صفحات العالم

سوريا.. حديث الملك والعم!


طارق الحميد

لا أعتقد أن نظاما عربيا تعرض للإهانة مثلما يتعرض النظام بسوريا اليوم، عائليا، وداخليا، وإقليميا، وحتى دوليا. ناهيك عن الموقف العربي. ونحن لا نتحدث عن حملات إعلامية، بل مواقف دول ومؤسسات.

عائليا صرح رفعت الأسد، عم بشار الأسد، وأيا كان الموقف منه، بتصريحات خطيرة، حيث كشف واقع الطائفة العلوية، والدوائر المقربة من النظام، حين قال إنها تشعر بالخوف، لكن لا أحد يجرؤ على الانتقاد، أو حتى الانشقاق، كما أنهم، أي الدوائر المقربة والطائفة، تخشى من الانتقام في المرحلة المقبلة، داعيا ابن أخيه، صراحة، لتسليم السلطة للشعب، وتصريحات العم تعد الأولى من نوعها؛ حيث تكشف عن خوف الطائفة والدوائر المقربة من النظام.

أما داخليا، بسوريا، فإن الشعارات المنددة بالنظام بلغت حدا غير مسبوق، ولم تحدث حتى لصدام حسين، أو مبارك، أو القذافي، والحكم هيبة بالطبع، بل وكما قال لي مسؤول عربي كبير عالم ببواطن الأمور في سوريا ودوائر صنع القرار فيها، فإن «المسافة بين نظام بشار الأسد ومعارضيه بالداخل باتت طويلة جدا، وغير قابلة للتقارب، حيث إنها كحجم المسافة بين اللسان والأذن بوجه الإنسان»!

عربيا، ها هي الجامعة العربية تطالب النظام الأسدي، وحكومته، بالاعتذار الرسمي، ليس عن عدم حمايته للسفارات العربية، وإنما عن «ما صدر من المندوب الدائم السوري تجاه مجلس الجامعة من عبارات نابية وغير دبلوماسية في اجتماع مجلس الجامعة بتاريخ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي»، وهذا ليس كل شيء، بل يكفي تأمل تصريحات صديق وحليف الأمس للنظام الأسدي الشيخ حمد بن جاسم، للنظام الأسدي؛ حيث حذره من اللف والدوران حول مقررات الجامعة العربية، وما يتم الاتفاق عليه معها!

وبعيدا عن الجامعة، لكن عربيا أيضا، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لتلفزيون «بي بي سي» إنه لو كان مكان الأسد لتنحى من الحكم، وهذا تصريح ليس من مسؤول عادي معروف عنه النزق أو الانفعال، بل إنه تصريح صادر من ملك عربي دائما وأبدا ما يتقي شرور النظام الأسدي، وطوال قرابة العشر سنوات الماضية؛ حيث عرف عنه أنه يحرص على الحكمة والتروي حيال كل ما يصدر من النظام الأسدي تجاه الأردن، وحتى الملك شخصيا، خصوصا أن النظام الأسدي لم يكن متعقلا أبدا تجاه الأردن ومليكه طوال تلك الفترة!

وبالطبع لا بد من تذكر أمر مهم جدا هنا وهو الخطاب التاريخي للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حول ضرورة وقف آلة القتل بسوريا، وهو التعبير الذي بات سائدا اليوم، هذا عدا عن سحب السفير السعودي من دمشق، وقبل أميركا وفرنسا.

وهناك بالطبع الموقف التركي المتصاعد، الذي بلغ حد مخاطبة رئيس الوزراء التركي أردوغان، الحليف السابق للنظام الأسدي، بشار الأسد بالقول «أنت يا بشار»! وبالطبع هناك المواقف الأوروبية والأميركية. وعليه، وبعد كل ما سبق، فإن المتبقي للنظام الأسدي الآن هو لحظة إسدال الستار، لا أكثر ولا أقل، سواء طال الزمان أم قصر.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى