صفحات سوريةطالب ك إبراهيم

سوريا ولعبة الدمى.. التكتيكية


                                                      طالب ك إبراهيم

فقدت مدينة داريا العشرات من أبنائها في نضالهم السلمي ، داريا هي العاصمة الحقيقية لجماعات النضال السلمي، النافذة الوردية لسوريا السلمية كما تردد في الكثير من هتافاتهم وأعمالهم، قبل أن يتسلح شبابها ويدخلون معترك العين بالعين والسن بالسن.

عدد المظاهرات التي خرجت تطالب بالحرية وانتهت بلا قتل أو اعتقال أو تشبيح يكاد يكون نادراً..

لقد ظهر سلوك النظام الوحشي  منذ اليوم الأول للثورة لا بل منذ اليوم الأول لسيطرة الجلاد الأب على سوريا، لكن السياسة أعطته الفرص الكثيرة ليعبر سياسياً عن حجم الأزمة والحل، فكان التعبير دائماً عسكرياً.

تم اعتقال أحد ضباط فرع فلسطين، هذا الفرع الذي اهتم تاريخياً باعتقال المعارضة السورية والناشطين وبقية الناس والذي مات في أقبيته الكثيرين.

تعرض الضابط للتعذيب تماماً كما كان هو ذاته يعرض معتقليه، و تحدث  وهو تحت الضغط أن رجال الأمن لايطلقون النار على المتظاهرين، ولا يعتبرون المتظاهرين السلميين إرهابيين، و راهن محققيه أيضاً أن يقدموا له اسماً واحد ممن كان الفرع مسؤولاً عن قتله..!

و اعتبر أن أوامر ضرب المتظاهرين لاعلاقة للرئيس بها. وقد كرر لفظ الرئيس أكثر من مرة رغم اعتراض معتقليه، وخاف حين سأله محققه لماذا لا ينشق، لقد قال أن السلطة تعدم أولاده إن هو انشق. ضابط علوي في موقع حساس يؤكد أن الخوف من ردة فعل السلطة هي الرادع الأساسي الذي يقف حائلاً دون الانشقاق..

قي اليوم الثاني لعرض الفلم تعرضت قرية التريسمة لعملية وحشية، حيث قامت عناصر أمن النظام وجيشه فيها بقتل واعتقال الكثيرين، كان هذا قبل أن تقوم القوات ذاتها بالهجوم على حي التضامن والميدان الدمشقيان ومخيمي اليرموك وفلسطين ذوي الغالبية الفلسطينية في الضفة الجنوبية من دمشق، بعد عرض أكثر من فلم عن سيطرة كتائب للجيش الحر على أقسام من تلك الضفاف..

إعلان منطقة ما محررة من قبل عناصر الجيش الحر في سوريا، يعني  هجوم الكتائب الأمنية والعسكرية للنظام، مستخدمين كل سلاح روسي يصل إليهم بغض النظر عن الإدانات الدولية والتي تصب كلها في محاولات حث النظام والمعارضة على حد سواء، بوقف العنف والجلوس حول طاولات السياسة..

مبادرات  الجلوس تلك هي مناورات تكتيكية حول الزمن اللازم لإنتاج مبادرة بحجم الأزمة، مبادرة يحدد تفاصيلها حاملين خارجيين للأزمة الآن، أي روسيا وأمريكا..

تحديد منطقة محررة وانسحاب تكتيكي منها وهجوم النظام بأدواته الوحشية لإنهاء تحررها هي الوجه الدموي والأكثر عنفاً لمرحلة النقطة “التكتيكية” التي تقف عندها الثورة بمكوناتها العسكرية والسياسية، لتحديد موازين قوة الثورة و قوة النظام ومن خلفهما الإرادة الدولية المنقسمة، تكتيك إعطاء المزيد من الوقت لمبادرات بحجم الأزمة أو بحجم المصالح.

هل الحل في سوريا الآن دولي سياسي؟

هل تقف نتائج الصراع الدائر فقط بين مكونين متناقضين، شعب منتقض يريد حريته و طغمة  أمنية حاكمة متسلطة؟

في هذا الوقت ليس ثمة مقدمة واضحة لبدء علاج دولي، مع أن مقدمات التفاوض بدأت منذ فترة.

أمريكا مشغولة بالانتخابات وروسيا تعي ذلك، ومازالت بوابات الولوج إلى مبادرة تصطدم أيضاً وإن من الناحية الشكلية بصدام المعارضات السورية وببرامج شخوصها المنفردين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى