صفحات العالم

سوريا.. بداية النهاية


طارق الحميد

مع إعلان كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بأن على بشار الأسد الرحيل، وطرح الملف السوري بمجلس الأمن، تكون الثورة السورية قد دخلت المنعطف الأهم برحلة الدم والدمار والكفاح، حيث إننا بتنا أمام بداية نهاية النظام الأسدي.

فما كنا نراه أمراً واقعاً لا محالة كان البعض، ساسة وإعلاماً ومثقفين، يرونه أماني وحماساً زائداً، ومثالية، لكن ما غفل عنه كثر من هؤلاء أنه من الخطأ بالحالة السورية التحليل، أو قراءة الأحداث، وفق المنطق، بل وفق عقلية النظام الأسدي الذي لم يصل إلى ما وصل إليه اليوم بسبب تخطيط مدبر من الخارج الذي منح الأسد فرصاً لم تمنح لكثير من الأنظمة العربية، بل بفضل أخطاء مذهلة ارتكبها النظام، ومنذ تولي الأسد الحكم، وحتى التصعيد الدموي المرعب بحق العزل السوريين، فقد استمرأ النظام الأسدي التذاكي وقطع الوعود، والارتماء في أحضان إيران، وتكريس الطائفية ليس بسوريا وحدها بل وبالمنطقة كلها؛ فالأخطاء الأسدية فاقت حتى أخطاء صدام حسين بالعراق، فبعث سوريا دائماً ما كان منبطحاً للنخبة الحاكمة، وليس شريكاً، أو ضمانة.

ولذا فإن الأخطاء الأسدية لن تتوقف بأي حال من الأحوال، فهذا نظام يحكمه الغرور والقراءات الخاطئة، ولا يرى حلولا إلا بالدم والدمار، ومن هنا فعلينا اليوم أن نراقب عن كثب تحركات خيوط اللعبة بمنطقتنا والتي أسميها محاولة تخفيف الضغط عن نظام الأسد؛ فبالأمس شهدنا عملية إيلات التي استهدفت حافلة إسرائيلية، وقبلها بيومين سمعنا زعيم جمعية الوفاق البحرينية مهدداً بالتصعيد لسنين، وملوحاً بالاستعانة بالداخل والخارج، والأدهى والأمرّ والأكثر سخرية، قول نوري المالكي إن الربيع العربي ما هو إلا خدمة لإسرائيل.. تخيلوا أن يصدر هذا التصريح من رجل طالما قال إن هناك أنظمة عربية لا تريد الديمقراطية بالعراق، وإن بغداد ستكون حاملة شعلة التغيير الديمقراطي بالمنطقة.. المالكي نفسه الذي دافع عن الجماعات الشيعية البحرينية، وشن هو والمحسوبون على حزبه وحكومته هجوماً عنيفاً على دول الخليج دفاعاً عن شيعة البحرين!

ومن هنا نعود، وبعد أن ثبت أننا لسنا حالمين، أو عاطفيين، لنجدد القول بأنه بات على العرب التحرك اليوم ومن خلال الجامعة العربية لسحب السفراء العرب من سوريا، وتجميد عضوية النظام الأسدي، فالوقت بات مناسباً لفعل ذلك الآن، وليس لأن الغرب تحرك، بل لأن الأرضية باتت جاهزة مع سحب دول عربية أخرى لسفرائها، وتصاعد الإدانة العربية لنظام بشار الأسد، خصوصاً بعد خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز التاريخي عن سوريا، والذي شكل نقطة تحول بالثورة السورية حيث قاد للتحرك الغربي، وليس العكس كما يحاول البعض القول زيفاً.

التصدي العربي للنظام الأسدي، بحال حدث، يعني أن العرب تعلموا الدرس جيداً ولن يكرروا أخطاء الأمس عندما تجنبوا مواجهة أخطاء صدام حسين من البداية، كما تعني أن العرب باتوا يعون أهمية حماية السوريين العزل، وفرصة تخليص المنطقة من أحد أبرز الأنظمة التخريبية والقمعية، وقطع يد إيران من المنطقة. ولذا نقول: تحركوا فقد سار القطار.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى