صفحات الثقافة

سأحل محل الطاعون


عبد الوهاب الملوح

‘إن لم أقتل أشعر إني وحيد’ هكذا كان يهذي كاليغولا وهو ما يهتف به الا ن بشار الأسد ردا على طلبات ايقاف عمليات التقتيل التي تحولت إلى إبادة شاملة لشعب بأكمله بطريقة منظمة .. هذا ما يريده بشار الأسد الذي جاء إلى السياسة من باب ‘أنا وبعدي الطوفان’ .

الآن وقد افْتُضِحَ أمره واتضح إن نظامه ليس إلا مجرد عصابة عائلية شأنه شأن الأنظمة العربية الأخرى التي تحكمها مافيات الكارتيلات التجارية ورجال أعمال نهب أموال المجموعة العامة وتحويلها إلى حساباتهم الخاصة في بنوك أجنبية فهذا النظام وإن روَّج لنفسه على انه خط الدفاع الأخير عن العروبة والعرب وانه النظام الوحيد الذي بقي في مواجهة ‘العدو’ وأنه وحده رمز المقاومة من اجل فلسطين بما تستدعيه من مواجهة ونضال وعدم انجرار وراء دعاوي السلام وانحيازه لقضايا الشعوب المناوئة للنظم الامبريالية وعلى رأسها أمريكا .. وهو فعلا كذلك مع فارق وحيد انه ينحاز إلى الأنظمة وليس الشعوب هذه الأنظمة الكليانية الشمولية التي تقود سياستها عقيدةُ القضاء على كل من يقف معارضا لبرامجها ويدعو إلى نقد توجهاتها؛ أنظمة توتالتارية؛ شوفينية لا تعمل وفق إرادة شعوبها ولا تخطط وفق حاجياتهم بقدر ما تنزع نحو تطبيق برامج لتوسيع دائرة نفوذها العائلي أو فرض سلطتها الايديولوجية التي تريدهاعقيدة كل الناس في جميع الأزمان ..

وفي الحالتين العائلية أو العقيدية ليس ثمة مجال للحرية؛ ليس ثمة مجال لقول ‘لا’؛ والعلاقة بين الحاكم والمحكوم تنبني على الطاعة والخضوع وعدم رفع الرأس للنظر إلى الشمس والرضا بما تجود به يد الحاكم التي هي دائما كريمة في كل شي في البطش كما في إلقاء التحايا عن بعد ..

وفي الحالتين تكون الدولة جهازا في خدمة مصالح خاصة وليست أداة لخدمة الشعب وبالتالي فعدم الامتثال والعصيان هو بمثابة إعلان الحرب فلا حق لأحد على الحاكم الذي ليس له ما يقدمه إلا أن يُطاع وأن يُعبد كالاه معاق وهو ما لن يمنعه أن يرسل آلته وزبانيته إلى تنفيذ عمليات الإبادة والتطهير والقتل العشوائي وهذا تحديدا ما ينجزه الآن نظام عائلة الأسد بشار وأخوه ومتعهدي مجازر في الجيش؛ يشرفون على عملية إبادة ممنهجة ومنظمة للشعب السوري انطلاقا من غرفة عمليات مدعومة بجهات من الخارج ليس من صالحها أن يقرر الشعب السوري مصيره بيده فاستقرار هذه الجهات رهين بقاء الأسد شأنها شأن بعض التنظيمات السياسية التي ترتبط مدة صلوحيتها بنفود حكم الاسد عائلة الملكية الجمهورية في الشام ..

ولأن من حق الحاكم أن يعاقب شعبه بالطرق التي يراها سالمة سوف يحرم الناس أولا من ا لماء والكهرباء وكأنها مزيته عليهم وكأنه من وهبهم الحياة وسيعمد إلى الترهيب من خلال الاعتقالات والمداهمات الليلية والضرب ولأن الأولاد أشقياء ولا يتربون وسيغيرون من أساليب تمردهم سيرسل ميليشياته لتأديبهم أثناء أداء صلواتهم وأثناء أنجاز أعمالهم وأثناء فعل الحب أيضا ..

وبما إن الأمر ليس مجرد لعبة بالنسبة للشعب الذي سيواصل تمرده ويطالب بإسقاط النظام سيعمد الأسد إلى الإبادة الشاملة وقطع جذور من يتجرأ ويقول لا باستعمال جميع الطرق: إنزال بري وإنزال بحري وإنزال جوي..

ولو تعلق الأمر بتحرير الجولان ما خرجت كل هده القوى العسكرية

ولو تعلق الأمر يعني باستعادة لواء الاسكندرونة ما استدعى هذا العدد المهول من المدرعات والمجنزرات والدبابات والمليشيات..

لعله ارث جيني في عائلة الأسد هذا الذي يجعلهم دمويين بهذا الشكل المأساوي فعلا انها لمأساة ان يبيد رئيس حاكم شعبه الأعزل وهو ما فعلته إسرائيل في غزة ولإسرائيل وفق منطقها الخاص الحق في ذلك فما هو المنطق الخاص للأسد الذي يبيح له إجراء عمليا ت إبادة منظمة لقد استفرد بهم وتغوَّل واستقوى بطغمة من ضباطه الذين لا يعرفون إن الجيش مهمته الأولى والأخيرة الدفاع عن الشعب ولكن للأسف ها هو الجيش السوري بصدد انجاز اكبر مجزرة في التاريخ في حق شعبه.

أوائل الثمانينيات من القرن الماضي نفذ الأسد الأب مجزرة في حماة وفي أوائل هذا القرن كانت أحداث القامشلي و ما خلفته من ضحايا والآن هاهي كل الشام تنتفض والأسد الابن يريد أن يثبت لأبيه براعته وانه قادر على ما لم يكن سيقدر عليه لو كان حيا؛ إرث عائلي وبارانويا جينية هذه التي تتناسل في عائلة الأسد ‘لا ارتاح الا بين الموتي’! عبارة أخرى من عبارات كاليغولا الذي كان يعاني من داء عظمة الجنون ولا يرى غيره في الكون والبقية رعاع بهائم تحت حذائه شا،هم شأن حصانه هذا ما يتكرر الآن في شخص الأسد وحاشيته التي ترى في سورية ضيعة خاصة ليس من حق أحد أن يدخلها أو يتحرك فيها إلا بإعلان الولاء التام لأفراد العائلة كبارا وصغارا ومن لم يولدوا بعد ومن هنا سوف يتم تشريع ما يحدث من تعتيم وتقتيل وتهجير غير أن الشعب الجبار الذي يغير من أساليبه كل مرة يغذي عزيمته حبه للحياة ويدفعه إلى الأمام إيمانه بعدل مطالبه وإيمانه بحقه في العيش الكريم وفي الحرية فهة الشعب الذي لم ينحن يوما وأنجب الأبطال على جميع الأصعدة وهو الشعب الذي يضرب كل مرة موعدا مع التاريخ ليبرهن أن التاريخ يصنعه الأحرار ومهما حدث في درعا أو حماة؛ في دير الزور أو في اللاذقية حي الرملي؛ في حمص أو حسر الشغور فإن الشعب لا يتربي ولن يتربي من اجل أن ينال حريته وحتى إذا أعاد بشار ما قاله كايغولا ‘سأحل محل الطاعون’ فهذا الشهب لن يندثر وسيخرج منتصرا معافى.

شاعر من تونس

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى