صفحات سورية

سوريا وشعارات ..الحرية, ولا إله إلا الله

 


زهير قوطرش

كثرت في الاونة الأخيرة المقالات والتحليلات حول شعارات الشباب الثائر في سوريا ,وتناول البعض منهم أي بعض المثقفين(خاصة الماركسيين ,وبعض العلمانيين والليبراليين) هذه الشعارات بالنقد والتجريح , مثل شعار الحرية ,و شعار لا إله إلا الله …. وخاصة بعد حلول الظلام ,حيث أصبح هذا الشعار كلمة السر للشباب الثائر للتنادي والظهور في مسيرات ليلية تطالب بالحرية وإسقاط النظام. وبالوقت نفسه صار موضع تذمر من البعض الذين أبدوا استغرابهم لزج أسم الله عز وجل في حراك وثورة الشباب ضد النظام القمعي الاستبدادي.

وقد علق أحد الكتاب بقوله :

“مقابل كل هذه الشعارات التي تعبر عن جزء صغير مما يطمح إليه الشعب السوري البطل لم يطرح أي شعار مطلبي يعبر عن الواقع الاجتماعي و الاقتصادي الذي يعيشه شعب سوريا و كأن الشعب السوري لاهم له و لا شيء ينقصه إلاّ حريته السياسية فقط و التي تتجلى برفع حالة الطوارئ و وضع قانون أحزاب و إطلاق الحريات السياسية .

لم يطرح أبداً أي شعار يخدم المطالب الأساسية للشعب السوري كرفع الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام و الخاص و خفض الأسعار التموينية و الغذائية الأساسية و المحروقات و السلع الخدمية كالاتصالات و الانترنيت و ربط الأجور بالأسعار و معالجة مشكلة البطالة و البطالة المقنعة و التأكيد على حق العمل و اعتماد الكفاءة و المهنية في التوظيف و إعادة الاهتمام بالزراعة و الصناعة و محاربة الفساد و التأكيد على مجانية الطبابة و الحق في الضمان الصحي و الاجتماعي ومجانية التعليم و إعادة النظر في السياسة التعليمية و القبول الجامعي و التأكيد أيضاً على استقلالية القضاء و نزاهته و أن يكون للسلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب استقلاليتها و حقها في محاسبة السلطة التنفيذية المتمثلة برئاسة الحكومة و الجمهورية ”

 

مع احترامي لكل الرفاق والأخوة المعنيين بما يجري على أرض الحبيبة سورية ,والذين يطالبون الشباب الثائر بطرح شعارات مطلبية ,تم تداولها على صفحات بعض الأحزاب اليسارية وخاصة الشيوعية منها في سوريا ,هذا الطرح الغير مفهومة أبعاده ,والذي اشتم منه تسفيه لحركة وشعارات الشباب الثوري (والثوار ليس بالضرورة أن يكونوا ماركسين).أحب أن أؤكد بأن الشباب الثائر ,منذ بداية الانتفاضة المباركة والتي تحولت إلى ثورة اجتماعية , ومن ثم تطورت في حراكها وأنتجت بعض الشعارات السياسية .كان واعياً ودقيقاً في اختيار شعارات الثورة أو بصريح العبارة كان أوعى من بعض المنظرين اليساريين ,والأحزاب السياسية اليسارية.

فشعار الحرية ,هو الشعار الجامع ,لكل المطالب الاقتصادية والسياسية ,فعند توفر الحرية ,يصبح الشعب جزءاً من تشكيلة النظام ,لأن الحرية قوة دافعة للفرد من أجل تكوين وعيه السياسي ,وبالتالي وعيه لمصالحه الاقتصادية .. والأساس الذي تبنى عليه الحرية ,هو حرية التعبير …أي حرية الإعلام ,وحرية التظاهر ,وحرية تشكيل الأحزاب السياسية ,وحرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني بدون رقابة ,وحرية السفر ,وحرية الاعتقاد …..الخ.

والحرية التي يطالب بها الشباب اليوم يتصورها بعض المثقفين بأنها الفوضى الغير واعية ,هذا صحيح في بعض مظاهرها البدائية وخاصة بعد مرور عشرات السنين من القمع والاستبداد .وهذا ما حصل بعد سقوط الأنظمة الاشتراكية ,لكن نسي هؤلاء المثقفون ,بأن جو الحرية هو المدرسة الأمثل لتكوين الوعي والحس الوطني والاجتماعي وهو القادر على تجاوز سلبيات الماضي وسلبيات المرحلة الانتقالية التي تتطلب من الجميع الصبر ,والعمل التوجيهي المستمر من قبل النخب المثقفة والواعية لطبيعة المرحلة.

فشعار الحرية هو الأساس الذي يلخص كل المطالب الاقتصادية والسياسية للشعب السوري.

أما شعار لا إله إلا الله ,فهو صوت الضعفاء والمقهورين ,الذين يقاومون الاستبداد والقتل من قبل أنظمة أمنية تملك كل وسائل القمع , يقاومونه بصدور عارية ,سلاحهم هو إيمانهم بأن الله الذي لا إله غيره ,هو الأقوى من كل الآلهة التي تألهت على الأرض ,وصارت فراعنة العصر بكهنتها ومنافقيها , وقوتها المادية والأمنية …. الله هو القوة المعنوية لهؤلاء الشباب الثوار في سبيل تحقيق العدل والحرية ورفع الظلم ,هذه القوة التي يتجسد فيها الأمل بالخلاص من الفراعنة ,وهي الأمل والرجاء للذين يدفعون حياتهم ثمناً للحرية ,بأن لهم حياة وعدوا بها في عالم لا ظلم فيه ولا استبداد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى