صفحات العالم

سوريا.. هل عاد شهود الزور؟

 

 


طارق الحميد

هناك معركة إعلامية شرسة تخاض ضد وسائل الإعلام، بكل أنواعها، وجنسياتها، من قبل وسائل إعلام سورية، وذلك على خلفية الانتفاضة الشعبية في سوريا، وهو أمر ملحوظ، وملموس، من خلال متابعة بعض الإعلام السوري، أو ظاهرة «المحللين» التي نشهدها اليوم.

إلا أن اللافت في هذه المعركة الإعلامية، أو قل أكبر مستجد فيها، هو الخبر الذي بثته محطة «فرانس 24» الفرنسية، أول من أمس، حين استضافت سيدة قالت إنها السفيرة السورية لدى فرنسا، وأعلنت خلاله تلك السيدة، استقالتها على الهواء، على اعتبار أنها السفيرة السورية، وذلك جراء القمع الذي يعانيه الشعب السوري. على أثر هذا الخبر قامت الدنيا ولم تقعد إلى اليوم، وأظن أنها لن تهدأ حتى تتكشف الحقائق، حيث سارعت السفيرة السورية لنفي خبر استقالتها عبر تلفزيون بلادها الرسمي، والمحطات الفضائية العربية، وقالت السفيرة إن سيدة ما انتحلت شخصيتها، وهددت بمقاضاة المحطة الفرنسية.. هذه هي القصة، لكن الغريب في كل ذلك هو التفاصيل.

فالمحطة الفرنسية، وفي بيان لها، تقول إنها ربما تكون ضحية تلاعب، حيث تقول المحطة الفرنسية إنها حصلت على الهاتف الجوال الخاص بالسفيرة السورية بباريس عبر الملحقية الإعلامية السورية بفرنسا، وهذا ليس كل شيء، بل إن وكالة «رويترز» بثت خبرا مساء الثلاثاء باللغة العربية، وكررته أمس باللغة الإنجليزية، تقول فيه الوكالة «وكانت (رويترز) قد تحرت النبأ واتصلت بالسفارة السورية في باريس قبل نشر بيان الاستقالة الأول الذي بثته قناة (فرانس 24). وأكد رد عبر البريد الإلكتروني من السفارة أرسل عبر موقعها الإلكتروني استقالة لمياء شكور»!

وبالطبع، وكما أسلفنا فقد نفت السفيرة بشدة استقالتها، وليس الموضوع هنا موضوع مناقشة ذلك، لكن ما يستحق المناقشة هو: هل وصلت المعركة السورية مع الإعلام، بكل أنواعه، وجنسياته، إلى هذا الحد من الشراسة، فقط للقول بأن سوريا تتعرض إلى مؤامرة خارجية؟ أم أننا اليوم أمام قصة «شهود الزور» الجديدة، وعلى غرار ما حدث مع محكمة رفيق الحريري الدولية، حيث استخدمت قصة «شهود الزور» من أجل الطعن بمصداقية المحكمة، وإظهار أنها مسيّسة؟

فانتحال سيدة مجهولة لشخصية السفيرة وإعلان الاستقالة عبر قناة تلفزيونية معروفة ليس بالأمر السهل، خصوصا في فرنسا، والأدهى من كل ذلك أن المحطة الفرنسية تؤكد أنها حصلت على رقم هاتف السفيرة من الملحقية الإعلامية السورية، مع تأكيد «رويترز»، أيضا، على أنها تلقت بريدا إلكترونيا من السفارة يؤكد الاستقالة! ولذا فإما أن هناك من يريد توريط السفيرة السورية من داخل سفارتها، أو أن هناك من يريد تسديد ضربة لوسائل الإعلام، وعلى غرار قضية «شهود الزور» بمحكمة الحريري الدولية فقط ليؤكد أن سوريا تتعرض لمؤامرة خارجية.

ومع منع النظام السوري لوسائل الإعلام من دخول سوريا وتغطية ما يدور هناك، ومع كل قصص النظام التي يبثها إعلامه، ولم تنطلِ على أحد، داخل سوريا نفسها أو خارجها، فربما تكون المحطة الفرنسية ذهبت ضحية عملية «شهود زور» جديدة!

الشرق الأوسط

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى