجة حماسية، أم مسيرة أو بيان خطابة، أو لافتات كتبت عليها عبارات الشجب والاستنكار..؟

آه، لو نستطيع استبدال كل حروفنا ودموعنا وآهاتنا وآلامنا وحسرتنا عليكم، ببندقيةٍ واحدة فيها رصاصة واحدة، تنطلق لتستقرّ بقلبِ، ولو شبّيح واحد.

الجولان السوري المحتل/ مجدل شمس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى