صفحات العالم

سوريا.. هل صدر البيان رقم واحد؟

 


طارق الحميد

للأسبوع السابع على التوالي تتواصل انتفاضة الشعب السوري ضد النظام، بلا توقف، أو وهن، بل هناك ثبات وإصرار، وتنوع في المناطق الجغرافية، مما يعكس صلابة التحرك الداخلي في سوريا، وعمق أزمة النظام الذي يبدو وكأنه يغرق في الرمل.

هذه الجمعة، أو «جمعة التحدي»، شهدت تصعيدا جديدا، فيه امتداد لظواهر سابقة، ولكن بشكل أكبر، فهذه الجمعة يلاحظ أن جل «اليافطات» المحمولة فيها من قبل المتظاهرين تندد بالرئيس السوري نفسه، وليس بالقمع، أو الحزب. وهذا يعني أن خط العودة قد قطع بين النظام والسوريين المنتفضين، ولا يمكن النظر للمتظاهرين على أنهم أقلية، أو طائفة، بل إن حركة التظاهر قد طالت جل المدن السورية، بما فيها دمشق، وحمص، وحلب، وحماة، وفي مناطق الأكراد، وغيرها من المدن والمناطق، وحتى من قبل علويين، وغيرهم.

فما الذي سيفعله النظام الآن؟ هل يحكم الشعب ويؤمن المدن بالدبابات، ويستمر نظاما مشروخا، ضعيفا، على خطى نظام البشير في السودان، الذي قسم البلد مقابل البقاء على كرسي الحكم؟ أم أنه سيكون هناك انقلاب على النظام من داخله لتدارك ما يمكن تداركه؟ أم أن «جمعة التحدي» تستمر وتصمد لينقسم الجيش، وخصوصا أن معلومات تتردد عن اشتباكات بين الجيش والأمن في حمص، ومناطق أخرى، وبالتالي تكون سوريا الأسد تسير على خطى ليبيا القذافي؟ كلها أسئلة مستحقة. فالواضح أن النظام لم يستوعب ما يدور حوله، بل غير مصدق أن شعبه انتفض، شبيها بطريقة القذافي يوم أن قال في كلمته الشهيرة (خطاب زنقة – زنقة) لليبيين: «ما الذي جرا لكم؟!.. وش فيكم؟!». فيبدو أن النظام السوري لم يستوعب أن قواعد اللعبة اختلفت، وأنه لا يمكن حكم الناس بالخوف، مثل ما فعل صدام حسين، الوجه الآخر لـ«البعث» الذي يعتبر في المشهد الأخير من مشاهد النهاية.

وتغير قواعد اللعبة في سوريا بات واضحا.. فاليوم خرجت حمص وحلب ودمشق، وطال القمع حتى رجال الدين، مما ينبئ بانقسامات أكبر بين صفوفهم.. فبعد خروج حلب، مدينة التجار، وكذلك العاصمة، اعتقل النظام السوري إماما بارزا في دمشق، فإذا خرجت مدينة التجار، والريف، والعاصمة، وسجلت حالات تمرد في الجيش، فما الذي تبقى للنظام؟

لذا، فإن خروج كل تلك المدن السورية، وللأسبوع السابع على التوالي، وهناك حديث اليوم عن اختفاء شخصيات سورية مؤثرة، ناهيك بصمت آخرين، وخصوصا أن جل ما نسمعه اليوم منسوب إلى مصدر عسكري، أو مصدر أمني، أو بيان لوزارة الداخلية السورية، وهو على عكس الأسلوب السوري، الذي كان أبرز المتحدثين فيه إما الرئيس نفسه، وإما المستشارة الإعلامية بثينة شعبان؛ كل هذا بات يطرح أسئلة حقيقية عن مدى الشرخ الذي أصاب النظام السوري اليوم، حيث صار المتابع يشعر وكأن البيان رقم واحد قد صدر في سوريا من دون إعلان، أو دون أن ننتبه.. فوجوه اختفت، وحل بدلا منها أشباح «مصادر» وبيانات، وهذا يطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات، وهو دليل على أن ألد أعداء النظام هو النظام نفسه الذي لا يريد أن يصدق الحقائق!

الشرق الأوسط

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى