صفحات العالم

سوريا مفكّكة أخطر من سوريا قوية

 

    رندى حيدر

يتصاعد القلق الإسرائيلي يوماً بعد يوم من انعكاسات تطور الأوضاع في سوريا على إسرائيل، وخصوصا في ظل استمرار القتال بين قوات نظام الأسد والمعارضة المسلحة السورية من دون حسم واقترابه من الحدود الإسرائيلية – السورية، وتراجع سيطرة السلطة المركزية وتصاعد قوة التنظيمات الإسلامية الراديكالية المرتبطة بـ”القاعدة”، والخوف الكبير من انتقال السلاح غير التقليدي الذي في حوزة سوريا الى أيدي منظمات متطرفة تضمر عداء شديدا  لإسرائيل والغرب مثل “حزب الله” في لبنان، والتنظيمات الجهادية التي تنشط في انحاء عدة من سوريا.

وهكذا بعد مرور أقل من سنتين على الثورة السورية، لم تعد بديهية المقولة الإسرائيلية التي برزت في بداية الأحداث بأن سقوط نظام الأسد يصب في مصلحة إسرائيل لأنه سيشكل ضربة لنفوذ إيران في المنطقة، وسيضعف “حزب الله”، وسيؤدي الى خروج سوريا من “محور الشر”، وأن استمرار القتال في سوريا يخدم في نهاية المطاف إسرائيل. فقد بدأت تبرز خطورة تفكك سوريا وسقوطها في دوامة الفوضى والعنف، واضطرابات المرحلة الانتقالية التي ستلي مرحلة ما بعد الأسد. وبدأ الإسرئيليون يشعرون بضرورة بلورة استراتيجية جديدة لمواجهة الاخطار الجديدة التي لا تقل عن الخطر السابق التي تمثله سوريا.

تستعد إسرائيل منذ اليوم لمواجهة الوضع المعقد والغامض الناتج من استمرار الأزمة في سوريا والتحسب لما بعد سقوط الأسد. وثمة اقتناع إسرائيلي بأن لا عودة للوضع في سوريا الى ما كان عليه بقطع النظر عن مدى قدرة نظام الأسد على الصمود والانجازات التي حققها الثوار على الأرض. ففي النتيجة تحولت سوريا اليوم بؤرة للنزاع الأهلي والطائفي، وللصراع الإقليمي والدولي. ولم يعد هناك وجود لأي من مرتكزات الاستراتيجيا الإسرائيلية التي وضعت في مواجهتها خلال العقود السابقة. فإذا كانت الحرب الأهلية الطاحنة قد أبعدت شبح الحرب التقليدية بين إسرائيل وسوريا، فانها فتحت الباب واسعاً امام  احتمال تحول الحدود السورية مستقبلاً جبهة مفتوحة ضد إسرائيل. كما أن احتمال زوال حكم عائلة الأسد وتغير موازين القوى في الداخل السوري يحتم مقاربة إسرائيلية غير تلك التي كانت قائمة حتى اليوم، وهي لا تزال غير واضحة نظراً الى تعقيد الوضع السوري.

لا تستطيع إسرائيل القبول بأن يحل محل خطر التحالف الثلاثي سوريا – إيران – “حزب لله”، خطر التهديد الإسلامي الراديكالي الجهادي على حدودها. وهي ترى أن التصدي لهذا الخطر يتطلب استراتيجية مشتركة بينها وبين دول المنطقة وخصوصا مع الولايات المتحدة. من هنا الأهمية الكبيرة التي توليها إسرائيل للزيارة المرتقبة للرئيس أوباما.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى