صفحات العالم

سوريا.. حتى الدابي تذمر!


طارق الحميد

من الواضح أن النظام الأسدي بات يفقد صوابه، حيث صعّد النظام أمس من موجة العنف بمناطق عدة بسوريا، وفاق عدد القتلى السوريين الثمانين قتيلا، هذا عدا عن عودة السيارات المفخخة التي لا تخرج إلا كل يوم جمعة، والحمد لله أنه لا توجد سيارات بلحى وإلا لأخرجها النظام الأسدي بالشوارع كدليل على وجود إرهابيين!

والسؤال الآن: لماذا فقد النظام الأسدي صوابه بهذه الطريقة، وبات يصعّد في مجازره إلى حد دعا حتى رئيس بعثة مراقبي جامعة الدول العربية لسوريا الفريق محمد الدابي لإصدار بيان يقول فيه إن معدلات العنف تصاعدت بشكل كبير في الأيام الثلاثة الماضية، خاصة بحمص وحماه وإدلب، مطالبا، أي الدابي، «بوقف العنف فورا حفاظا على أرواح أبناء الشعب السوري وإفساح المجال أمام الحلول السلمية»؟

وللإجابة عن السؤال، فإن الواضح هنا أن المبادرة العربية القاضية بتنحي بشار الأسد قد أفقدت طاغية دمشق صوابه، حيث فتحت تلك المبادرة آفاقا جديدة للتعاطي مع الملف السوري، حيث نقلته عمليا لمجلس الأمن، وها نحن نشهد معركة كبرى تخاض الآن بالأمم المتحدة من أجل أن يتبنى مجلس الأمن المبادرة العربية تلك. وخوف النظام الأسدي الآن متركز على خشية أن يقوم الروس ببيعه، خصوصا بحال تم تسديد فاتورة المطالب الروسية، وهذا أمر متوقع، حيث فعلها الروس مرارا سواء مع إيران أو غيرها، ويجب أن لا ننسى هنا تصريحا مهما صدر عن بوتين قبل أسابيع قليلة قال فيه إن على الغرب مراعاة مصالح روسيا الاستراتيجية في أي قرار يتخذونه، ولذا فإن النظام الأسدي يريد اليوم الإسراع بتحقيق وضع مختلف على الأرض ليقنع موسكو بجدية صموده أمام الثورة، وكذلك فرض أمر واقع على الدول العربية!

لكن المؤكد اليوم أن الوقت قد فات على بشار الأسد، الذي بات نظامه يرتكب أخطاء كثيرة على الأرض؛ فحتى حلب التي كانت تنأى بنفسها عن الثورة السورية وقع بها قرابة عشرة قتلى على أيدي النظام الأسدي أمس، كما ثبتت مشاركة الضباط الإيرانيين في دعم النظام الأسدي بسوريا عبر شريط الفيديو الذي بث لهم أمس من قبل الجيش الحر. وكما أسلفنا أعلاه، فحتى الفريق الدابي لم يتحمل وأجبر على كسر صمته أمام حجم القتل الذي يقع بحق المواطنين السوريين، وقال أخيرا كلمة حق، بعد أن قوبل تقريره عن الأوضاع في سوريا بالرفض والإدانة، وهو ما يؤكد صحة الموقف السعودي يوم سحبت الرياض مراقبيها، وأعلنت السعودية أنها لن تكون شاهدة زور، وهو الموقف نفسه الذي تبناه الخليجيون بعد ذلك.

ملخص القول أن النظام الأسدي بات يسارع الوقت للحفاظ على رأسه، لكن الواضح أن عجلة التغيير قد انطلقت وبشكل سريع على الأرض، وأسرع حتى من الجهود الدبلوماسية العربية والدولية، ولذا فإننا سنرى مزيدا من المجازر والحماقات التي سيرتكبها النظام الأسدي هناك، فكان الله بعون السوريين.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى