صفحات العالم

روسيا وإيران الإسلامية… ونظام الأسد


سركيس نعوم

حلفاء نظام الاسد في لبنان يؤكدون ان حليفه الاستراتيجي الجمهورية الاسلامية الايرانية لن يتخلى عنه رغم الصعوبات المتصاعدة التي تواجهه في الداخل، ورغم الضغوط التي تُمارس عليه من خارج من أجل ازاحة غطائه عنه ووقف دعمه له الذي ترافقه احياناً كثيرة اغراءات.

والحلفاء انفسهم لنظام الاسد يؤكدون امراً ثانياً هو ان روسيا، الدولة الكبرى الساعية الى استعادة صفة الدولة العظمى بحرب باردة مع الولايات المتحدة، ستستمر في دعم هذا النظام سياسياً في مجلس الامن وفي كل المحافل السياسية الدولية والاقليمية وعسكرياً من خلال تزويده ما يحتاج اليه من اسلحة للصمود وليس لتشكيل اي خطر جدي على اسرائيل. ويلفتون الى ان دوافع موقفها هذا ليست استراتيجية التحالف مع سوريا النظام، التي كانت قائمة ايام الاتحاد السوفياتي السابق، بل ادراكها ان الشرق الأوسط الحالي بانفجاراته ومشكلاته المتنوعة يثير اهتمام العالم وقلقه، وانه المنطقة التي تستطيع استغلالها لتحصيل الكثير من المكاسب من اميركا سواء بالتفاوض او بالمواجهة غير المباشرة.

هل التأكيدات المفصّلة اعلاه في محلها؟

يجيب متابعون اميركيون لسياسات بلادهم حيال المنطقة ولتطور علاقاتها مع روسيا بالقول ان هناك امرين يزعجان القيادة السياسية العليا في روسيا. اولهما، تزايد دور تركيا في المنطقة العربية والدول الاسلامية التي كانت وعلى مدى عقود عدة جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق. وما يضاعف من خطورة الدور المذكور هو ان تركيا الحالية محكومة من حزب اسلامي معتدل ومؤمن بالديموقراطية، وقد صارت انموذجاً لدول عدة في المنطقة ولمناطق اسلامية تتمتع بحكم ذاتي داخل الدولة الروسية. علماً انه كان من زمان خطراً على موسكو الشيوعية اولاً ثم “الديموقراطية” جراء عضوية تركيا في حلف شمال الاطلسي، وحلفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، واعتبارها نفسها كما اعتبار كثيرين في اوروبا اياها جزءاً فعلياً من اوروبا. أما الامر الثاني فهو شعور روسيا بالاستياء الكبير من اميركا بسبب اعتزامها نشر الدرع الصاروخية في عدد من الدول الاوروبية المحاذية لها جغرافياً والتي كانت خاضعة لها وكذلك في تركيا. وسبب الاستياء شعورها بالخوف والاستهداف في آن واحد، وربما بوجود خطة لعزلها وإضعافها وتالياً احتوائها. وهي لا تصدّق الحجة الاميركية عن هذا الموضوع التي تؤكد ان الهدف هو الحماية من “عدوانية” ايران بعدما صارت تمتلك كل انواع الاسلحة التقليدية المعقدة والخطيرة.

وبسبب الامرين المذكورين اعلاه فضلاً عن قضايا اخرى دخلت روسيا على خط أزمة نظام

سوريا مع شعبها وازمته مع العالم العربي والاسلامي والعالم الاوسع، ولكن ليس من أجل الحرب والانتصار بل من اجل التوصل الى صفقة او تفاهم يحمي مصالحها ويبقي دورها الفاعل على الصعيد الدولي. وهذا امر تعرفه اميركا لكنها تتجاهله على ما يبدو حتى الآن على الأقل. لكن روسيا مصرة عليه ولا بد ان يتحقق في يوم ما. وأحد ابرز شروط تحقيقه ان يكون الاتفاق الروسي – الاميركي شاملاً كل قضايا الخلاف الاساسية.

ماذا عن ايران الاسلامية وسوريا؟

تجيب عن ذلك مصادر لبنانية وعربية واسلامية مطلعة بالقول ان ايران هذه حاولت بعد بداية الاحتجاجات (الثورة لاحقاً) في سوريا توسيط “حزب الله” اللبناني و”حماس” الفلسطينية بين نظام الاسد والثوار بغية ايجاد حل ثابت ونهائي قبل استفحال الاوضاع. لكن قيادة النظام رفضت لأنها كانت مؤمنة بسيطرتها على الوضع وبديمومة هذه السيطرة. وتجيب بالقول ايضاً ان محاولة ثانية مشابهة جرت بعد اشهر قد تكون اربعة قام بها “حزب الله” مع “حماس” بغية التفاهم على المستقبل في حال اصيب النظام القائم بسوء، وذلك بسبب علاقتها الجيدة بجهات نافذة في الثورة السورية. لكن كان له شرط هو ان يبقى له وفي ظل اي وضع جديد ينشأ في سوريا الموقع نفسه والامتيازات والضمانات نفسها (ممر سلاح الى لبنان، تدريب ورعاية وحماية…). ولم تنجح المحاولة الثانية لان “حماس” لم تكن تستطيع الوفاء بهذا الشرط لأسباب عدة قد يكون اهمها عدم معرفتها متى تنتهي حوادث سوريا وبأي طريقة ومن سيحكمها وماذا سيكون برنامجه. فضلاً عن أن “حماس” ليست جاهزة لادارة ظهرها للشعب السوري الذي حماها وآواها ودعمها.

هل يعني ذلك ان ايران قد تكون مستعدة للتخلي عن نظام الاسد في الحال المذكورة اعلاه؟

ليس هناك جواب جازم عن هذا السؤال والمعلومات التي اثارته. لكن “حزب الله” هو حليفها الاول في لبنان وصانع مجدها في المنطقة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى