صفحات الحوار

رياض حجاب: الموقف الأميركي عاجز… وحلب تتعرض لإبادة

 

 

نيويورك – راغدة درغام

أكد المنسق العام لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» السورية المعارضة رياض حجاب التمسك الكامل بتطبيق قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف بما يطلق عملية انتقالية «لا يكون فيها دور لبشار الأسد وكل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري»، معتبراً أن الحل في سورية «لا يمكن أن يكون بوجود هذا المجرم»، حتى لو قال المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا غير ذلك «فهو سيكون مخطئاً».

ووصف حجاب في لقاء على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الموقف الأميركي حيال الأزمة السورية بأنه «عاجز ومتردد» وأن كل ما تفعله الإدارة الأميركية هو «مهادنة الروس والإيرانيين ومحاولة احتوائهم على حساب الشعب السوري وتطلعاته».

وقال إنه لم يطلب لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال وجوده في نيويورك بسبب «عدم رضى» المعارضة على غياب المواقف الأميركية الحازمة دعماً لحقوق الشعب السوري.

وأضاف أن روسيا وإيران تروجان لمسألة فصل جبهة النصرة عن المعارضة وجعلها قضية مركزية في الأزمة السورية من أجل أن «تغطي على جرائمها بحق الشعب السوري».

لكنه أشار إلى أن على جبهة النصرة أن تتخذ المزيد من الخطوات «لتكون تحت سقف المشروع الوطني السوري».

وقال إن العملية السياسية في سورية «متوقفة منذ نهاية نيسان (أبريل) وما يجري الآن جعلها من دون أي قيمة أو جدوى» وهو ما يتطلب موقفاً عسكرياً على الأرض.

وأكد حجاب أن التوقعات للأزمة السورية أنها لن تطول لأنها «لم تعد تعني السوريين فقط، بل تؤثر على المنطقة وأوروبا والعالم، وما تسببه من استنفار أمني عالمي، وتدفق للاجئين» وانتشار خطر الإرهاب خارج سورية.

وهنا نص الحوار:

* سأبدأ من المعاملة التي تلقيتموها هنا في الأمم المتحدة، تقريباً كانت رئاسية. اجتمعتم مع رؤساء ووزراء وسواهم، هل هذا اعتراف بكم أم أنه تعويض لكم عما يحدث ميدانياً؟

– أولاً، نعم كانت لنا لقاءات مهمة جداً، وكل اللقاءات كانت ذات أهمية، من الأمين العام للأمم المتحدة ومساعديه، إلى لقاءات رؤساء ووزراء خارجية. هو ليس تعويضا وإنما اعتراف بدور المعارضة السورية التي تمثل تطلعات الشعب السوري العادلة نحو الانعتاق من الديكتاتورية العسكرية.

* ماذا تلقيتم من مواقف ملموسة؟

– تلقينا من الأصدقاء والأشقاء مواقف دعم كبيرة ولكنها تحتاج إلى ترجمة على الأرض ليكون هناك فعل نستطيع أن نجابه به هذه الهجمة الشرسة من النظام وحلفائه.لذلك، تحدثت اليوم بكلام واضح مع الأمين العام للأمم المتحدة، صحيح هو لا يستطيع ضمن صلاحياته أن يتخذ قرارات منفرداً وإنما القرارات هي للدول الدائمة العضوية وأعضاء مجلس الأمن الدولي، ولكن بإمكانه من خلال واجبه كأمين عام للأمم المتحدة أن يتحدث بكل وضوح وصراحة عما يجري في سورية، ويضع النقاط على الحروف.

* إذاً أشعر أنكم انتقدتموه ضمناً لأنه لا يتحدث عن المحاسبة؟ أم لماذا؟

– الحقيقة هو تحدث عن المحاسبة، ومن يومين في الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها بان كي مون بشكل واضح وجريء وصريح بأنه لا يمكن ربط مصير الوطن بشخص.  ويجب أن لا يمر ما يحصل في سورية من انتهاكات وجرائم من دون محاسبة. وأنا أكدت لبان كي مون على مسألة عدم الإفلات من العقاب وأهمية تطبيق العدالة ومحاسبة من يرتكب جرائم بحق الشعب السوري.

* أنتم المتهمون بأنكم تتمسكون بشرط، أعرب عنه دي ميستورا، توجه فيه إليكم وإلى النظام في دمشق، ليقول راجعوا مواقفكم لأنها أصبحت تعطيلية. وأنا أتحدث بالذات عن بشار الأسد.

– نحن لا نطالب ونضع مواقف تعطيلية بل على العكس، نطالب بتطبيق القرارات الأممية. بيان جنيف، والقرارات ٢٢٥٤ و٢١١٨ و٢٦٢:٦٧ الصادر عن الجمعية العامة التي وافقت عليه ١٣٧ دولة، كلها تتحدث عن تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية، وأنه لا دور لبشار الأسد ومن ارتكب جرائم بحق الشعب السوري. ولكن ما يتحدث عنه لافروف أو آخرون عن أنها مواقف تعطيلية، هي ليست مواقف تعطيلية. لا يمكن أن يكون حل في سورية بوجود هذا المجرم.

* هذا ما قاله دي ميستورا وليس لافروف.

– حتى إذا قاله دي ميستورا، أنا أقول له أنت خاطئ. لا يجوز هذا الكلام. ما من شيء اسمه انتقال سياسي بوجود بشار الأسد والقتلة الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري.

* ميدانياً، لستم مدعومين بطريقة تجعلكم تفرضون شروطاً حتى من جانب أصدقائكم، أنتم غير قادرين على الاستئصال.

– في كل الأحوال، نحن نعتمد على إيماننا، وعلى إرادة شعبنا وعزيمته في الاستمرار بالنضال، حتى تتحقق أهداف الثورة وتطلعات الشعب السوري التي ستدخل عامها السادس بعد فترة قصيرة، ولن تتوقف هذه الثورة، ولن تهن وتلين عزيمة الشعب السوري حتى تحقيق أهدافها. وفي المحصلة، ما يحصل الآن في سورية سيجبر الجميع.

* في ضوء ما حدث الآن في العلاقة الروسية الأميركية في الاجتماعات التي حدثت في مجلس الأمن وكلام كيري إلى لافروف، ثم في اجتماع مجموعة الدعم الدولية، هل هناك نقلة نوعية في الموقف الأميركي أم أنها «فشة خلق» وستعود الأمور إلى ما كانت عليه؟

– للأسف الشديد، ليس هناك أي تغير في الموقف الأميركي. الموقف الأميركي عاجز ومتردد وليس له أي حزم باتجاه وضع حد لهذه المأساة السورية. تصريحات صحافية كنا نسمعها من السيد أوباما، حتى في خطابه في الجمعية العامة هذا العام، لم نسمع كلمة واحدة عن سورية، وهو أمر مؤسف ويدل على عجز هذه الإدارة عن فعل أي شيء. ما تفعله هذه الإدارة هو مهادنة الروس، ومحاولة احتوائهم هم والإيرانيين على حساب الشعب السوري ومأساة تطلعاته.

* أنت ذاهب إلى واشنطن، أليس كذلك؟

– نعم.

* أظنك ستجتمع مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس؟

– ممكن.

* هل ستتكلم معها بهذه الصراحة، وبالذات في موضوع إيران؟ إذ أنكم لا تتحدثون في موضوع الميليشيات التي تديرها إيران في سورية. وزير الخارجية الإيراني قال لي في اجتماع «مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك، قال أن جلب الميليشيات حق سيادي للحكومة السورية. أين أنتم من هذا الطرح، وكيف ستطرحونه مع واشنطن وأثناء لقائك مع رايس؟

– أولاً هذه الحكومة فاقدة للشرعية والسيادة والقرار المستقل، وبالتالي كلام ظريف غير صحيح. هذه ميليشيات عابرة للحدود وإرهابية ومرتزقة، تقتل الشعب السوري وتمارس كل الإجرام في سورية ونحن نتحدث في هذا الموضوع في كل مناسبة.

* ماذا تطلبون من الأميركيين؟

– إذا قابلت رايس سأتحدث معها في هذا الموضوع ولن أجاملها. وتحدثت مع كيري في هذا الموضوع بكل صراحة، وحتى لو قابلت أي مسؤول أميركي سأتحدث في هذا الموضوع ولن أغير فيه شيئاً أو أجاملهم. هذه حقوق شعبنا.

* قبل أن أدخل في تفاصيل حديثك مع كيري. لنقل أنها حكومة شرعية من دون أي تساؤلات أو تشكيك. هل من حق الحكومة أن تستورد ميليشيات إلى بلادها بموجب القانون الدولي؟ لأن هذا ما يقوله ظريف. حتى لو كان رأيكم فرضاً أنها حكومة شرعية. هل من حق أي حكومة شرعية أن تطلب من ميليشيات عابرة للحدود أن تأتي إلى بلادها؟

– أولاً، هذه الحكومة غير شرعية. وأي حكومة تستجلب ميليشيات قتلة وإرهابية لقتل شعبها لن تكون حكومة شرعية، بل حكومة قتلة مثل الميليشيات، وتستحق المحاسبة على استجلاب هذه الميليشيات وعلى الجرائم التي ارتكبوها.

* هل كان لقاؤك مع كيري عاصفاً؟

– لم ألتق كيري في هذه الزيارة.

* قلت إنك قلت له هذا الكلام؟

– نعم، في لقاءات كثيرة سابقة.

* لماذا لم تلتق به خلال زيارتك نيويورك؟

– لم أطلب لقاءه لأني أشعر أنه ما من جديد يمكن الأميركيين أن يقدموه.

*  كيف؟ هم يفترض بهم أنهم حلفاء لكم؟

– نعم هم أصدقاء وحلفاء ولكن للأسف الشديد، نحن غير راضين عما يحصل، لأنه ليس هناك حزم ولا إرادة باتجاه إحقاق الحقوق للشعب السوري.

* أنت تعتقد أن ما حدث في مجلس الأمن من صخب في جلسة الأربعاء كان تمثيلية قام بها الوزير كيري؟

– لا يهمني ما يقال، بل يهمني الفعل. لماذا لم يتخذ المجلس قراراً تجاه ما حصل؟ بالحد الأدنى تجاه القافلة الأممية وموظفي الأمم المتحدة؟ تجاه من قصف هذه القافلة الإنسانية. أو من قتل هؤلاء الموظفين. بغض النظر عن موضوع الشعب السوري، على الأقل على مجلس الأمن والأمم المتحدة أن يحترموا أنفسهم.

* هل طلبت لقاء مع لافروف؟ أو هل تلقيت مثل هذا الطلب؟

– هذا الحديث يوجه لنا كثيراً لعقد لقاء مع الروس، ولكن على ماذا نلتقي مع الروس؟ لا يمكن أن نلتقي مع الروس وهم يمارسون القتل اليومي بحق الشعب السوري. يعني الأمر ليس عندنا. نحن نتعامل مع الموضوع بكل مرونة وواقعية، بل عندهم، عند الروس. كل ما يفعلونه أنهم يقتلون الشعب السوري من أجل شخص مجرم.

* هم يقولون إن النصرة باتت المفصل في هذه المرحلة. أشعر معك بإحباطك، خصوصاً أن الموضوع السوري ككل تحول يوماً إلى داعش، ويوماً آخر إلى موضوع النصرة.

– الروس يدفعون بهذه الجدلية مع الإيرانيين وأن ما يحصل في سورية هو (مرتبط بـ) النصرة. نحن لا نقبل بكل من يحمل أجندات خارجية، سواء كان تنظيم قاعدة أو داعش أو حتى التنظيمات الإرهابية الشيعية التي جلبتها إيران وهذا النظام المجرم، وحتى المرتزقة وكل القوى الأجنبية الموجودة على الأرض السورية. عند الحديث عن تنظيم القاعدة يجب الحديث عن التنظيمات الشيعية المتطرفة. ولكن السؤال هو هل روسيا منذ أن تدخلت، وتقتل الشعب السوري من سنة، هل قاتلت هذه التنظيمات المتطرفة؟ هي تقتل الجيش الحر والمدنيين الآمنين، وتدمر المستشفيات والمساجد والأسواق ودور العبادة، هذا ما تقوم به روسيا. هي تدفع في هذا الموضوع من أجل أن تغطي على قتلها للشعب السوري.

* نشعر أن المحور الذي يضم روسيا والنظام السوري وإيران والميليشيات، يبدو أن شيئاً ما يحدث في إدلب. ما معنى ما حدث في داريا وحي الوعر، ونقل المسلحين إلى إدلب.

– ما حصل في داريا، ويحصل الآن في حي الوعر، وما يفعله النظام في المعضمية ومضايا والزبداني هو تهجير قسري وتغيير ديموغرافي وهذه انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وهو إجرام بكل معنى الكلمة من تهجير الأهالي من هذه المناطق إلى مناطق أخرى، والعالم للأسف يتفرج ويغطي ذلك إعلامياً من دون أن يفعل أي شيء.

* نسمع بتعابير قندهار، وغروزني…

– ما يحصل في سورية هو أسوأ ما حصل في أي منطقة في العالم، حتى أسوأ من الحرب العالمية الثانية.

* ماذا ستفعلون؟ ما هو الخيار؟

ـ خيارنا هو المتابعة.

* عبر من؟

– بتصميم شعبنا وإرادته وتضحيات ثوارنا سنستمر. لن نتوقف إلى أن تحقق الثورة أهدافها ولن نتراجع.

* دعني أعود إلى موضوع النصرة. حركة نورالدين الزنكي قررت الانضمام إلى جيش الفتح، هل هذا يخدمكم أم يؤذيكم؟

– انضمام نورالدين الزنكي إلى جيش الفتح لا يعني أنها انضمت إلى فتح الشام، لأن جيش الفتح فيه الكثير من الفصائل المعتدلة والإسلامية، وفيه فتح الشام. وهنا نسأل المجتمع الدولي إلى أين أنتم تريدون أن تصلوا بالمجتمع السوري والشعب السوري.

* أرجوك ساعدني لأفهم موضوع النصرة. ماذا ستفعلون؟ أنتم مطالبون باتخاذ مواقف واضحة في موضوع النصرة، إن اعتبرت هذه المطالب تعجيزية أم غير تعجيزية، ماذا ستفعلون؟

– نحن موقفنا من موضوع النصرة واضح، وموقفنا من موضوع الإرهاب واضح. نحن ضد كل الأجندات الخارجية والفكر التكفيري والمنظمات الإرهابية. ولا نقبل بوجودها.

* هل النصرة منهم؟

ـ النصرة اتخذت خطوة وانفكت عن تنظيم القاعدة، ونحن نقول إن هذه الخطوة لا تكفي، بل بحاجة إلى خطوات عدة متتابعة حتى يكون هذا الفصيل في المشروع الوطني.

* من عليه القيام بهذه الخطوات؟

– هذا الفصيل. وقادة هذا الفصيل ومن ينتمي إليه. على هذا الفصيل أن يقوم بخطوات عدة أخرى ليكون تحت سقف المشروع الوطني السوري، وفق تطلعت شعبنا وأهداف ثورتنا.

* ماذا يطلب منكم أنتم بالذات أن تفعلوا في هذا الإطار.

– نعمل على مستويات عدة وأهمها نزع التطرف وإبعاد الشباب عن هذه المجموعات التي غرر بهم للانضمام إليها. ولكن على المجتمع الدولي أن يعرف أن الظلم والقهر والعنف يولد عنفاً وتطرفاً.

* هل ترى أن هناك توجهاً من الفصائل المعتدلة لاختيار الانتماء إلى الفصائل الجهادية لأنه لا خيار آخر امامها؟

– لا، نتمنى أن لا يكون هذا هو الخيار. وألا نصل إليه أبداً.

* ماذا تعتقد أن في إمكانكم أن تفعلوا تلبية للمطالب الدولية، وهي أميركية وروسية، في موضوع النصرة.

– هذا موضوع معقد، ويحتاج إلى عمل على الأرض. هو عمل ليس كما يتحدث لافروف وغيره بأن على الفصائل أن تبتعد. هذا يحتاج إلى عمل وجهود على الأرض، وإلى وقت.

* إذاً ستطول المأساة والأزمة مع ابتعاد احتمال التفاوض أكثر فأكثر؟

– هم يعرفون تماماً. روسيا ليست جادة في محاربة الإرهاب ولا تريد محاربته، بل تريد أن تكرس الإرهاب في سورية لتقول إنه لا خيار سوى بشار الأسد أو الإرهاب.

* إذاً، تحول الفصائل المعتدلة إلى تلك الفصائل يخدم تلك المقولة.

– لن تتحول هذه الفصائل إلى تنظيمات إرهابية ومتشددة. هذا الانضمام الآن لا يعني أنهم انضموا مع هذا الفصيل أو اندمجوا به بل هو تكتيك عسكري على الأرض.

* هل هناك خطة باء لديكم؟ وإن كانت موجودة، هل تركيا هي مدخلها الحصري؟ ما هي الخطة باء؟

– ما المقصود؟

* أنه إزاء فشل العملية الأميركية – الروسية، لأن مطالبها تعجيزية ولا بد من الجلوس معاً، خصوصاً مع تركيا، للبحث في خيارات أخرى.

– نعم، لأنه في ضوء ما يحصل حتى بالنسبة إلى خيار العملية السياسية برمتها، وهي متوقفة الآن منذ نهاية نيسان إلى الآن، وهناك أسئلة كثيرة حول موضوع العملية السياسية. وما يحصل الآن جعل العملية السياسية من دون أي قيمة وأي جدوى نتيجة ما يحصل. لذلك لا بد فعلاً من تعزيز المواقف على الأرض.

* من سيساعدكم؟

– نرجو من أصدقائنا وأشقائنا زيادة الدعم للتصدي لهذه الهجمة.

* هل هم قادرون؟

-نعم، ونحن قادرون على أن نغير المعادلة على الأرض.

* هل هم قادرون إن كانت الولايات المتحدة لا توافق؟

– الولايات المتحدة لا تفعل شيئاً في مجلس الأمن، ولا للعملية السياسية، وتعمل على إيقاف دعمنا. فماذا تريد الولايات المتحدة؟ هي الآن على المحك أمام كل أصدقائها وحلفائها في المنطقة تجاه ما يحصل للشعب السوري.

* تركيا، هل تملك تركيا جميع المفاتيح والأدوات سواء كانت البشرية، للأسف، المغادرة إلى أوروبا، أو كانت التسلحية عبر الممرات إلى سورية. هل تركيا هي الفيصل في هذا الموضوع؟

– تركيا تحتضن الشعب السوري. تحتضن ٣ ملايين من الشعب السوري ودعمت الثورة ولم يتغير موقفها تجاه دعم ثورتنا ومطالب شعبنا ونتأمل ونتمنى من الدول الداعمة للشعب السوري أن تزيد من دعمها.

* أنت تعرف أكثر مني أن أولويات تركيا تختلف عن أولوياتكم. لها أولوية محاربة الأكراد ومحاربة داعش، وهذه ليست أولويتكم.

– هي لا تحارب الأكراد، بل تنظيم حزب العمال الكردستانيوهو تنظيم إرهابي، ولكن تركيا بمساعدتها لنا، هي تساعدنا في قتال داعش في الشمال. أما موضوع حربها مع حزب العمالفهذا موضوع منفصل تماماً. نحن في درع الفرات نقاتل داعش، وطردناه من جرابلس، ونطرده من مناطق أخرى، والآن هناك عمليات باتجاه منطقة الباب.

* إذاً، هل أصبحت هذه هي الأولوية بالنسبة إلى المعارضة السورية؟ أن تحاربوا داعش وتطردوه؟

– نعم، لأن داعش هو أداة من أدوات النظام. داعش يقتلنا ويقتل الشعب السوري ويجب استئصال داعش.

* لكن مع استئصال داعش، هل لديكم ضمانات بأنه لن يأتي النظام ويأخذ تلك المناطق التي قد تحرروها من داعش؟

– نحن في سباق من أجل السيطرة على هذه المناطق لكي لا يأخذها النظام. وفي مرحلة ما سنصطدم مع النظام في حال تقدمنا في اتجاه المزيد من تحرير الأراضي من داعش إن شاء الله.

* تحدثت عن تطور جديد في الساحة السورية. كيف ترى إمكان الخروج من الوضع الراهن. عملياً وفعلياً، كيف تتصور ما سيحدث من الآن إلى ٣ أشهر، و٦ أشهر وسنة. ماذا سيحدث في سورية؟

– المسألة السورية لم تعد تعني السوريين فقط بل تؤثر على المنطقة وعلى أوروبا والعالم. هناك تهديد للأمن العالمي واستنفار أمني عالمي في كل الدول، ونلاحظ خلال وجودنا هنا في نيويورك الاستنفار الأمني الهائل. نتيجة لما يحصل في سورية، لا بد من وضع حد لذلك إذا كان العالم يريد الاستقرار ويوقف التهديد الأمني، وتدفق اللاجئين. لا يمكن أن يتوقف ذلك ويتوقف ذلك التهديد إلا بالخلاص ممن أنتج ذلك الإرهاب. للخلاص من هذا الإرهاب والتهديد الأمني. هل روسيا ستقاتل إلى ما لا نهاية في سورية؟ هل ستقتل كل الشعب السوري؟ هذا الأمر يحتاج إلى نهاية، والعالم كله يبحث عن ذلك. في مجلس الأمن الدولي خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة نوقش موضوع واحد هو التهديد وما يحصل في سورية. وهذا يشغل العالم لذلك فإن العالم مجبور أن يضع حداً لما يحصل.

* على من تراهنون أوروبياً؟ على فرنسا أم على النبرة الجديدة من بريطانيا؟ أعرف أن فرنسا طرحت موضوع الأسلحة الكيماوية وآلية المراقبة التي يفترض أن تأخذ منحى جديداً. تم البحث في الاجتماعات المغلقة في موضوع نوعية وآلية المراقبة من جهة وفي كيفية تصنيف التنظيمات، إرهابية أو غير إرهابية، من جهة أخرى. والى من تركنون ومن هو سندكم وكيف يمكن تصور وجود مخرج؟

– منذ فترة طرحنا رؤيتنا للحل السياسي في لندن، ورؤيتنا واضحة وتلقينا دعماً كبيراً جداً من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والإمارات ومن كل الدول التي شاركت والجميع تحدث وأشاد بهذه الرؤية، وهي رؤية تطرح رحيل بشار الأسد وكلمن ارتكب جرائم بحق الشعب السوري من عصابة بشار الأسد. ولذلك حتى في اجتماعاتنا على هامش الجمعية العامة، كان هناك اجتماع لمجموعة باريس التي تضم أصدقاء الشعب السوري، وكان الموقف واضحاً، والجميع أكد هذه الرؤية. لذلك، كل هذه الدول تدعم وجهة نظرنا وتطلعات شعبنا باتجاه الخلاص من هذا النظام.

* يدعمونها بما يسمى بالكلام المعسول العابر أم أن هناك بالفعل استعداداً لدعمكم ميدانياً؟

– نتمنى أن يتطور هذا الدعم إلى هذا المستوى، ومواقف هذه الدول سواء في مجلس الأمن الدولي أو كل المنابر هي لمصلحة الشعب السوري وثورته وأهدافه، ولكن نتمنى أن يتطور ذلك الدعم إلى دعم حقيقي للضغط على هذا النظام لتغيير ما يحصل.

* هناك تشكيك بكم كمعارضة، ولا تؤاخذني على الصراحة في هذا الموضوع. أنتم تتحملون عبء جزء كبير من المصيبة التي حلت بسورية، ليس لأنكم من دمر سورية بل بسبب أخطائكم وانقساماتكم وتشرذمكم. هل، أولاً، تعترض على ما أقوله؟

– لا أبداً، لا أعترض على هذا الكلام. نعم، تعاني الثورة السورية من انقسامات، وهذا أمر طبيعي يحصل في كل الثورات، ولكن إن لاحظتم في الفترة الأخيرة كان هناك تطور كبير. الهيئة العليا للمفاوضات تضم الآن طيفاً واسعاً وكبيراً من المعارضة السورية السياسية مجتمع مدني ومكونات أخرى، والأهم العسكرية. الهيئة العليا للمفاوضات، عدد أعضائها هو من المكونات العسكرية. الآن هناك موقف واحد والرؤية التي قدمناها هي رؤية كل السوريين.

* هي جريئة وأقدمت على تغييرات كثيرة ولكنها ما زالت إلى حد ما ناقصة وغير متجانسة كلياً مع الواقع. طبعاً لك الحق بالطموح وبالرؤيوية أنما يبدو أنها ما زالت بعيدة عن الواقع.

– كي تكوني في الصورة، هذه الرؤية هي للسوريين ونحن طرحناها عبر أشهر عدة وكانت محل نقاش بين كل المكونات والشرائح السورية. وبنيناها على القرارات الأممية ووفق ثوابت الثورة وأهدافها وحاولنا قدر المستطاع أن نعمل على وحدة سورية ووحدة أراضيها واستقلالها ووحدة المجتمع السوري والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية. طبعاً هناك مؤسسات تحتاج إلى إعادة هيكلة وبخاصة الأمنية والعسكرية. أنا لا أقول إن هذه الرؤية مثالية مئة في المئة ولكن قلنا في شكل واضح إنها رؤية دينامية وفيها كل المرونة وقابلة للتطوير في ما يتوافق مع تطلعات الشعب السوري لتحقيق المستقبل الأفضل للشعب السوري.

* واقعياً ومنطقياً هل تخشى أن تطول جداً المأساة السورية والحرب في سورية، عشر سنوات، عشرين سنة، خمس سنوات؟

– لا، لا. المسألة السورية لن تطول كثيراً ونحن في نهايات الأزمة.

* ماذا يعني أنها لن تطول؟

– يعني أن الأزمة السورية الآن لم تعد كما ذكرت منذ قليل، لم تعد أزمة السوريين.

* هذا تهديد.

– ليست تهديداً. حاولت الولايات المتحدة الأميركية أن تكون الأزمة السورية ضمن الحدود السورية ولكن الآن الأزمة انسابت عبر الحدود وشاهدنا تدفق اللاجئين والإرهاب الذي أنتجه هذا النظام عبر الحدود. إيران والميليشيات التي جلبتها من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان، والقوات الروسية الموجودة على الأرض السورية، والحرس الثوري الإيراني وغيرهم. الأزمة لم تعد محصورة بين السوريين. هم يقولون إن الحل سوري سوري. اتركوا السوريين ليقرروا مصيرهم بأنفسهم. هذا الكلام نسمعه من لافروف والإيرانيين. إن كانوا جادين فعلاً فليخرجوا من سورية، ولتخرج القوات الروسية والإيرانية والميليشيات ونترك الشعب السوري ليقرر هو مصيره مع هذا النظام. هل سيبقى هذا النظام شهراً واحداً. هم من يبقي هذا النظام على قيد الحياة.

* نعم وهم لا يخفون ذلك.

– لا، بل هم يخفون ذلك، إذا كانوا يتحملون هذا الكلام، لماذا إذاً هم موجودون في سورية؟ ليتركوا الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه.

* سؤالي الأخير، حلب معركة مصيرية للجميع، روسيا وإيران والنظام والمعارضة، وربما داعش وأمثاله. ماذا تتوقع وكيف ترى ما سيحدث في حلب؟

– حلب مهمة بالنسبة لنا، وللأسف أهلنا في حلب يتعرضون للإبادة من قبل القوات الروسية والإيرانية، وروسيا تستخدم للمرة الأولى أسلحة جديدة متطورة جداً وتعمل كالزلزال، قنابل ارتجاجية، زنة القنبلة ٢،٥ طن. روسيا الآن تتبع حرب الإبادة بحق الشعب السوري كما فعلت في الشيشان، وتفعل هذا مع أهالي حلب. والحمدلله أهلنا وثوارنا صامدون، ولكن الألم كبير والخسائر كبيرة، على الأطفال والنساء والدمار الذي يحصل، ولكن هناك معركة في حلب، وهناك معارك أخرى مفتوحة، وتقدم للثوار في مناطق أخرى في حماة. والمعركة في حلب لن تنتهي الآن، وإنما هي مستمرة. يتقدم النظام في موقع، ولكن يستطيع الثوار استعادته في ما بعد. وهذا ما حصل. تقدم النظام في العديد من المناطق واستطاع الثوار استعادتها من النظام والقوات الروسية. يعني القوة التدميرية التي تستخدمها روسيا هي شيء فظيع.

* لماذا لا تطلبون من أصدقائكم الاحتجاج في مجلس الأمن إن كانت تلك القنابل الارتجاجية غير قانونية؟

– هي محرمة دولياً وهم يستخدمونها ضد المدنيين. اليوم تحدثت مع بان كي مون وطلبت منه أن يصرح للإعلام ويتحمل مسؤوليته بصفته الأمين العام للأمم المتحدة تجاه ما تستخدمه روسيا وإيران والنظام من أسلحة محرمة دولياً. غازات سامة ونابالم وقنابل فوسفورية وعنقودية، والآن القنابل الارتجاجية.

– الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على علاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لماذا لا تطرحون الموضوع من خلاله أو هل طلبتم منه أن يقوم بشيء في هذا الإطار؟

– نطلب من الجميع.

* تركيا بالذات، رجب طيب أردوغان؟

– نطلب من الجميع ومن مجلس الأمن. نطالب الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الشعب السوري. ما يحصل للمدنيين السوريين والشعب السوري من إبادة تقوم بها روسيا وإيران وهذا النظام المجرم.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى