صفحات الثقافة

زوجة عبدالرحمن منيف: سرقة وتشويه مكتبته ومخطوطاته

 

 

 

كتبت السيدة سعاد قوادري منيف، زوجة الروائي الراحل عبد الرحمن منيف، في صفحتها الفايسبوكية، ثلاثة إعلانات حول تعرض تراث الروائي السعودي عبد الرحمن منيف للسرقة والتشويه… جاء في الإعلان الأول على لسان زوجة منيف: “ارتكبت الخطأ الكبير الذي سيؤلمني ما حييت، العمل الذي تسبب في ضياع ونهب تراث عبد الرحمن منيف ومكتبته. الخطأ المريع الذي لن يُمحى من ذاكرتي وكياني، أنني بدافع إنساني استضفتُ في هذا البيت عائلة كنت أظن انهم تستحق المساعدة عندما تعرض بيتها للاصابة في المواجهات والكائن في حرستا من ريف دمشق”. أضافت منيف: “أقام سامي حمزة برقاوي مع زوجته رندة عبد الكريم، في حين أساءا الأمانة، وأفصحوا عن نواياهم المبيتة لي فاشتركت العائلة حمزة برقاوي وزوجته ماجدة شاكر بالسطو على المكتبة وكامل تراث الروائي عبد الرحمن منيف”.

وجاء في الإعلان الثاني: “هل يمكن لعقل أن يتصور أن الفاعل صور مكتبة غنية بكتبها القديمة والتي تتجاوز الـ15 ألف كتاب، بينها الموسوعات والقواميس العربي والفرنسي والإنكليزي الضخمة والحوليات والدوريات وووو.. والتي تبدأ من بداية القرن من تراث عربي أصيل، وكتب عن حضارة المنطقة، وكتب تعتبر بحد ذاتها وثائق نادرة والطبعات الاولى لكتب لم يعاد طبعها.

وليس هذا فقط لم يوفر المجلدات الكبيرة للأهم من المجلات التي ظهرت في المنطقة العربية من مصر والعراق وسورية ولبنان وكامل المنطقة، لم يوفر الكتب الموجودة بكل اللغات الانكليزية والفرنسية ولغات اخرى، وليس هذا فقط انتهك الحقوق الفكرية لكتبه ورواياته الخاصة فصور وتصرف كما يحلو له للمتاجرة.

كيف حصل التدمير والإتلاف والتشويه حتى نال الكتب ما نال، وما آلت اليه، يدمي ويفتت القلب تبين انه يخلع الغلاف غير مبالٍ بما يتعرض له ويفتح ملازم ويصوّر ثم يعاد لمه بطريقة بدائية وقذرة ويقطع ليسوى حسب تصوره أنه يخفي الجريمة ويلصق بمواد رخيصة وتصبح الكتب كقطع خشبية خالية من الحنان الهوامش الضائعة، وأحياناً تترك دون إرجاع الغلاف لتلفه اثناء الخلع ربما، وعمليات تشويه مريعة أغلفة قذرة أغلفة ممزقة وحالات من تلفيق ولصق وما شاكلها لن يتصور او يصدق ما حصل لمكتبة عبد الرحمن، ولو نطقت لقالت الويل على هذا الاجرام بحقها وحق الثقافة وهذا الذي يعتبر انه مسؤول عن اتحاد كتاب أتصور كما سماه حتى من يعرفونه انه متاجر بالكتب حتى الاناس البسطاء الذين يدخلون الى المكتبة يفزعون من هذا المنظر حتى ان احدهم صرخ حتى ابن خلدون بهذه الصورة؟!

ليس هذا فقط! فقد وضع مكان النسخ الأصلية لبعض الكتب صورة ومشوّهة وأخذ الأصل ايضا فتركت مكتبة عبد الرحمن حزينة قذرة ومشوّهة لا أعتقد انه يستفاد منها بعد ما تعرضت له والتي كنت احلم بتحويلها الى مكتبة وطنية وأخذ الفاعل صورة عنها لا أعرف نواياه من هذا المشروع الكبير؟ ومن خلفه؟ برسم التحقيقات والزمن وما غايتي الا ان يعرف الجميع ان كل ما يصدّر عن هذه العائلة باطل وسرقة وأي استحواذ لهذه المادة يعتبر غير مشروع سيلاحق عليها عائلته وورثته في اي مكان..

وجاء في الاعلان الثالث: “سرقة أوراق منيف الخاصة وكل المدونات وتخطيطات ورسوم عائدة له ولبعض رسامين كبار يرسمون على دفاتره احيانا، والمريع سرقة مخطوطات لم تنشر بعد وأوراقه اليومية التي كنت قد بدأت بكتابة البعض استعدادا للنشر بما تشبه المذكرات تمزيق اوراق من بعض الدفاتر وسرقة وتصوير بعض المخطوطات في كثير من الأحيان تسرق الأصلية وتترك صور.. اما الرسائل التي فرزتها وحضرتها للنشر لكثير من الكتاب أصدقاء عبد الرحمن من روائيين وفنانين واصدقاء من كل حدب وصوب بالمئات سرقت أيضاً!”.

وأردفت منيف: “فعلاً إذا تكلمت اياماً بالتفاصيل لن انتهي، ورغم أني اعرف بأن هذا البلاء جاءني في لحظة تدمر البلدان ويدمر البلد الذي أحبَّه واختاره ليثبت مكتبته وتراثه به والمخطوطة التي بدأ يكتب فيها عن دمشق مع عاشق دمشق صديقه مروان قصاب باشي، والذي لم يكتمل بسبب المتاعب الصحية الاخيرة… هل عبد الرحمن منيف لكونه لا يحمل اي جنسية بلد انه لا أحد، والذي حمل هموم هذه الأمة جميعها وأحب إنسانها وتكلم باسمهم جميعا، اتوجه الآن وبحرقة الى كل الأصدقاء ليطلقوا كلمتهم”…

المدن

 

اغتيال إرث عبد الرحمن منيف/ نوال العلي
بيروت
“هل عبد الرحمن منيف لا أحد؟”، تطرح زوجته سعاد قوادري، على حسابها في “فيسبوك”، هذا السؤال المؤلم، مستنكرة “لكونه لا يحمل جنسية أي بلد، هل هو لا أحد؟”. نفهم من قراءة ثلاثة إعلانات صادمة كتبتها قوادري أن تساؤلها يأتي إثر تعرّض مكتبة صاحب “مدن الملح” للسرقة والتشويه والإتلاف بصور مختلفة.
وهي تقف الآن وقد أُسقط في يدها لتعرف إن كان منيف (1933 – 2004)، الذي عاش غريب بلادٍ، فيما صارت كتبه موطناً للقرّاء، سيجد من يدافع عن مكتبته الـ”غنية بكتبها القديمة والتي تتجاوز الخمسة عشر ألف كتاب، بينها الموسوعات والقواميس والحوليّات والدوريات… والتي تعود لبداية القرن، بما تضم من تراث عربي أصيل وكتب عن حضارة المنطقة، وكتب تعتبر بحد ذاتها وثائق نادرة، والطبعات الأولى لكتب لم يُعَد طبعها”، وفق وصفها.
تتّهم قوادري، بشكل صريح، أمين سر الاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الفلسطينيين، حمزة برقاوي، وابنه سامي، بـ”تدمير وإتلاف وتشويه” المكتبة. وروت في التفاصيل، مبادرتها باستضافة الابن سامي برقاوي إثر تعرّض بيته في منطقة حرستا في ريف دمشق للقصف، كنوع من تقديم المأوى والمساعدة.
تقول قوادري: “ارتكبت الخطأ الكبير الذي سيؤلمني ما حييت، العمل الذي تسبب في ضياع ونهب تراث عبد الرحمن منيف ومكتبته، الخطأ المريع الذي لن يمحى من ذاكرتي وكياني. إنني بدافع إنساني استضفت في هذا البيت ابن العائلة التي كنت أظن أنه يستحق المساعدة عندما تعرض بيته للإصابة في المواجهات […] أقام سامي حمزة برقاوي مع زوجته رندة عبد الكريم، في حين أساء الأمانة […] اشتركت عائلة حمزة برقاوي وزوجته ماجدة شاكر بالسطو على المكتبة وكامل تراث الروائي عبد الرحمن منيف”.
وفي اتصال مع “العربي الجديد”، تروي قوادري التفاصيل: “كنت أستعد للسفر لزيارة أبنائي في أميركا ودبي، حين تعرّض منزل سامي للقصف، وهم أصدقاء لنا، فقلت لا بأس أن يجلسوا في البيت لحين عودتي، من دون أي مقابل بالطبع”.
وتبيّن أنها كانت قد وضعت المخطوطات المهمة والثمينة في خزنة، لكن برقاوي طلب منها المفاتيح قبل أن تغادر بحجّة أن الأمن قد يمرّ في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، أو قد يتعرض المكان لأي شيء ومن الأفضل أن تظل المفاتيح معه، وهنا تبكّت نفسها معتبرة أن الأمر كان ضرباً من الغباء منها.
وتخبر قوادري “العربي الجديد”: “عدت بعد قرابة تسعة أشهر. كان كل شيء مهملاً، واعتقدت أن حالة المكتبة التي يرثى لها نتيجة الإهمال فقط. كنت ممتعضة جداً، ولأن الوقت كان شتاءً لم أقم بترتيبها. البيت كبير ومرّ وقت قبل أن أبدأ بترتيبها واكتشاف ما حدث”.
وفي تفاصيل إعلانها على “فيسبوك”، تستهجن كيف استطاع برقاوي تصوير محتويات المكتبة الضخمة. وعن ذلك، تقول لـ”العربي الجديد”: “لقد عرفت أن هذا الأمر مكلف جداً، لذلك لا أعتقد أنه جهد أفراد”، مضيفة: “لقد تأكدت أن البرقاوي من قام بذلك، لأن اسمه كان مكتوباً على من أرسل له الكتب لإعادة التغليف بعد إتلافها، وقد نسي أن يزيل اسمه. كما أنني كنت أضع في بداية كل يوميات عدد صفحاتها، وقد وجدت أن كثيراً من الدفاتر التي كانت في خمسين صفحة أصبحت ثلاثين، وأنا قلقة الآن لأنه اجتزأ من يوميات منيف مخافة أن يقوم بالتشويه فيها بالزيادة عليها مثلاً”.
ليس هذا فقط، بل إنه “انتهك الحقوق الفكرية لكتبه ورواياته الخاصة، فصوّر وتصرف كما يحلو له للمتاجرة. يخلع الغلاف غير مبالٍ بما يتعرض له، ويفتح ملازم ويصوّر ثم يعيد لمّه بطريقة بدائية”، مضيفةً أنه قام بـ”وضع صور مشوهة مكان النسخ الأصلية لبعض الكتب وأخذ الأصل. فتركت مكتبة عبد الرحمن حزينة قذرة ومشوّهة”.
أما الرسائل بين منيف وأصدقائه والتي كانت قوادري قد فرزتها وأعدتها للنشر، فقد سرقت هي الأخرى، إضافة إلى يومياته الخاصة التي كانت نشرت بعضاً منها وكانت ستنشر ما تبقى على التوالي، وكذلك “سرقت أوراقه الخاصة وكل المدونات، وتخطيطات ورسوم عائدة له ولبعض رسامين كبار رسموا على دفاتره أحياناً. والمريع سرقة مخطوطات لم تنشر بعد”. وبدايات لروايات، كما أضافت لنا، لم يكملها منيف.
لكن لماذا انتظرت قوادري كل هذه الشهور حتى تعلن ما حدث؟ تجيب بأنها أرسلت وساطات من المثقفين والأصدقاء بهدف تسوية الأمر، ولكن برقاوي الابن أنكر وزعم أنها اخترعت الأمر كلّه، ثم قيل لها “إن الأمر لا يستأهل كل هذا”. وعن اللجوء إلى القضاء، تبيّن “لقد تحدثت إلى محام فعلاً وقال لي إن سرقة مكتبة والشأن الثقافي برمته في ظل ظروف الحرب الآن هو أمر مهمّش، ولا يعتقد أن اللجوء إلى القضاء سيكون مجدياً”.
“العربي الجديد” اتصلت بسامي برقاوي الذي قال “ليس لدينا ما نقوله سوى أن ما ورد في بيان القوادري محض افتراء وأكاذيب وعار من الصحة”. وأضاف “لقد أقمت في منزلها تسعة شهور بطلب منها بحكم العلاقة التي تربط العائلتين والتي تمتد ﻷكثر من 50 عاماً والتي فسرت موقفها لاحقاً بأنه بدافع من الشفقة”.
ولدى السؤال عن تفسيره لهذا “الافتراء” إذا كانت تربط العائلتين صداقة عميقة إلى هذا الحد، أجاب برقاوي: “لا ندري من هي الجهة التي دفعتها لذلك” مستنكراً: “هل يعقل بأن سرقة كبيرة بهذا الحجم تكتشف بعد سنة كاملة (غادر برقاوي المنزل في 4/3/2014)، سنة كاملة كفيلة بأن تلفق ما تريد. هي تتكلم عن سرقة وإتلاف ما يزيد عن 15000 كتاب، من يتعرض لسرقة من هذا النوع لا يمكنه الانتظار يوماً واحداً، سيتصرف بسرعة باللجوء إلى القضاء. ما لجأت إليه منذ البداية هو الرغبة في التشهير واﻹساءة؛ بدأت بي وانتهت بوالدي وعائلتي. نحن كعائلة لا ندري السبب الحقيقي، التفسير الوحيد أنها تود بناء مجد لها من خلال اسم زوجها على حساب سمعة اﻷخرين”.

العربي الجديد

مصائر المثقف/ نجوان درويش

وقفة سعاد قوادري دفاعاً عن الإرث الأدبي لرفيق دربها عبد الرحمن منيف، مشهد تراجيدي بامتياز. كل ما هو شخصي فيه يحيل إلى الجماعي ويستعيد الدروب الشقيّة التي سار عليها المثقف العربي الذي احترم نفسه وشعبه.
لا يتعلق الأمر بصاحب “مدن الملح” وحده، فمصائر الأمور تفتح دفتر الاستعارات. وعلى الفور يذكّرنا نهب مكتبة منيف في دمشق بتدمير بيت جبرا إبراهيم جبرا في بغداد عام 2010.
أية مصائر مريرة لبيوت المثقفين العرب بين الغزو الأجنبي والاستبداد الداخلي – “غزاة الداخل والخارج” كما كان يسمّيهم هجّاء زمانه عبد الوهاب البياتي.
عاش منيف حياته بشجاعة تليق بكاتب وحفر أكثر من غيره في أخدود الحرية الصلد، وما زال صوته مسموعاً بعد عقد وسنة على رحيله.
المفزع أن زوجته وحدها الآن تدافع عنه وتحاول استرداد ما نهب من مكتبته في زمن الخراب السوري الكبير. لكن، في خضم الفزع، لا نستطيع إخفاء إعجابنا بالسيدة سعاد ومثيلاتها.
بعد رحيله عام 2004 حاول السفير السعودي في دمشق احتواء عائلة منيف الذي سُحبت منه جنسية بلده. يقال إنه عرض عليهم إعادة الجنسية وأن ردّ زوجته كان: ما سُحب من عبد الرحمن في حياته لا نقبله بعد موته.
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى