صفحات العالم

سقوط دب نظام الاسد العجوز

 


علي الحاج – لم يعد الشعب السوري خائفا من آلة العنف المستخدمة من الدولة والشرعيه الوحيدة المقبولة لديه الان هي صندوق الاقتراع .

لقد اصبح الرئيس السوري بشار الأسد تحت ضغط متزايد لتقديم استقالته . تسمع الان حيثما تجولت في شوارع دمشق القديمة همسات تتنبأ بوقوع نظام الاسد , لا احد يعلم او يسأل عن كيف سيتم هذا .

لعقود كانت هذه عاصمة جمهورية الصمت السوري . وعندما تزور وزارء سابقين ورجال اعمال مقربين من النظام تشعر وكأنك في مشهد من مشاهد الدراما السورية الشهيرة . فقد نجح هذا التمثيل المسرحي في اقناع العالم العربي بان الارهابيين المتطرفين قد اندسوا في صفوف المعارضين ولكن هذه المسرحية لم تنجح في اقناع اطفال درعا بهذا .

المغفلون يقولون لك بانهم ضد العمليات التي تقوم بها قوات الامن وينتقدون قمع المتظاهرين ولكن وفي الوقت نفسه هم متأكدون بان النظام السوري قائم على نظرية اساسية غير قابلة للتفاوض وهي نظرية القبضة الحديدية . يتطلب الاصلاح السياسي من نظام الاسد بحل هذه القبضة مما سيضعفه ويسارع بانهياره .

بعض من شخوص هذا النظام عرف عن قرب كيفية تفكير الغرب اذ ان العديد منهم شغلوا مناصب سفراء في عهد حافظ الاسد وابنه بشار ويقولون بوضوح : نحن نعلم ان الغرب جاد في تعامله مع النظام والضغوط التي يمارسها كبيرة ومخطأ الرئيس الاسد في اعتقاده بانه سينجو اذا ما استمر في اتباع نهجه هذا . البعض منهم يبدو اسفه على السنين التي امضاها في بناء علاقات سوريه الدولية التي تضيع الان هباءا .

يواجه الشعب السوري اشرس واكثر نظام دموي في الشرق الاوسط ومع هذا ينزل الى الشارع كل يوم جمعه بايدي فارغة وصدور عارية معرضين انفسهم للقناصة والدبابات للتصويب عليهم وقتلهم . يتحدى الشعب كافة الاجراءات المعقدة والموضوعه بعناية من قبل نظام الاسد لمنع المتظاهرين من الوصول الى الساحات لاحباط فكرة قيام ساحة مشابهه لساحة التحرير المصرية . يعتقد الشعب السوري بان وقت التغيير قد جاء ولا يمكنهم التراجع الان . هم لا يخافون آلة العنف المستخدمة من الدولة ولن يقبلوا بالاصلاحات التي يعد بها النظام نهارا ثم يتراجع عنها ليلا , لقد فقدت الدولة كامل مصداقيتها وشرعيتها .

ان الشرعية الوحيدة المقبولة لدى الشعب السوري هي الشرعية التي تعطيها صناديق الاقتراع . عندما تسأل السوريون عن موقف الغرب يقولون لك لا شك بان العالم المتحضر لن يتركهم معزولين وان الشرعية الدولية هي افضل السبل الان وبان مصالح الغرب تكمن في قيام سوريه ديمقراطية ومسالمة تسعى الى التطور العلمي والاقتصادي والاجتماعي .

بمعنى اخر , عكس ما يحصل الان تماما وهو الارتكاز على التدخل في شؤون الدول الاخرى وابتزاز الحكومات .

لا نستطيع تحليل الوضع في سوريه دون النظر الى الصورة ككل مع عدم التغاضي عن التفاصيل . الصورة الكاملة تجمع بين الوضع الداخلي وخيارات الدول المجاورة ودول المنطقة وموقف الغرب . يظهر هذا المشهد في تلاوينه وتصاويره المختلفة مصير نظام الاسد ليشبّهه بدب عجوز , ولد في مارس 1963 , يتهاوى الان من اعلى غصن في الشجرة .

يحاول العالم التخفيف من وطأة هذا السقوط ومنع حدوث انفجار في المنطقة اذ ليس امامه مشكلة تركيا والاكراد , لبنان وتناقضاته السنية الشيعية المسيحية الدرزية , العراق , الاردن وتداخلاتها القبلية الاثنية والدينية مع سوريه فقط , ولكن ايضا اسرائيل التي لا تثق بعد الان بنظام يعرّض شعبه الى كافة اشكال العنف والقمع .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى